الرأي

التعصب الرياضي

تفاعل

انحرفت الأهداف والميول الرياضية عن مسارها ونصابها، وبلغت ما بلغته الآن من مآس وأحزان وتعصب مقيت قتل ووأد الفرحة في مهدها. ينتمي المرء أو يميل لفريق ما من أجل متعة تشجيع وشعور بالانتماء، أو فرحة عند تحقيق البطولات بتوازن واعتدال، أما أن يصل الحال لما هو عليه الآن من صخب وضجة وهتافات وقذف وتطاول على الدين والشريعة فهذه والله مصيبة وبلوى قد ابتلي بها بعض الناس. لا أعلم حقيقة لم فلان من الناس يصرخ ويزمجر حتى يخرج الحلق واللسان من مكانهما، يشتد وجهه حمرة وصفرة وكأنه قد أصابه سقم جعله طريح الفراش لا يقوى على الحراك. ألم تشجع ذاك الفريق للمتعة والبهجة والفرح والسرور أم هو مصدر حزن وشرور! بلغ الحماس في أجيالنا الحالية مبلغه وضاقت الأنفس ذرعا بما يحدث، لم كل هذا التشنج والتعصب والشد والجذب! تكون جالساً في أمان الله مستمتعا بتناول فنجان من القهوة مع الأصدقاء والزملاء، وفجأة يتحول الوضع إلى معركة عنيفة تتطاير عليك ومن حولك المقذوفات والنيران الصديقة وغير الصديقة، فهذا يقذف التلفاز والآخر يقذف صديقا له لا ذنب لهذا المسكين إلا أنه يشجع ذاك الفريق، يخيل لك أنك في ساحة معركة وفوضى عارمة لا مجلس عام. ولا ينتهي الأمر عند ذلك! فهناك عشرون فقرة للتحليل والنقاش، هناك نقاش عام وتحليل قبل المباراة بثلاثة أيام ويلحقه بعد ذلك تحليل قبل المباراة مباشرة ثم أثناء شوط المباراة ثم في فترة الاستراحة ما بين الشوطين ثم تحليل في الشوط الثاني وبعده تحليل بعد انتهاء المباراة ويعقبها ستون مقطع فيديو وصورة وكيك بعد المباراة حتى نهاية الأسبوع وهكذا دواليك! أصبحت الكرة والتشجيع الرياضي هما وغما لبعض الأسر. يحدثني صديق لي أنه أصبح لا يشاهد المباراة في التلفاز بل يستمع لها عبر المذياع لأنه قد سبق وحطم شاشة التلفاز ثلاث مرات في المنزل. ولا شك أن التطور التقني وانفتاح وسائل الإعلام على مصراعيها قد ساهم في تغذية وشحن هذا التعصب عبر المقابلات واللقاءات الصحفية والتصاريح النارية. قليلا من التعقل والاتزان يا إخوان، فقد وجدت الرياضة للترفيه والمتعة والمحافظة على الصحة وليس لأجل السباب والصراخ والقيل والقال وكثرة السؤال.