الرأي

أهمية المحافظة على البيئة

مرزوق تنباك
هناك جدل كثير ودراسات قائمة حول التصحر المخيف الذي يخشى العالم حدوثه على الأرض خلال مدة قصيرة، ويعملون على تخفيف مضاره وأخطاره و تأخير حركته، وتكونت لذلك أحزاب ومنظمات وجماعات من منظمات المجتمع المدني في الدول الغربية خاصة ووظيفتها محاربة ما يؤثر على البيئة الخضراء أو يقلل من نموها وامتدادها الطبيعي وما يعيش فيها من مخلوقات، وسميت بعض الأحزاب باسم الخضر، والدول والمجتمعات التي أنشأت تلك المنظمات وساعدتها ودفعت التصحر عنها هي في الواقع من أغنى الدول طبيعة، وأبعدها عن خطر التصحر في السنين القلية القادمة على الأقل، ومع أن التصحر بعيد حدوثه بالنسبة لها إلا أنها تبذل جهودا كبيرة في مكافحة أسبابه وما يمكن أن يعجل بقدومه على كل المستويات، ومنها محاولات جادة في التحول إلى الطاقة النظيفة بدل الطاقة الأحفورية التي يعتمد عليها العالم في هذا الوقت كالبترول والفحم الحجري، وغيره من وسائل الاحتراق الذي ثبت أنه يضر المساحات الخضراء ويلوثها ويقلل نشاطها، ولو على المدى البعيد غير المنظور.

وإذا كان هذا شأن الدول الغنية بالأمطار ووفرة الأشجار وخطر التصحر بعيد عنها في الوقت الراهن، فكيف بالدول الصحراوية التي تعاني أشد المعاناة من الجفاف وقلة الأمطار وانحسار الغطاء النباتي وامتداد مساحة التصحر وتسارعه فيها وتزايده يوما بعد يوم؟ وما الذي يجب أن تفعله هذه الدول، ومنها بلادنا، لتلافي حدوث قحط شامل يفاقم ما هي فيه من شح في مواردها الطبيعية، ولا سيما الماء والشجر الذي عليه الاعتماد وهو شريان الحياة وسر وجودها؟

لقد أصبح هم الدول حتى تلك التي تتوفر فيها الغابات والأنهار والغطاء النباتي العريض والأجواء الممطرة والبيئة الغنية الخضراء هو المحافظة على ما يمكن المحافظة عليه من ثروتها الطبيعية، ووضع الاحتياطات اللازمة لمكافحة التصحر والجفاف الذي ينذر به المستقبل إذا لم تعمل على الحفاظ على المساحات الخضراء وما فيها من مخلوقات برية وفطرية.

أما الدول الفقيرة في الأمطار والأشجار فإن الاهتمام في هذا الموضوع يكاد يكون منعدما، بدليل ما نشاهده من تصرفات الناس فيها، وهو جور على البيئة وما بقي فيها من نبات ومن شجر قليل، ومما يعيش فيها من مخلوقات الله البرية، وما يتعرض ما بقي فيها من أنواع الحياة الفطرية من تدمير يكاد يكون ممنهجا، حيث نشاهد مطاردة قاسية وصيدا جائرا لها، وذلك يجعل الدعوة إلى محميات كبيرة ضرورية في أماكن النمو التي يمكن الحفاظ عليها، وكذلك توسيع المحميات لتضم ما يساعد على تنمية الحياة الفطرية بأنواعها من نباتات ومن حيوانات برية، وكف الأيدي القاسية التي نرى فعلها فيما يدب على الأرض بما يسمى الصيد الذي لم يبق منه إلا القليل، وما لم يؤبه له في الماضي، حتى ما كان من خشاش الأرض في الماضي أصبح هدفا للأيدي العابثة التي لا تقدر ما للطبيعة من أهمية ومن قيمة.

لقد رأيت ما تنشره بعض وسائل التواصل من تصوير مخيف للفساد الذي يمارسه الهواة في المملكة، وما يقومون به من أعمال ليست جورا على الطبيعة، بل هي قسوة وجفاء وتوحش لا مثيل له، ومن يقومون به هم من الشباب الذين يفترض بهم الوعي الكامل لأهمية المحافظة على الحياة الفطرية القليلة المتبقية، حيث أسعفتهم الآلة الحديثة بالانتقال والتجول في جميع المناطق، ولم تمنعهم وعورة الجبال وصعوبة المسالك من الوصول إلى البقية الباقية، إن كان ثمة ما بقي، حتى استطاعوا الوصول إلى قمم الجبال الشاهقة فأبادوا ما تقع عليه أعينهم وما يستطيعون الوصول إليه مما لجأ إليها من بقايا حيوانات الجزيرة العربية وهي قليلة، وأصبحت نادرة إن لم تكن منعدمة.

Mtenback@