المشروع المشروع الفكر الفكر وانتحار سائق الأجرة!
سنابل موقوتة
الاثنين / 9 / جمادى الآخرة / 1441 هـ - 21:00 - الاثنين 3 فبراير 2020 21:00
لست من كبار المعجبين بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، لكن بعض عباراته تعجبني لأسباب لا أعلمها ولا أفهمها، وحين أردت كتابة هذا المقال كانت فكرة العنوان هي المشروع المشروع، وكلمة المشروع الأولى من مشاريع والثانية من الشرعية. ولكني بعد أن كتبته تذكرت عنوان رواية القذافي «القرية القرية الأرض الأرض وانتحار رائد الفضاء»، فقررت أن أمضي قدما في كتابة عنوان مشابه تأسيا بمآثر الراحل التي لا تكاد تذكر.
والحديث هنا عن المشاريع الفكرية وليس المشاريع المادية، والتي تعاني هي الأخرى من التعثر ومن فساد المقاول.
نتفق جميعا ـ أو نكاد نفعل ـ بأن المشروع الذي سيطر وتمكن وتربع على كل شيء لفترة طويلة هو مشروع الصحوة، والقول بأنه كان شرا محضا هو محض افتراء وكذلك القول بأنه خير محض، لكنه تعثر لفساد المقاول مثله مثل أي مشروع آخر، السلبية الأبرز أو العيب القاتل في مشروع الصحوة يكمن في فكرة «لا أريكم إلا ما أرى»، وهي فكرة أثبتت فسادها منذ أيام فرعون، وستبقى فكرة فاشلة قاتلة لأي مشروع يتبناها.
ومما ساعد الصحوة على التمكن ـ إضافة إلى التبني الحكومي لها ـ هو أنها كانت تقريبا المشروع الوحيد، قابلها فريق آخر ليس لديه مشروع خاص به، مشروعه كان محاربة الصحوة فقط، وحين اندثرت الصحوة ـ أو تكاد ـ بفعل التخلي الحكومي عنها وليس بفعل المشروع المضاد، أصبح يقف في الملعب وحيدا لا يدري ماذا يفعل ولا إلى أين يتجه، وهذا يحدث حتى في كرة القدم لمن يعرفها، فبعض الفرق تجيد تخريب طريقة لعب الفريق الخصم، لكنها حين تقطع الكرة وتصبح بحوزتها لا تعرف كيف تتصرف بها، فتبدأ في تشتيتها وممارسة اللعب العشوائي الممل.
هذا ما يحدث الآن مع الفريق الذي كان مشروعه محاربة الصحوة، لا يعلمون أين يقفون ولا كيف يتحركون، يحاولون السيطرة على الملعب بأدوات الفريق الخاسر نفسها ويتبنون بشكل غريب الخطة نفسها «لا أريكم إلا ما أرى».
ليس لديهم رؤيتهم الخاصة، فكل أدبياتهم وفنونهم مبنية على فكرة واحدة لم تعد تجدي نفعا الآن لأنها تقوم على مهاجمة فريق لم يعد موجودا على أرض الملعب.
وهذا الفراغ وانعدام المشروع يجعلانهم أحيانا يتبنون أفكارا متطرفة لمجرد التواجد، فيعمدون إلى ربط كل مظهر إسلامي بالصحوة حتى تسهل مهاجمته، لم تعد معركة المرأة التي كانت ساحة الصراع بينهم وبين الصحويين مجدية، ولم تعد الفنون التي كانت إحدى أدوات الاقتتال بين الفريقين مطلبا ولا مثيرة للجماهير، ولذلك لا بد من اختراع شيء لمهاجمته، لأن خطتهم تعتمد على مهاجمة شيء ما وليس بناء شيء ما، مشروعهم هو إفساد مشاريع الآخرين وليس تبني مشروع خاص، الآن هم يعزفون على أوتار بأمل أن تطرب الجماهير المتعطشة للإثارة، مثل التراث وصحة الأحاديث النبوية، والتشكيك في الثوابت والطعن في الأموات.
وعلى أي حال..
المعضلة الحقيقية في كل مشروع هم أنصاف المثقفين، وعلماء قوقل الذين يهاجمون أفكارا لا يعرفونها لمجرد أن مهاجمتها «موضة» سائدة، ويدافعون عن أفكار لا يفهمونها لمجرد أنها تبدو أكثر نخبوية، أما الفايروس الذي يدمر كل فكرة وكل مشروع مهما كان جميلا وحصينا فهو المتلونون المتقلبون الذين تسير سفنهم حسب اتجاه الريح فكل الاتجاهات وجهتهم، إن قادتهم الريح يمينا غنوا لليمين، وإن هبت الرياح يسارا صار اليسار قبلتهم ومهوى أفئدتهم.
agrni@
والحديث هنا عن المشاريع الفكرية وليس المشاريع المادية، والتي تعاني هي الأخرى من التعثر ومن فساد المقاول.
نتفق جميعا ـ أو نكاد نفعل ـ بأن المشروع الذي سيطر وتمكن وتربع على كل شيء لفترة طويلة هو مشروع الصحوة، والقول بأنه كان شرا محضا هو محض افتراء وكذلك القول بأنه خير محض، لكنه تعثر لفساد المقاول مثله مثل أي مشروع آخر، السلبية الأبرز أو العيب القاتل في مشروع الصحوة يكمن في فكرة «لا أريكم إلا ما أرى»، وهي فكرة أثبتت فسادها منذ أيام فرعون، وستبقى فكرة فاشلة قاتلة لأي مشروع يتبناها.
ومما ساعد الصحوة على التمكن ـ إضافة إلى التبني الحكومي لها ـ هو أنها كانت تقريبا المشروع الوحيد، قابلها فريق آخر ليس لديه مشروع خاص به، مشروعه كان محاربة الصحوة فقط، وحين اندثرت الصحوة ـ أو تكاد ـ بفعل التخلي الحكومي عنها وليس بفعل المشروع المضاد، أصبح يقف في الملعب وحيدا لا يدري ماذا يفعل ولا إلى أين يتجه، وهذا يحدث حتى في كرة القدم لمن يعرفها، فبعض الفرق تجيد تخريب طريقة لعب الفريق الخصم، لكنها حين تقطع الكرة وتصبح بحوزتها لا تعرف كيف تتصرف بها، فتبدأ في تشتيتها وممارسة اللعب العشوائي الممل.
هذا ما يحدث الآن مع الفريق الذي كان مشروعه محاربة الصحوة، لا يعلمون أين يقفون ولا كيف يتحركون، يحاولون السيطرة على الملعب بأدوات الفريق الخاسر نفسها ويتبنون بشكل غريب الخطة نفسها «لا أريكم إلا ما أرى».
ليس لديهم رؤيتهم الخاصة، فكل أدبياتهم وفنونهم مبنية على فكرة واحدة لم تعد تجدي نفعا الآن لأنها تقوم على مهاجمة فريق لم يعد موجودا على أرض الملعب.
وهذا الفراغ وانعدام المشروع يجعلانهم أحيانا يتبنون أفكارا متطرفة لمجرد التواجد، فيعمدون إلى ربط كل مظهر إسلامي بالصحوة حتى تسهل مهاجمته، لم تعد معركة المرأة التي كانت ساحة الصراع بينهم وبين الصحويين مجدية، ولم تعد الفنون التي كانت إحدى أدوات الاقتتال بين الفريقين مطلبا ولا مثيرة للجماهير، ولذلك لا بد من اختراع شيء لمهاجمته، لأن خطتهم تعتمد على مهاجمة شيء ما وليس بناء شيء ما، مشروعهم هو إفساد مشاريع الآخرين وليس تبني مشروع خاص، الآن هم يعزفون على أوتار بأمل أن تطرب الجماهير المتعطشة للإثارة، مثل التراث وصحة الأحاديث النبوية، والتشكيك في الثوابت والطعن في الأموات.
وعلى أي حال..
المعضلة الحقيقية في كل مشروع هم أنصاف المثقفين، وعلماء قوقل الذين يهاجمون أفكارا لا يعرفونها لمجرد أن مهاجمتها «موضة» سائدة، ويدافعون عن أفكار لا يفهمونها لمجرد أنها تبدو أكثر نخبوية، أما الفايروس الذي يدمر كل فكرة وكل مشروع مهما كان جميلا وحصينا فهو المتلونون المتقلبون الذين تسير سفنهم حسب اتجاه الريح فكل الاتجاهات وجهتهم، إن قادتهم الريح يمينا غنوا لليمين، وإن هبت الرياح يسارا صار اليسار قبلتهم ومهوى أفئدتهم.
agrni@