الرأي

تسجيل القضايا صوتيا

حامد محمد الهرساني
ينتهج أصحاب الفضيلة القضاة عدة طرق في ضبط القضايا التي ينظرونها، فمنهم من يطلب من الخصوم إحضار مذكراتهم بذاكرة وميضية (فلاش)، ليرصد كامل مضمونها في ضبط القضية، ومنهم من يرفض رصد المذكرات كاملة، بل يكتفي بتلخيص مضمونها، ومنهم من يلخصها بما يراه مؤثرا في الدعوى غاضا الطرف عما يراه حشوا. والمنظم السعودي قد منح القاضي سلطة تقدير ما يُرصد في ضبط القضية مما لا يرصد، فتنص المادة (71/6) من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات على التالي: «يجب ضبط كل ما يدلي به الخصوم شفهيا مما ترى الدائرة أن له علاقة بالدعوى»، والمعمـول به أن أقـوال الخصوم لا ترصد بالكامل، وعليه فإنه لا يكاد يمكن الاستشهاد بقول خصم غير مرصود في ضبوط الجلسات الماضيـة، إذ إن عدم رصده يجعله كأن لم يكن، فقد يقر خصم بإقرار واضح بيّن مأخـوذ به شرعا ونظاما، ثم يتملص منه في جلسة قادمة لعدم رصـده في ضبط القضية، وهذا يحدث لدينا للأسف، ولذا كان دور ضبط القضايا مهمـا في تحقيق العدالة القضائية. وتبقى مسألة الموازنة بين عدم إطالة ضبوط القضايا بحشوها بما لا يفيد، والتأكد من رصد كل ما هو مؤثر في الجلسة، والموازنة ليست بالسهلة، فالكلام الذي يدلي به الخصوم مزيج بين المؤثر والحشو، وانتقاء المؤثر قد يصعب أحيانا، علما بأن القاضي لدينا يتولى مهمة رئاسة الجلسة وضبطها أحيانا! مما يثقل كاهله بالجمع بين عمله القضائي وعمل إداري، مع أن المادة (71) من نظام المرافعات قد نصت على أنه: «يدون كاتب الضبط – تحت إشراف القاضي – وقائع المرافعة في الضبط»، إلا أن كاتب الضبط لا يكون موجودا دائما! وتسجيل الجلسات القضائية صوتيا قد يفيد ويحقق التوازن في هذا المجال، فيُكتفى في ضبوط الجلسات بذكر المؤثر، ويكون هناك ملف صوتي مسجل بمجريات الدعوى، يستطيع الخصوم الرجوع إليه والاحتجاج بالأقوال المؤثرة التي لم ترصد، كما أنه يمكن الرجوع إلى التسجيل في حال حصل أي خطأ في الضبط، كما أن التسجيل قد يفيد القاضي نفسه، فيستطيع الرجوع إليه لسماع كلام الخصوم وشهادة الشهود عند رفعه القضية للتأمل والدراسة قبل الحكم فيها. ولينجح التسجيل لا بد أن تُسجل الجلسات بالكامل من فتحها إلى إغلاقها، وإلا فات المقصود، وإلا لكان التسجيل كالضبط تماما يسقط منه المهم والمؤثر، ويتضرر بذلك الخصوم.