الرأي

النظام الإيراني الخميني ومشاريع الإرهاب!

شاكر أبوطالب
في الفكر الشيعي هناك ثلاث مدارس فقهية، الأولى هي المدرسة التقليدية التي تقوم على وجوب انتظار ظهور المهدي وامتناع المشاركة السياسية حتى ظهوره، والمدرسة الثانية دستورية، تدعو إلى المشاركة السياسية المدنية، واحترام دستور الدولة، وسيادة القانون، وسلطة الشعب، حتى ظهور الإمام الغائب.

التحول الذي أدخله الخميني على الفكر الشيعي يكمن في استحداث مدرسة فقهية شيعية جديدة، تتبنى فكرة التمهيد لظهور الإمام الغائب، التي تمثل انقلابا على معتقد الانتظار لظهور المهدي، الذي سيطر لقرون على الفكر الشيعي، والمتمثل في وجوب انتظار ظهور الإمام الغائب والابتعاد عن شؤون الدولة والحكم.

يتمثل انقلاب الخميني على التراث الشيعي بالالتفاف على معتقدي التقية والانتظار، وتحويل رؤية أتباع المذهب من وضعية الانتظار لظهور الإمام الغائب إلى تمهيد الأرض لقدوم المهدي، والاستغلال المستمر للمعتقدات الدينية وتوظيفها في خدمة أهداف سياسية، من خلال تبني إشعال الحروب في المنطقة، والتوسع في السيطرة على ثروات الشعوب، ودعم الطائفة الشيعية في دول العالم، والدعوة للثورة والخروج والاقتتال والتدخل في شؤون الدول المجاورة. أطروحة الخميني بفساد عقيدة الانتظار والإيمان بفكرة التمهيد هي التي صنعت السياق لظهور ولاية الفقيه.

ولذلك أسس الخميني النظام الإيراني القائم على عقلية سياسية مغروسة في قلب المعتقدات الإيمانية الخاصة بالمذهب الشيعي، مكنته من إنتاج جيل جديد من الملالي والآيات والمرجعيات وتسويق أخبارهم وأفكارهم في منطقة الشرق الأوسط للسيطرة على الخطاب الشيعي، غايته من ذلك التحكم بخيال ومنطق أتباع المذهب في إيران وخارج الحدود.

واستثمر النظام الإيراني مرحلة الاستقطاب الديني والتنافس المذهبي التي مرت بها المنطقة، لصناعة حالة تنافر وصراع مع المذاهب السنية، مستفيدا من التعبئة الدينية للشعوب العربية من أجل تحرير المسجد الأقصى والقدس وفلسطين من القبضة الإسرائيلية، مستغلا الفرص المتاحة داخل كل حركة أو مقاومة شعبية في الدول غير المستقرة لبناء جماعات مسلحة وإرهابية، وصياغة غطاء من التحالفات السياسية الدولية يعزز من حماية النظام الإيراني ويسمح بمواصلة مشروعه التوسعي في المنطقة.

النظام الإيراني يعتمد أسلوب التخدير في الداخل الإيراني ووجوب التحمل والانتظار، وأسلوب التثوير للشيعة في الدول المجاورة، للمشاركة في مشروع تمهيد الأرض وتحضيرها لظهور الإمام الغائب، والسير خلف النظام الإيراني الحاكم باسم المهدي، للمساعدة في تسريع ظهور صاحب الزمان. وهذا معتقد خطير، يؤثر على عقلية الشيعة، ويثير عواطفهم، ويستثمر في إشعال فتيل الحرب، ليصبح القتل عقيدة، وإثارة الفوضى داخل الدول المجاورة عبادة.

لذلك أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عديد من حواراته التلفزيونية أنه لا يمكن التحاور والتفاهم مع النظام الإيراني، لأنه تأسس على عقيدة سياسية متطرفة توسعية ويؤمن بعديد من المعتقدات التي لا تسمح بالتعايش السلمي في المنطقة.

يجب على الداخل الشيعي مراجعة خطاب النظام الإيراني، ورفض التوجه الإرهابي، وتقديم خطاب شيعي يقوم على أسس السلم مع دول الجوار، والتعايش ضمن كل دولة وفق دستورها ونسيجها الوطني.

shakerabutaleb@