لماذا يختار جيل أفلام هوليوود العودة إلى الدين؟
السبت / 13 / رمضان / 1437 هـ - 01:15 - السبت 18 يونيو 2016 01:15
في عام 2003 وصلت راشيل اسبدن إلى مصر كصحفية متدربة، فوجدت بلدا يقف على حافة التغيير. كانت نسبة الشباب الذين لم يتجاوزوا الـ30 من العمر تمثل ثلثي سكان مصر الذين كان عددهم 80 مليون نسمة في ذلك الوقت. كان الجيل الجديد يشعر بالإحباط وهو عالق بين نظام دكتاتوري ليس لديه ما يقدمه للشباب وبين عادات وتقاليد تقيد الشباب وتدفعهم للطاعة المغلفة بالخوف. في يناير 2011 نفد صبر الشباب. اعتقدوا أن الثورة التي أطلقوها ستغير كل شيء إلى الأفضل بالنسبة إليهم. ولكن مع تصاعد أعمال العنف، انهار الاقتصاد وتفككت الجبهة الموحدة التي تشكلت ضد نظام الرئيس مبارك، ووجد كثير من الشباب أنفسهم مترددين في التخلص من الوضع القديم. فما الذي يحدث عندما تتفكك الثورة؟ ولماذا يختار جيل نشأ على أفلام هوليوود العودة إلى الدين؟ ولماذا يتحول بعض الشباب الذين كانوا يهتفون للحرية إلى دعم الدولة العسكرية؟ وإلى أين سيقود الجيل القادم الشرق الأوسط؟
كتاب «ثورة جيل: على خط المواجهة بين التقليد والتغيير في الشرق الأوسط» للصحفية راشيل اسبدن الصادر عن دار هارفيل سيكر 2016 يلقي الضوء على الثورة المصرية من خلال متابعة حكايات أربعة شباب مصريين – مهندس الكومبيوتر العلماني عمرو، والشابة القروية أمل التي تحدت عائلتها وتقاليدها ومجتمعها بالكامل، والمتشدد الديني أيمن، والشابة رقية التي كانت تحلم بأن تموت شهيدة.
في بدايات الانتفاضة المصرية في يناير 2011 اعتقد الكثيرون أن الشباب المصريين الذين تجمعوا على صفحات وسائل الإعلام الاجتماعي واندفعوا إلى ميدان التحرير في ثورة عارمة، قد استطاعوا أخيرا أن يخرجوا على تقاليد الطاعة والسكوت على الظلم وقرروا أن يعبروا عما يريدونه بشكل مباشر. وعندما تنحى الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك عن الحكم، اعتقد كثير من المراقبين أن الثورة نجحت في قلب الموازين والتخلص من الحكم العسكري إلى غير رجعة. لكن مجموعة من المحللين السياسيين الذين يعرفون تاريخ مصر جيدا كانت لديهم وجهة نظر مختلفة، وتوقع بعضهم عودة الحكم العسكري إلى مصر خلال عام على الأكثر. مشكلة الكثيرين أنهم لم يفهموا شيئا أساسيا وهو مدى رغبة المصريين في الاستقرار بأي ثمن.
بسبب ترددها على القاهرة مرات كثيرة على مدى أكثر من عشر سنوات، استطاعت راشيل اسبدن أن تكون فكرة ممتازة عن كل تفاصيل المدينة الساحرة وشعبها اللطيف، خاصة في تعامله مع الأجانب، وانتشار نظريات المؤامرة فيها. كما ترسم اسبدن صورة واضحة للمشهد العام يوضح الفجوة بين المظاهر والواقع والضغوط التي يتعرض لها أبناء الشعب المصري ليتعايشوا مع الواقع الصعب. وعلى الرغم من أن عددا من الكتب المشابهة ركزت على دور المرأة وانعكاسات الثورة عليها، إلا أن كتاب «ثورة جيل» يثير الاهتمام بشكل خاص لأنه يقدم صورا مختلفة بعض الشيء لشباب مصريين. نحن نرى قسوة وصعوبة الزواج بسبب التكاليف الباهظة التي يتطلبها من خلال عيون المصور عبدالرحمن. أما المهندس عمرو فإنه يرفض الضغوط التي تفرضها الأنظمة والتقاليد في مصر على الرجل بشكل خاص، بدءا من الخدمة الإلزامية في الجيش ومرورا بضرورة تحمل تكاليف حياة الأسرة وصولا إلى أصغر الأمور التي يفرضها المجتمع على الشاب منذ صغره لأنه «راجل». أما أيمن ابن الـ16 عاما فإنه يتبنى فكر الإسلام المتشدد لأنه يعتقد في البداية أن تعاليمه القاسية تعطي معنى روحيا حقيقيا للعالم الذي انغمس في الاستهلاك والفساد، لكن أيمن يجد نفسه في نهاية المطاف وحيدا وبدون مساعدة في وقت الحاجة بسبب نفور الكثيرين من تعصبه، بمن في ذلك أهله والمقربون منه. صديقه مازن يتوجه نحو إسلام أكثر اعتدالا ويهدف لإعادة إحياء الإسلام من خلال الإعلام، لكنه ينتهي بالإحباط هو الآخر أيضا. أما رقية فإنها تحافظ على روح التحدي وتبقى موالية لتيار الإخوان المسلمين رغم الاعتقال والتعذيب والتهديد بالقتل. تقول الكاتبة إن إيمان هؤلاء الشباب والشابات يأخذ أشكالا مختلفة، لكن الدين بالنسبة لهم «بعيد عن القيود أو العبء – فهو وسيلة للتحرير».
وبالرغم من أن ثورة يناير 2011 أعطت بصيص أمل للشباب في مصر، إلا أن كثيرا منهم سرعان ما يشعرون بالإحباط بسبب الأوضاع الصعبة التي تعاني منها مصر. يقول عمرو بعدد أن قرر الذهاب للعمل في الخارج «البنية التحتية، الكهرباء، الاقتصاد، الإرهاب، القمع، الفساد، الاغتصاب الجماعي، الانفجار السكاني، واللائحة تطول. هذه السفينة تغرق وعلي أن أقفز».
راشيل اسبدن من مواليد لندن 1980. انتقلت إلى القاهرة لدراسة اللغة العربية والعمل كصحفية متدربة في 2003 وقضت سنوات عدة في السفر والتنقل والكتابة عن الإسلام في اليمن وباكستان ومناطق أخرى من الشرق الأوسط. عادت إلى مصر في 2011 بعد الانتفاضة الشعبية هناك وهي تكتب لصحيفة الجارديان ومجلة نيو ستيتسمان.