المتلونون.. طائفيون حتى النخاع
الثلاثاء / 16 / رمضان / 1437 هـ - 22:45 - الثلاثاء 21 يونيو 2016 22:45
فتح أحد جرذان داعش النار في ملهى ليلي للمثليين بأمريكا، فقتل 49 شخصا وجرح عددا مماثلا، الخبر بحد ذاته ليس مستغربا إذا ما قورن بالفظاعات التي يرتكبها هذا التنظيم الوحشي في العديد من الدول التي تغلغل فيها.
المتغير لدى كل عملية إرهابية ينفذها داعش، هو تلون ردود الفعل، بحسب جنسية المغدور ودينه ومذهبه وموقع التنفيذ، هم لا يجرمون أساس الفعل، بل ينتظرون معرفة نوع اللحم الذي جرى نثره، ولون الدم المتطاير، ليقرروا لعن داعش والتبرؤ منه، أو الرقص طربا على وقع تمزيق الرصاص للأجساد وفقئه للعيون واختراقه للجماجم.
فإذا كان القتيل، مسلما على ذات مذهبه، أو كان غير مسلم ولكن قتل في مطعم، أو مقهى أو مصنع ونحو ذلك من أماكن ليست محل منكر للمسلم، حينها تعلو صيحات الاستنكار وتمطر داعش باللعنات، أما إذا قتل ذات الأشخاص في ملهى ليلي أو حانة أو خالف مذهب الضحية مذهبهم، حينها تتهلل أسارير المتلونين، فيكيلون عبارات الثناء والإعجاب لشجاعة هذا الداعشي، إن لم يكن علنا، فخلف أسماء مستعارة أو في مجالس ومجموعات واتس اب مغلقة.
تغافل هؤلاء عن أن الفكر الذي قتل به الداعشي المثليين، هو الذي فجر مساجدنا، ودفن مئات المواطنين الصالحين والجنود المخلصين على مدار الأعوام الماضية، مخلفين وراءهم أيتاما وأرامل وثكالى يبكونهم آناء الليل وأطراف النهار، كما يتهددنا خطر انفجار صراع طائفي بعيد تنفيذ كل عملية إرهابية، وهذا ما يهدف إليه الدواعش.
الفرحون بعمليات التنظيمات المتطرفة على اختلافها، يفتقرون - دون شك - للوعي، فكرهم أحادي البعد، على بصرهم غشاوة، لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم المسطحة.
هؤلاء غالبا داعشيو القلب، مسالمون ظاهريا، ليست لديهم الجرأة للتخلي عن أسرهم، وظائفهم ووضعهم المستقر، عن هواء المكيف العليل صيفا، ودفء أغطيتهم الوثيرة شتاء، يكتفون بأحلام يقظة أثناء قيلولة عصر، بعد هجمة شرسة على طبق كبسة منزلي، يرون فيها أعلام داعش ترفرف في كل العالم، يبتسمون ببلاهة وأعينهم نصف مغمضة واللعاب يسيل من زاوية فمهم المفتوح صانعا بركة صغيرة على طرف الوسادة.
الإرهاب مارد شيطاني إذا خرج من قمقمه، واختلقت مسوغات ومبررات لوجوده، استحالت السيطرة عليه، أحرق الأخضر واليابس، بل أحرق حتى من نفخ فيه، ليطال شرره كل مكان، من شرق الأرض إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.
يتحتم على من لا زال صوت الإنسان بداخلهم حيا، المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية والعدلية، نفض الضعف عنها، وقف انحيازها لجانب دون آخر ولتيار سياسي دون غيره، منع الكيل بمكيالين، وتصوير إرهاب على أنه دفاع عن حق الوجود، وتصنيف إرهاب آخر أنه حرب على الإرهاب.
إذا لم نعد لإنسانيتنا وفطرتنا السليمة، بأسرع ما يمكن، فسيفني الإرهاب البشر، يدمر الأرض بمن عليها، يشعل الحروب، ويحل الرعب في كل واد وبقعة، وتتوقف التنمية، ويتخلف التعليم وتتفشى الأوبئة وتدنو النهاية.