الرأي

الشر القادم من خلف "الدركسيون"..!

نصع

خالد اليامي
«كارثة وطنية».. هي أبلغ وصف يمكن أن نطلقه على معدل الوفيات الناتجة عن حوادث الطرق في المملكة البالغة (17 شخصا يوميا) بمعدل شخص كل 40 دقيقة كما بلغ عدد المصابين أكثر من 68 ألفا سنويا. ورغم كل الحلول والمبادرات التي تم إعلانها وتطبيقها إلا أن «الشق أكبر من الرقعة».. وباتت السيارة هي القاتل الأول والخطر الأكبر في المملكة لا كورونا ولا السرطان ولا حتى غيرهما..! إجمالي التكاليف الشاملة للحوادث المرورية في المملكة العربية السعودية قدرها خبراء بنحو 87.17 مليار ريال، إذن فالهاجس اجتماعي في المقام الأول يتبعه الهاجسان الاقتصادي والتنموي. وفي الواقع فإن هذه الكارثة لا يمكن حلها من خلال مبادرات أو حملات توعوية وتثقيفية وحسب، إذ إن طبيعة الأمر الجلل تحتم أن يقام لأجله «حوار وطني» تشارك فيه كل شرائح المجتمع، فأرواح الناس ليست رخيصة للحد الذي نستسخف بها أي طرح يساعد في إيجاد حلول عميقة واستراتيجية، وكم تطلعت لأن أرى رؤية المملكة 2030 تتعرض لهذه المعضلة الخطرة والمستمرة! ضحايا الحوادث المرورية في المملكة في عام واحد يعادلون ضحايا حرب الخليج، الأمر إذن لا يتعلق بتعميم مروري هنا وقرار هناك لا تحدث في مجملها سوى قفزة في الهواء متجاوزة الواقع المر! بالأمس قرأت خبرا عن قرب صدور تعميم مروري جديد يفرض غرامة على إلقاء عقب السيجارة من السيارة قدرها 100 ريال يحررها رجل المرور فورا، حينها تخيلت عدد أفراد المرور الذين لا أراهم إلا في نقاط التفتيش أو أحيانا بالقرب من إشارات المرور الحيوية. لا بأس في فرض آداب الذوق العام، لكني لا أرى حتى الآن حلولا عملية واستراتيجية للقضاء على أهم خطر يواجه التنمية والمتمثل في حوادث المرور الناتجة معظمها جراء الإفراط في السرعة عوضا عن «ساهر» الذي لا يغطي سوى نزر يسير من شبكة الطرق، وبمناسبة شعار التوعية المروري «يعطيك خيرها» فإني أرى أنه بات من البداهة أن يتم تغييره ليكون «يكفيك شرها» نسبة للشر العظيم القادم من خلف مقود السيارة. علينا أن نعترف أولا أن تهديد الشوارع بات أكبر تهديد يواجه بلادنا، وأننا بحاجة لأن تحظى مواجهة هذا الخطر بالأولوية القصوى من أجل المحافظة على أرواح البشر وما قد ينتج عنها بخلاف الوفيات لآلاف حالات الإعاقة، وبالتالي الضغوط الهائلة التي تتعرض لها الخدمات الصحية والعلاجية جراء ذلك.