ابتعاث إعاقة
دبس الرمان
الاحد / 29 / شعبان / 1437 هـ - 21:15 - الاحد 5 يونيو 2016 21:15
شاهدت الفيلم وأنا أكاد لا أصدق ما أرى، فالفيلم يحكي قصة معاق حركيا يطالب وزارة الشؤون الاجتماعية في بريطانيا بحقه في الخروج من دار الرعاية الممتازة التي يعيش فيها إلى بيت مستقل مع صديقه المعاق إعاقة ذهنية جزئية. وذلك ليتسنى لهما العيش بطريقة طبيعية مثل باقي الناس. وبعد عرض طلبهما على مجلس من الأمناء - بعد سلسلة من التحقيقات بخصوص تأهلهما، وتوفير جميع الخدمات والأجهزة التي تساعدهما على الحياة بدون الاستعانة بأحد – وافقوا، وتم توفير بيت مستقل ومهيأ لهما. وما زاد من اندهاشي هو خروجهما ودخولهما الطبيعي جدا لتقضية مشاغلهما من كل مكان، بداية من البقالة وانتهاء بممارسة الرياضة في النادي وعبور الشوارع والمواصلات خلال كل هذا بكل سهولة وطبيعية...
تغيرت حياتهما منذ أن ولد طفلهما معاقا بإعاقة حركية، وما زاد على ألمهما وحزنهما غياب نظام داعم وموجه في حالة مثل حالتهما، تخبطا وبحثا واجتهدا بكل ما يستطيعان في محاولات لإشعار طفلهما بأنه طبيعي وأن باستطاعته ممارسة حياته بطريقة طبيعية، وبالطبع لم يكن سهلا في ظل عدم توفر خدمات وتسهيلات في المدارس أو الأماكن العامة له، وعليه كان لا بد من وجود مرافق له في كل مكان منعا من إحراج حاجته للطلب من أحدهم أن يفتح له الباب، أو القيام بالشراء من مكان لا يوجد به منصة محاسبة يستطيع من خلالها رؤية البائع، وأن يوفر على نفسه عناء نظرات الفضول والإشفاق التي تحيطه كلما خرج إلى الأماكن العامة، لذا من الأفضل الجلوس في البيت والحلم بالهجرة إلى إحدى تلك الدول التي يعيش فيها ذوو الاحتياجات الخاصة حياة طبيعية لا حاجة فيها للسؤال ولا خوف فيها من نظرات الناس.
لا نهوى المقارنة، ولا نحاول التقليل من شأن أحد أو الإشادة بأحد. ولكننا نطمح للأفضل ونطمع في التغيير لأجل حياة طيبة للجميع. فقياس تحضر مجتمع يظهر في مراعاته وإحسانه مع الفئات ذات الاحتياجات الخاصة يظهر في الاهتمام بالتفاصيل الحياتية لهم ولذويهم، ويظهر في مدى وعي المجتمع وتعامله مع هذه الحالات، والأهم أنه يظهر في مدى احترامنا وتعاطفنا مع آلام واحتياجات غيرنا دون أن ننتظر احتمال أن يصيبنا يوما ما أصابهم لنشعر بهم وقتها.