الرأي

قطاع الاستشارات.. الرابح الأكبر

تفاعل

إسماعيل محمد التركستاني
المتتبع لكثير من أعمال الوزارات الحكومية والهيئات الرسمية، يلاحظ الرغبة الشديدة من قياداتها (وعلى مختلف مستوياتهم) في التوجه إلى عمل عقد استشارة بين الجهة الحكومية وإحدى الشركات العاملة في مجال الاستشارات (وخاصة الأجنبية)، وهناك العديد من الأمثلة على ذلك ولست بحاجة إلى ذكر واحدة منها. دعونا نطرح السؤال التالي: لماذا تتوجه تلك الوزارات الحكومية إلى جهة (من خارج الوزارة) مثل الشركات الاستشارية بهدف كتابة تقرير تطويري، منها ما هو متعلق بعمل الوزارة أو لفصل أو دمج إدارة عن جسد الوزارة أو .. أو ..الخ؟! كما هو معروف فإن قيمة فاتورة الاستشارة قد تصل إلى ملايين الريالات، وهذه القيمة المادية مصروفة من ميزانية الوزارة، بمعنى آخر.. صرف مبلغ قد يصل إلى الستة أصفار (بالملايين) إلى جهات يكون هدفها الرئيسي هو فقط في إعداد تقرير ورقي مكتوب (باللغة الإنجليزية) عن حال الوزارة أو الهيئة، والسؤال الأهم: أليس بمقدور الجهة الحكومية كتابة ذلك التقرير؟ ألا يوجد بالوزارة أو الهيئة (من كفاءات وكوادر) ممن بمقدورهم القيام بكتابة التقرير والتعرض إلى السلبيات وكيفية تلافيها؟ وكما هو معروف عن كثير من الوزارات أن (هيكلها الإداري) وكالات أو إدارات عامة من مسؤولياتها المنوطة بها التخطيط والتطوير وكتابة التقارير (أو بالمسمى الدارج الحالي بالتحول). ومعروف أيضا توفر الكثير من الدورات التدريبية (في السوق المحلي) والتي تدرب العاملين في القطاعات المختلفة في كتابة مثل تلك التقارير! باختصار... يشير الهيكل الإداري لوزارة الصحة عن وجود عدد كبير في إداراتها العامة (أربع وستين إدارة عامة)، هذا غير الإدارات العامة للشؤون الصحية بالمناطق! إلى جانب عشر وكالات مساعدة (وقد تزيد). بمعنى إذا أراد مدير عام إدارة القيام بمهمة ما، فعليه (نظاما) أخذ رأي الوكيل المساعد (المرتبط به)، وعلى الوكيل المساعد الرجوع إلى وكيل الوزارة (المرتبط به أيضا) والعكس صحيح! وما يحدث في الوزارة يحدث أيضا في الإدارة العامة للشؤون الصحية بالمناطق (ولكن بصورة مصغرة). ولا يخفي على الجميع أن كل إدارة عامة لها ميزانيتها الخاصة (مؤشر على الهدر المالي)، ولها أيضا آليات التعامل الخاصة بها (مؤشر على قلة الفاعلية وضياع الوقت والجهد والفساد الإداري). ومن الأمثلة على ذلك تعدد الإدارات العامة (وغير العامة) والمرتبطة بشأن معايير سلامة المرضى والمنشآت الصحية. إذن، السؤال الذي يطرح نفسه (وبقوة): هل تحتاج وزارة الصحة إلى عقلية أحد منسوبيها (من استشاريين وفنيين) لكتابة تقرير عن السلبيات الناتجة عن تعدد تلك الإدارات المتعلقة بمعايير سلامة المرضى أو تحتاج إلى شركة استشارية عالمية (من وراء المحيطات) لكتابة تقرير باللغة الإنجليزية؟