الجودة بين التوثيق والتطبيق
الجمعة / 6 / جمادى الآخرة / 1441 هـ - 21:00 - الجمعة 31 يناير 2020 21:00
المنظومات الصحية من أكثر بيئات الأعمال تباينا وتفاوتا، فعلى مستوى التأهيل والتعليم، تظهر فروقات شتى بين العاملين، فمن حملة الزمالات التي تعادل شهادة الدكتوراه، وما بعدها من دراسات تخصصية، إلى الماجستير والبكالوريوس، وصولا إلى خريجي المعاهد من فنيين ومساعدين.
تعد الفئات الفنية technicians في هذه البيئات الأكثر حضورا في المشهد عددا وتأثيرا، وعلى الرغم من ذلك يظلون منسيين على الجانب التدريبي والتثقيفي من جانبين، الأول من الفئات الأكثر تعليما وتمكنا وظيفيا وإداريا، والثاني يكمن في نسيانهم أنفسهم وعدم محاولتهم تطوير مهاراتهم وزيادة معارفهم للحاق بركب المجموعات الأكثر تأهيلا وتدريبا وتميزا في تلك المنظومات، كالأطباء والصيادلة وأصحاب المؤهلات العليا في التخصصات الصحية المختلفة.
هذه المقدمة وما بعدها كان باعثها حوار بين طبيبة استشارية والقائمين على أحد الأقسام المساندة، الطبيبة تستفسر عن بعض الإجراءات الفنية، ورئيس القسم متحدث جيد استطاع أن يثبت لها صحة الإجراء الذي اتخذه قسمه، الطبيبة بذكاء شديد وقدرة على تسجيل موقف مهني يعكس مدى إدراكها للعملية الصحية بكاملها تساءلت قائلة: هل جميع الفنيين يدركون ويفهمون هذه الإجراءات والمعايير التي تتحدث عنها؟
هذا السؤال جعلني أحاول تأصيل موضوع ذلك الحوار أو الإشكال، والمتمثل في كون كثير من السياسات والإجراءات المتعلقة بالجودة تظل حبرا على ورق، مجرد قراطيس في ملفات تحفظ كالوثائق في بعض المكتبات، يرجع إليها عند الحاجة، والأخيرة تتمثل في عملية تجديد تاريخ سياسة عمل، أو إبرازها لمفتش منظومة أو هيئة تمنح اعتمادا للمنشأة يبقيها شكلا، كمؤسسة صحية علاجية معتمدة من بعض المنظمات المحلية كالمجلس السعودي لتقييم المؤسسات الصحية CBAHI أو منظمات ومجالس دولية مثل JCI.
هذه المنظمات بعد أن تستوفي المنشأة الصحية كل معايير الاعتماد المطلوبة يجري ضبط تلك السياسات والإجراءات وتوثيقها، إلا أن السواد الأعظم من العاملين يبقون خارج التغطية كما يقال، فهم منتمون إلى هذه المؤسسة الصحية المعتمدة، وفي الوقت نفسه لا يعرفون أبسط مفاهيم تلك المعايير، والسبب أن مناشط الجودة وتفاعلاتها تبقى أسيرة لمشرفي الجودة الذين يحصنون أنفسهم بتلك السياسات والإجراءات الورقية، والبقية الباقية من العاملين يظلون ضيوف شرف على المفهوم والممارسة.
القصور الذي يعتري مفاهيم الجودة في أقسام المستشفيات له أسباب عدة، أهمها أن الفئات الفنية المساعدة تحجم عن التعلم ولا تستسيغ تطبيق معايير الجودة، لتظل مؤشرات الجودة التي يتابعها مشرفو الجودة أرقاما يمكن تحويرها وإعادة تدويرها، ثم تصديرها لتعكس صورة مثالية زائفة، لا تمثل الواقع ولا مشاكله وخيباته المتكررة، لذلك يجب على مقدمي الخدمات الصحية تفعيل مؤشرات الجودة، وتفعيل دور الفئات الصحية المختلفة في أماكن عملها، وقياس مدى قدرة هذه الفئات على التعاطي والتماهي مع مؤشرات الجودة ومعاييرها ومفاهيمها بصور احترافية بعيدة عن الصور المبتذلة التي تبقي مشرف الجودة في القسم يعرف كل شيء، لكنه يظل مجرد حارس يحفظ الأوراق ولا يمارس أدوارا تعليمية تثقيفية فعالة وصحيحة، تساهم في زيادة وعي العاملين وترسيخ المفاهيم الصحيحة بين الموظفين من أجل أن تصبح الجودة ثقافة عملية يؤمن بها الجميع، وليست مجرد شكل من أشكال الظهور والمميزات التي يستفيد منها البعض على شكل جوائز وشهادات وحوافز ودورات، لأنهم الأسماء المحصورة فيهم الجودة ومناشطها ومنجزاتها، وفي المقابل لم يقدموا شيئا يذكر فيشكر، يفيد الموظف البسيط ويجعله عضوا فاعلا في تلك المنظومة بمقاييس الجودة وشعاراتها المختلفة.
الجودة في أبسط معانيها عمل صحيح في زمن بسيط من خلال تشارك ثقافة تعاونية تعم الجميع، أما حصر جودة المرافق الصحية في كراسات ورقية وملفات عتيقة لا ينعكس أثرها على بيئة العمل، فذلك تدليس، وخيبة تظهر نتائجها في صور من الأخطاء الكارثية التي تعيد المنظومة وعامليها إلى مستوى صفري من الأداء، والأخطر إلى مستوى صفري من الثقة عند المريض، كونه المستهدف الأول بالخدمة وكون رضاه هو المؤشر الأهم لجودة الخدمة الصحية ونجاحها مفهوما وممارسة.
تعد الفئات الفنية technicians في هذه البيئات الأكثر حضورا في المشهد عددا وتأثيرا، وعلى الرغم من ذلك يظلون منسيين على الجانب التدريبي والتثقيفي من جانبين، الأول من الفئات الأكثر تعليما وتمكنا وظيفيا وإداريا، والثاني يكمن في نسيانهم أنفسهم وعدم محاولتهم تطوير مهاراتهم وزيادة معارفهم للحاق بركب المجموعات الأكثر تأهيلا وتدريبا وتميزا في تلك المنظومات، كالأطباء والصيادلة وأصحاب المؤهلات العليا في التخصصات الصحية المختلفة.
هذه المقدمة وما بعدها كان باعثها حوار بين طبيبة استشارية والقائمين على أحد الأقسام المساندة، الطبيبة تستفسر عن بعض الإجراءات الفنية، ورئيس القسم متحدث جيد استطاع أن يثبت لها صحة الإجراء الذي اتخذه قسمه، الطبيبة بذكاء شديد وقدرة على تسجيل موقف مهني يعكس مدى إدراكها للعملية الصحية بكاملها تساءلت قائلة: هل جميع الفنيين يدركون ويفهمون هذه الإجراءات والمعايير التي تتحدث عنها؟
هذا السؤال جعلني أحاول تأصيل موضوع ذلك الحوار أو الإشكال، والمتمثل في كون كثير من السياسات والإجراءات المتعلقة بالجودة تظل حبرا على ورق، مجرد قراطيس في ملفات تحفظ كالوثائق في بعض المكتبات، يرجع إليها عند الحاجة، والأخيرة تتمثل في عملية تجديد تاريخ سياسة عمل، أو إبرازها لمفتش منظومة أو هيئة تمنح اعتمادا للمنشأة يبقيها شكلا، كمؤسسة صحية علاجية معتمدة من بعض المنظمات المحلية كالمجلس السعودي لتقييم المؤسسات الصحية CBAHI أو منظمات ومجالس دولية مثل JCI.
هذه المنظمات بعد أن تستوفي المنشأة الصحية كل معايير الاعتماد المطلوبة يجري ضبط تلك السياسات والإجراءات وتوثيقها، إلا أن السواد الأعظم من العاملين يبقون خارج التغطية كما يقال، فهم منتمون إلى هذه المؤسسة الصحية المعتمدة، وفي الوقت نفسه لا يعرفون أبسط مفاهيم تلك المعايير، والسبب أن مناشط الجودة وتفاعلاتها تبقى أسيرة لمشرفي الجودة الذين يحصنون أنفسهم بتلك السياسات والإجراءات الورقية، والبقية الباقية من العاملين يظلون ضيوف شرف على المفهوم والممارسة.
القصور الذي يعتري مفاهيم الجودة في أقسام المستشفيات له أسباب عدة، أهمها أن الفئات الفنية المساعدة تحجم عن التعلم ولا تستسيغ تطبيق معايير الجودة، لتظل مؤشرات الجودة التي يتابعها مشرفو الجودة أرقاما يمكن تحويرها وإعادة تدويرها، ثم تصديرها لتعكس صورة مثالية زائفة، لا تمثل الواقع ولا مشاكله وخيباته المتكررة، لذلك يجب على مقدمي الخدمات الصحية تفعيل مؤشرات الجودة، وتفعيل دور الفئات الصحية المختلفة في أماكن عملها، وقياس مدى قدرة هذه الفئات على التعاطي والتماهي مع مؤشرات الجودة ومعاييرها ومفاهيمها بصور احترافية بعيدة عن الصور المبتذلة التي تبقي مشرف الجودة في القسم يعرف كل شيء، لكنه يظل مجرد حارس يحفظ الأوراق ولا يمارس أدوارا تعليمية تثقيفية فعالة وصحيحة، تساهم في زيادة وعي العاملين وترسيخ المفاهيم الصحيحة بين الموظفين من أجل أن تصبح الجودة ثقافة عملية يؤمن بها الجميع، وليست مجرد شكل من أشكال الظهور والمميزات التي يستفيد منها البعض على شكل جوائز وشهادات وحوافز ودورات، لأنهم الأسماء المحصورة فيهم الجودة ومناشطها ومنجزاتها، وفي المقابل لم يقدموا شيئا يذكر فيشكر، يفيد الموظف البسيط ويجعله عضوا فاعلا في تلك المنظومة بمقاييس الجودة وشعاراتها المختلفة.
الجودة في أبسط معانيها عمل صحيح في زمن بسيط من خلال تشارك ثقافة تعاونية تعم الجميع، أما حصر جودة المرافق الصحية في كراسات ورقية وملفات عتيقة لا ينعكس أثرها على بيئة العمل، فذلك تدليس، وخيبة تظهر نتائجها في صور من الأخطاء الكارثية التي تعيد المنظومة وعامليها إلى مستوى صفري من الأداء، والأخطر إلى مستوى صفري من الثقة عند المريض، كونه المستهدف الأول بالخدمة وكون رضاه هو المؤشر الأهم لجودة الخدمة الصحية ونجاحها مفهوما وممارسة.