الرأي

الحياة بين يومين!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
هذا اليوم هو اليوم الأول من السنة الجديدة، وكما تشاهدون وتشعرون فإنه يشبه اليوم الأخير من السنة الماضية، أتمنى ألا يفاجئكم الأمر وألا تتأثر حياتكم كثيرا من واقع صدمة أن أوراق التقويم لا علاقة لها بما تفعله في حياتك.

صحيح أن هذه معلومة بدهية نعرفها جميعا، لكننا نحب أن نوهم أنفسنا بأن رقم السنة قد يغير شيئا في حياتنا، ولذلك فقد حاولت أن أحصي إنجازاتي في العام الماضي، وقد وجدت أنها جديرة بالاحتفاء والمشاركة لبث الإلهام وتحفيز النفوس للعمل الجاد والمثمر والبناء.

في مجال القراءة فقد قرأت ثماني صفحات من كتاب ثم وضعته على الرف في الشهر الثاني من العام الذي ودعناه للتو، وقد نسيت أن أعود له حتى تاريخ كتابة هذه الأسطر، وفي مجال العناية بالصحة فقد قررت في بداية العام أن أمشي كل يوم ما لا يقل عن ساعة يوميا، صحيح أني لم أنفذ هذا القرار، ولم أقطع مسافة أبعد من تلك التي تفصل بيني وبين موقف سيارتي، لكن متعة اتخاذ القرار في حد ذاتها كانت شيئا لا يستهان به ووجدتها إنجازا عظيما لا بد أن أتشاركه مع الآخرين.

أما في الحياة الاجتماعية فإن أهم إنجازاتي في السنة الماضية هو أني أجلت موضوع التفكير في بناء أو شراء منزل، وهذا قرار أتخذه سنويا منذ أكثر من عشر سنوات. وسعيد بأني أحافظ على عاداتي وأعتبر هذا منجزا عظيما. وهو يشبه أيضا إنجازاتي في مجال الكتابة حين حافظت على قراري بتأجيل إصدار كتاب إلى السنة القادمة، وهو أمر أفعله سنويا ولله الحمد.

أما في مجال الرياضة فقد تغير الأمر قليلا، فرحت بفوز ليفربول بثلاث بطولات كبرى في هذا العام، صحيح أن الفوز ليس إنجازا شخصيا فلست الأسطورة «ديفوك أوريجي» ولست مالك النادي، لكني كنت سعيدا وجربت شعورا افتقدته منذ عقود، شعور أن تكون محبا لأقوى فريق في العالم، وقد أعدت اكتشاف حقيقة أن محبة الأقوياء والمستبدين أكثر متعة من محبة الضعفاء والمضطهدين. أما نادي الاتفاق فلا زال وجوده مهما في حياتي حتى لا أطغى ولا تستبد بي السعادة فتعميني عن واقع الحياة، لأنه يعيدني إلى الواقع وإلى التعايش مع الخسارة كأسلوب حياة.

وعلى أي حال..

الأخبار الجيدة للباحثين عن التميز في العام الجديد أن هناك أشياء لن تتغير، إن كنت في العام الماضي نذلا أو بخيلا أو جبانا أو لديك أي طبع من هذه الباقة المتميزة من هذه الطباع، فإنها أمور سترافقك إلى العام القادم لأنها من الطباع المزمنة التي لا يمكن الفكاك منها، وإن كنت سافلا محبا للرذيلة وأذى الناس فعلى الأرجح ستبقى كذلك، قد تمنعك القوانين عن إظهار شخصيتك ولكنك في حال غيابها ستكون على طبيعتك الحقيقية وهذا أمر جيد. أما الأخبار المحبطة قليلا فهي أنه يوجد طباع أخرى مثل الكرم والرحمة والمروءة النخوة والإحساس بالآخرين وما شابه ذلك من خلائق تعد أيضا عادات مزمنة يصعب التخلص منها في العام الجديد، لكن هذا لا يمنع من أن تحاول، فقد تشفى!

agrni@