احتضار JASTA ومحاولة لي الذراع السعودية
الخميس / 11 / رمضان / 1437 هـ - 23:15 - الخميس 16 يونيو 2016 23:15
يبدو أن بعض السياسيين الأمريكيين استفاقوا متأخرا ووصلوا إلى قناعة أن سياسة لي الذراع غير نافعة مع السعوديين الذي لا يكترثون لاستفزازات يسعى بعض أعضاء الكونغرس لجعلها ذريعة يجمعون تحت مظلتها بعض الأموال والدعم عبر وسطاء، لتأتي تصريحات رئيس جهاز المخابرات المركزية الأمريكية CIA بأن المملكة بريئة من تلك الادعاءات، لتكون القشة التي قصمت ظهر بعير أمنياتهم وبعض أصدقائهم الإيرانيين.
ومع افتضاح مصالح السيناتور النيويوركي تشاك شومر الذي يسعى إلى استغلال ملف أحداث 11 سبتمبر بادعاء ضلوع المملكة بحثا عن تعاطف الناخبين، وأخيرا مطالبة عضوي الكونغرس كريس ميرفي وراند بول وقف تسليح المملكة بذخائر أرض جو تحت ذريعة مخاوف استهداف المدنيين في اليمن، أصبحت اللعبة السياسية تحت قبة الكونغرس واضحة ولم يعد في المكان متسع إلا للعقلاء.
أعضاء الكونغرس ربما اعتقدوا أن المحادثات السعودية ـ الأمريكية نوع من الاستجداء، تلك الجولات من النقاش التي جرت خلال الأشهر الخمسة الماضية والتي شهدت مشاركة أطياف سعودية مختلفة بينهم مسؤولون رسميون وأعضاء في مجلس الشورى وناشطون في أكثر من اتجاه.
المملكة التي تعد شريكا استراتيجيا مهما وموثوقا وأكثر الدول اقتناء للتقنيات والأسلحة العسكرية، بدأ بعض الأمريكيين يرون أن الفاتورة يجب أن ترفع باختلاق أعذار تارة، ومحاولة تمرير قوانين لا تعترف بعمق العلاقات المتينة بين المملكة والولايات المتحدة، بل إن المشكلة الأكبر محاولة شيطنة السعودية.
كل المؤشرات ولغة الخطاب السعودية مع الأمريكيين تشير إلى أن مشروع تطبيق JASTA على المملكة أصبح يحتضر وعلى وشك الموت حتى وإن دخل إلى مجلس النواب، ولو افترضنا وهو أمر صعب تحقيقه اليوم إن مرر فسوف يموت بفعل قانون حصانة السيادة الخارجية (FSIA)، الذي ألمحت إليه الإدارة الأمريكية برغم كل سيئاتها.
في أمريكا اليوم ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في جولة استثنائية في نواح عدة، أبرزها اقتصادي، إذ معلوم أن من يحكم هنا وول ستريت وليس البيت الأبيض. استثنائية الزيارة ليست في هذا الجانب فحسب بل إن مدتها وحجم اللقاءات والمشاريع والمبادرات التي ستولد من رحمها ستكون نقطة تحول في تاريخ العلاقات الأمريكية.
أجواء الزيارة تؤكد أن استثمارا سعوديا ضخما سيضخ في المشاريع الذكية مما سيعود على الاقتصاد الأمريكي بألف خير وكذلك تقديم تسهيلات غير مسبوقة للرساميل الأمريكية لدخول السوق السعودي وهنا تكمن صناعة الفرق.
لكن السؤال الذي يقفز: كيف يستطيع أن يقنع السعوديون الأمريكيين بالاستثمار في بلادهم بينما تستثمر السعودية الملايين في أمريكا؟
لم تستثمر السعودية كل أموالها في الخارج بل من الذكاء تنويع السلال الاستثمارية، ودعوة المستثمرين الأمريكان هي دعوة لدخول أموال جديدة في الدائرة الاقتصادية السعودية وكل ذلك من وجهة نظر اقتصادية. أما سياسيا فهي رسالة قوية بأن العلاقات أصبحت أكثر عمقا وهذا ما يراه معلقون في الوقت الحالي عقب تسرب أخبار عن أجندة الزيارة.
إن مجمل المؤشرات اليوم في واشنطن تقول إن اضطرابا داخليا بين الدافعين بفكرة فاتورة باهظة على المملكة دون سبب وكأنهم يقتبسون ما يقول المرشح الأمريكي دونالد ترامب ويرون أن لهم من الكعكة نصيبا قبل انتهاء ولاية الرئيس الضعيف دوليا باراك أوباما، وآخرين مهووسين بفكرة إعادة الانتخاب ويرون أن مشاعر الناخب هي الهدف الأول.
ويبقى أن نعي كسعوديين أن علينا اليوم ليس الصمود والتعامل بشجاعة ودبلوماسية فحسب بل صناعة سياسة خارجية جديدة مع الأمريكيين دون الوجوه التي تكررت كثيرا على المشهد الأمريكي وسوقت احتكاره، والأكثر فجاجة أن لا طريق لنا إلى مؤسسات صناعة القرار الأمريكي إلا عبرهم.