فرق سلام.. منظمات إنسانية: ما تحتاجه السعودية لمواجهة إيران
الأربعاء / 10 / رمضان / 1437 هـ - 23:45 - الأربعاء 15 يونيو 2016 23:45
«حيثما يوجد ألم يوجد تبشير» جملة شهيرة قالها أحد المنصرين في أفريقيا في القرن الماضي عندما سئل عن سبب اهتمامه بفتح عيادات طبية في أدغال أفريقيا. ففرق السلام التي تجوب غابات أفريقيا ومجاميع الفرق الطبية التي تقدم الخدمات الطبية العاجلة وآلاف الجمعيات الخيرية التي توزع المساعدات الغذائية والملابس على الفقراء ليس سوى وسيلة سياسية تستخدمها الدول لبسط نفوذها المعنوي في أرجاء قارات العالم. تطور الأمر حتى وصل لأن أصبح لكل مجال منظمة إنسانية تعنى به لغايات سياسية محضة. منظمة لدعم الديمقراطية ومنظمة لحقوق الإنسان ومنظمة لحقوق المرأة والطفل ومنظمة لمكافحة العنصرية.. والكل يعمل تحت إرادة السياسة.
أذكر هنا قصة طريفة تتعلق باستغلال الدول لهذه المنظمات واستخدامها كوسيلة ضغط على بعض القوى السياسية المناوئة. فبعد تولي جماعة طالبان السلطة في أفغانستان، وظهور تسلط رجال الباشتون على النساء، كانت منظمات حقوق المرأة في أمريكا تمد البيت الأبيض بمئات التقارير الموثقة حول انتهاكات حقوق المرأة في أفغانستان. لكن رئيس الولايات المتحدة آنذاك بيل كلينتون لم يكترث لذلك ولم يصرح البيت الأبيض بشأن ذلك مطلقا خشية التأثير على المفاوضات السرية بين شركة أنوكال الأمريكية وجماعة طالبان حول مد أنبوب نفط عبر الأراضي الأفغانية. بعد فشل المفاوضات استقبل البيت الأبيض تقارير منظمات حقوق المرأة التي تندد بأوضاع المرأة الأفغانية وأعلن بدوره عن موقفه إزاء انتهاكات حقوق المرأة في أفغانستان وانتهاكات حقوق الطفل والحيوان وحتى الحشرات!
لدى السعودية والكويت تجارب قديرة في العمل الخيري امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، واكتسب العمل الخيري السعودي مكانة ونفوذا وسلطة معنوية في أوساط المجتمعات الإسلامية. لكن بعد 11/9 والاتهامات المتوالية بدعم الإرهاب وتمويله تقلص العمل الخيري السعودي واقتصر على الحملات الحكومية العلنية فقط.
هذا الانحسار استفادت منه بلا شك إيران وأطلقت أذرعها بكل اتجاه سيما في آسيا الوسطى (الجمهوريات الإسلامية المنفصلة عن الاتحاد السوفيتي) وفي أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية أمام مرأى ومسمع من القوى الغربية، دون أدنى اتهام بدعم الإرهاب أو تمويله. في دولة مثل طاجيكستان وصل النفوذ الإيراني إلى الجامعات والمراكز الدينية والمدارس، بينما يشكو صاحب قناة إيرانية معارضة سنية من قلة الدعم وهو في لندن بين السفارات الخليجية! الذي أريد أن أصل إليه ويتفق معي كثيرون هو أن المواجهة مع نظام المرشد ليست مواجهة عسكرية وحسب، بل مواجهة فكرية وثقافية وخيرية.
المكان الذي يعجز الريال أن يصل إليه سيصل إليه التومان غدا! هذه حقيقة حتى لا نضلل أنفسنا ونضلل الرأي العام والحكومة. صحيح أن العمل الخيري السعودي والخليجي بشكل عام مقيد من قبل الولايات المتحدة لكن حكوماتنا تستطيع تجاوز ذلك دون عناء. فالعمل الخيري التقليدي والذي تموّله حكومات الخليج يشرف عليه في الغالب رجال دين أو متدينون وهذا ما تتوجس منه الولايات المتحدة. فالمجال واسع ومفتوح لكن العمل الخيري السعودي والخليجي يقتصر على نمط معين وبحاجة إلى تطوير نوعي، فهو بحاجة إلى فرق سلام ومنظمات إنسانية وجمعيات مدنية وشبابية تنطلق لأرجاء المعمورة وتوسيع لتشكيل الهلال الأحمر وتوسيع دوره. فالذي نلاحظه الآن هو تقوقعنا والتركيز على الحملات الموسمية والحديث عن الحملات المرخصة وغير المرخصة بينما الأخطبوط الإيراني على مشارف القطب الجنوبي.
fayed.a@makkahnp.com