العالم

مركز عالمي: شر إيران لن يتراجع بعد سليماني

مركز مكافحة الإرهاب: الضربة الأمريكية لن تعيد ترتيب أولويات فيلق القدس هيكلة الحرس الثوري ترجح استمرار إسماعيل قآني في المسار العدواني نفسه علاقة سليماني المتميزة بخامنئي وراء تدخل الفيلق في السياسة واللعب خارجيا قآني يفتقد إلى الكاريزما والمهارات ويستند على تاريخ عريق في القمع القائد الجديد يفضل العمل في الظل ويؤكد أنه بعيد عن السياسة الداخلية

بعدما تابع العالم حالة الحسرة التي سيطرت على النظام الإيراني عقب مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني، بات السؤال الكبير الذي يواجه صناع السياسة والمحللين الأمريكيين هو: هل ستبقى هذه الميليشيات الشريرة مرتبطة بشكل وثيق بعمليات الإرهاب في المنطقة، وتواصل دعمها للجماعات الإرهابية والمتمردين، أمثال الحوثيين وحزب الله وغيرهم من الميليشيات الإرهابية المنتشرة في عدد من الدول؟ هل سيعيد النظام الإيراني ترتيب أولوياته بعد مقتل «قائد الظل» الذي لعب دورا رئيسا في تصميم وتنفيذ سياسات إيران في اليمن ولبنان والعراق وسوريا وأفغانستان، ووصلت عملياته الإرهابية إلى عدد كبير من دول العالم، واستمر على مدار عقدين من الزمن ينشر القتل والمؤامرات في العالم؟ أسئلة عدة طرحتها مجلة مركز مكافحة الإرهاب الأمريكية عبر تقرير حاول البحث عن إجابات. مقتل سليماني.. لماذا؟ تعد مسألة الآثار المترتبة على مقتل سليماني واحتمال تعطيل أنشطة الحرس الثوري الإيراني مهمة للغاية لأسباب عدة، منها:
  • تتدخل إيران بشكل مباشر وغير مباشر في عدد كبير من دول المنطقة من اليمن إلى أفغانستان، مرورا بالعراق ولبنان وسوريا.
  • يلعب الحرس الثوري دورا رئيسا في عدد من هذه المسارح عبر مجموعات عدة ومنظمات مختلفة، تشمل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، والميليشيات في العراق، و»الفاطميين» في أفعانستان، و»الزينابيين» في باكستان وميليشيات سوريا.
استمرار الشر هناك عدد من الأسباب للاعتقاد بأن عمليات الحرس الثوري الإيراني لن تتغير بشكل جذري بعد وفاة سليماني، وأن الشر سيتواصل لسببين:
  • تنظيميا: أصبح فيلق القدس مؤسسة بيروقراطية لا تعتمد على الأفراد.
  • شخصيا: لا يعرف حاليا سوى القليل جدا عن خليفة سليماني، إسماعيل قآني، وكل المؤشرات تقول إنه سيواصل استراتيجيته.
خبرة في القمع في الممارسة العملية، تم إنشاء القوة لدعم نظام الأسد خلال الحرب الأهلية السورية، ودفع للمقاتلين بضع مئات من الدولارات شهريا، ووعدوا بحقوق الإقامة للعمل كوقود أساسي لجهود إيران في سوريا. بعد الحرب بين إيران والعراق، كلف قآني بتنفيذ عدد من العمليات المختلفة، بدءا من قمع المعارضة في الداخل وبعثات مكافحة المخدرات والإرشاد والتدريب في الخارج، ثم عمل في الاستخبارات والاستخبارات المضادة. وعلى الرغم من افتقاره إلى الكاريزما والمهارات الشخصية والأعراف التي عُرفت لدى سلفه، إلا أن قآني يحمل تشابها صارخا مع سليماني من نواح كثيرة، وقد تم اختياره جزئيا بسبب حقيقة أنه كان في وضع جيد للإشراف على فترة الانتقال هذه. علاقة قآني وسليماني صداقة قآني وتعاونه مع سليماني يعودان إلى الأيام الأولى للحرب الإيرانية العراقية، وكذلك علاقته بخامنئي. طلب سليماني من قآني الانضمام إلى الحرس الثوري الإيراني، ثم بات نائبه، وعمل معه طوال عقود (من المحتمل أن يكون شغل المنصب منتصف أو أواخر التسعينات)، ويفضل أن يعمل في الظل، ربما بتوجيه من خامنئي وسليماني كجزء من عمله. ووفقا لمصادر الحرس الثوري الإيراني رشح سليماني قآني بنفسه، وأعده لخلافته، حيث كان يتوقع أنه سيقتل في مرحلة ما. وأُجري مع قآني عدد قليل من المقابلات الصحفية، وبدا أنه حريص على الاستمرار في الابتعاد إلى حد كبير عن السياسة الداخلية، وتركيز جهوده على عمليات القوة في المنطقة كما فعل سلفه. وبعد تعيين قاني أكد ظريف أنه كان على علاقة عمل جيدة مع قآني، مشيرا إلى أنهما تحدثا مرات عدة منذ تعيينه كقائد جديد لقوة القدس. لقد قام قآني بالإشراف على الحقائب الاستخباراتية والتشغيلية، وشدد على أن لديه رصيدا كافيا لاستكمال جهود سليماني في جميع المسارح تقريبا. علاقات قآني ومثلما كانت علاقات سليماني الشخصية مصدر قوة، وتعتبر في الوقت نفسه مصدر ضعف محتمل، فإن العلاقات الشخصية مهمة، وهذا هو الحال بشكل خاص في منطقة تكون فيها القنوات والعلاقات الشخصية غير الرسمية ضرورية لنجاح أي لاعب. سيكون لموت سليماني والافتقار النسبي لقيم الكاريزما ومهارات التعامل مع الآخرين تأثير على العلاقات بين القائد الإيراني الوكيل والعمليات الإيرانية في الخارج، على الرغم من أن ذلك ربما كان أقل أهمية بكثير، والذي كانت الولايات المتحدة تأمل فيه بعدما قرر الرئيس ترمب استهداف سليماني. ماذا بعد سليماني؟ قد يؤدي موت سليماني إلى حرمان إيران من شخصية شعبية إلى حد ما، على الأقل في المدى القصير. ومع خروج سليماني من الصورة فقد تشهد قواته انخفاضا في الروح المعنوية، لكن هناك أسبابا أخرى للاعتقاد بأن الحرس الثوري الإيراني سيواصل أنشطته الشريرة داخل المنطقة وخارجها، حيث ساعد سليماني على بناء مؤسسة قابلة للتكيف والاستدامة. فخلال فترة ولايته هيمن الحرس الثوري بشكل كبير، وبات قادرا على تدريب وتقديم المشورة والمساعدة والتعبئة ونشر القوات في مختلف المسارح «إرسال المقاتلين الباكستانيين للقتال في سوريا على سبيل المثال»، وليس فقط دعم الميليشيات المحلية، كما فعل في السابق «دعم الميليشيات اللبنانية في لبنان». وقد يختلف أسلوب قيادة قآني بطرق ما عن أسلوب سليماني، لكن من المحتمل أن يتماشى بشكل عام مع نهج سلفه. في بعض المناطق قد تساعد تجربة قآني السابقة في الحرس الثوري الإيراني على تطوير كفاءات وعلاقات أساسية معينة. على سبيل المثال، نظرا لتجربته في قيادة الوحدات التي تضم عددا كبيرا من السكان الأفغان خلال الحرب الإيرانية العراقية، وفهمه لحكم طالبان في التسعينات، وعلاقاته مع الميليشيات الأفغانية المنشأة منذ الحرب الإيرانية العراقية لدعم جهود إيران في سوريا، وقد يكون وضعه جيدا لمساعدة الفاطميين في باكستان. خليفة سليماني لا يعتبر العميد إسماعيل قآني معروفا لمعظم الإيرانيين ناهيك عن الأمريكيين، حيث كان يعمل غالبا مع قائد الظل، وانضم، مثل سليماني، إلى الحرس الثوري الإيراني عندما كان شابا. كان عمره 20 عاما عندما أطاحت الثورة بالشاه، مما أدى إلى إضفاء الطابع المؤسسي على قوة حرب العصابات التي تم إنشاؤها خلال الأحداث التي بلغت ذروتها في تأسيس الجمهورية في عام 1979. بعد فترة وجيزة هاجم العراق إيران، وبدأت الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت ثماني سنوات (1980-1988)، وانضم قاني إلى المجهود الحربي، ومثل سليماني وعدد من الشخصيات المهمة الأخرى في المشهد العسكري الإيراني، تتركز خبرته في أنه محارب قديم. من بين مهام قآني العديدة أثناء الحرب أنه كان مسؤولا عن الإشراف على وحدتين كانتا تتألفان جزئيا من مقاتلين أفغان، وهذا أمر مهم، لأن بعض المحاربين الأفغان القدامى في الحرب الإيرانية العراقية وأبناءهم اليوم ينتمون إلى قوات «الفاطميين»، وهي ميليشيات شيعية أفغانية تقاتل في سوريا لدعم نظام الأسد. هيمنة سليماني استولى سليماني على فيلق القدس بمجرد إنشاء الوحدة وتشغيلها بالفعل، لكنه قام بتوسيعها وإضفاء الطابع المؤسسي عليها، نظرا للأهمية القصوى لمجموعتها. كانت القوة تابعة مباشرة للمرشد الأعلى علي خامنئي الذي عين أيضا قائدا للوحدة، وكثيرا ما شوهد سليماني جالسا بجانب خامنئي خلال الأحداث الرئيسة، وجميع المؤشرات تشير إلى وجود علاقة حميمة وثقة كبيرة بينهما. في المقابل ساعد هذا الوصول المتميز إلى أعلى سلطة في البلاد على دفع سليماني إلى منصب لم يشغله سوى عدد قليل جدا في السياسة الإيرانية، وغالبا ما يوصف بأنه ثاني أقوى رجل في إيران. اللعب بالسياسة رغم أن مهمة الحرس الثوري الإيراني كانت عسكرية في المقام الأول، إلا أن قيادته كانت في الغالب بمثابة السلك الدبلوماسي الثاني لإيران، وتلعب بالسياسة لسببين:
  • أولا: من الناحية الاستراتيجية والتشغيلية، بالنظر إلى الدور الرئيسي الذي تلعبه القوات بالوكالة في عقيدة الدفاع الإيراني ووجود هذه القوات في الدول الإقليمية الرئيسة، كان من المنطقي أن يعمل الحرس الثوري الإيراني أيضا على مسار سياسي، وكذلك مسار عسكري.
  • ثانيا: كان سليماني فعالا بشكل لا يصدق، ومعروف بجاذبيته وقدرته على بناء العلاقات الناضجة واستدامتها، ومن هنا، تمكنت إيران من استخدام علاقاته مع الأفراد الرئيسيين لتطوير جدول أعمالها في الداخل مثل الخارج.
حافظ سليماني على علاقات عمل جيدة مع لاعبين رئيسيين، بدءا من وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف «المعروف في الغالب بموقفه المؤيد للانخراط في المفاوضات، واستعداده للعمل مع نظرائه الأمريكيين ورؤساء مختلف الجماعات الإرهابية والميليشيات». دوره في العراق لعب سليماني دور الوسيط القوي في العراق. ورغم أنه اشتهر في الولايات المتحدة بعمله مع الميليشيات الشيعية لكنه احتفظ بعلاقات متميزة مع السلطة المركزية والأكراد. وضمن قوته الخاصة كان معروفا كقائد حميم العلاقة بالنسبة لأتباعه، مثلما كان مهندس الدم والقتل والتدمير بالنسبة للأمريكان، حيث قتل الآلاف على يديه. كيف ظهر فيلق القدس
  • أنشأت إيران الحرس الثوري الإيراني في 1990 ليحل محل مكتب حركات التحرير بموجب أمر من المرشد الإيراني علي خامنئي بعد تولي منصب الإرشاد.
  • ساعد مكتب حركات التحرير في بناء البنية التحتية للحرس الثوري في أوائل الثمانينات، وكانت مهمته الرئيسة نشر القوات في لبنان عام 1982 لدعم حزب الله اللبناني.
  • لم تبدأ هذه الحركات من الصفر، ففي عهد الشاه كانت منظمة الاستخبارات الرئيسة في البلاد المعروفة اختصارا باسمها الفارسي»سافاك» مسؤولة عن هذه العلاقات.
  • تم تأسيس الحرس الثوري لخلافة حركة مكتب حركات التحرير التي بدأت مع الثورة الإيرانية عام 1979، وصممت القوة الجديدة لمعالجة التدخلات الإقليمية في البلاد والعلاقات بالوكالة.
  • في عام 1998 أصبح قاسم سليماني القائد الثاني للحرس الثوري الإيراني، خلفا للجنرال أحمد وحيدي، وساعد وصوله في ازدهار نشاط الحرس، وكانت علاقته المتميزة مع خامنئي دافعا في تعزيز مكانته.
  • تطورت قوة القدس إلى منظمة بيروقراطية كاملة مع إدارات مختلفة، كل منها يشرف على مختلف المحافظ، حدث الانتقال من وحيدي إلى سليماني، وتطور الحرس الثوري الإيراني في ظل المخاوف المتزايدة في إيران بشأن طالبان في التسعينات.