الرأي

تنفس بعمق

نعيش في عصر أطلق عليه عصر السرعة ليس لأنه يهرول أو حتى لأنه يركض، لكن فعليا لأننا كبشر اتخذنا من حياتنا سباقا بشكل لا نستوعبه ولا نمنطقه. إذا كانت الحياة فعلا سباقا.. فهل توقفنا لحظة وسألنا أنفسنا مع من نتسابق وأين ستكون النهاية؟ هل ستمنح جوائز لأوائل الواصلين منا؟ أم أننا سنكسب شرف الوصول للنهاية أسرع بقليل فقط؟ لو اعتبرنا الحياة ثمرة فنكون قد لامسنا قشرتها لا أكثر ولم نفكر مجرد التفكير في محاولة التوغل إلى لبها فضلا عن فهم معانيها! بل واكتفيا باللف حولها بسرعة جنونية، الأكيد أننا سننهار من جرائها عاجلا أم آجلا! سرعة جعلتنا ننام بشكل سيئ.. نرغب في الغذاء المليء بالدهون والسكريات.. نصاب بالصداع.. نشعر بالإجهاد.. نتعرض للمرض باستمرار. وعلى المدى الطويل نكون عرضة لأمراض القلب والسكري والاكتئاب والقلق والكثير من الأمراض الأخرى بأسماء يصعب تذكرها لطولها. يقال بأن الوقت هو ذاته بالأمس واليوم.. لكن الإنسان هو المتحول باستمرار وهذا كلام سليم إذ إن الوقت بقي غير أن سرعتنا زادت، ومحاولة لإرجاع المياه لمجاريها فلنبدأ بأنفسنا أولا بأن نخفف من سرعتنا. صحيح أننا قد نقوم بأمور أقل من المعتاد لكن هذه المرة عندما نفعلها سنفعلها بشكل جيد.. ببساطة نتنفس بشكل عميق وببطء إلى أن يصل النفس لموقعه المريح ثم ندعه يخرج بهدوء.. ونعيد الكرة مرة تلو الأخرى حتى تغمرنا الراحة. فقط تخيل عيش الحياة بهذه الطريقة دونما الخوف بأن تسبقك الحياة لأنها لن تفعل أبدا، صحيح أن المسرع يصل للضوء بشكل أسرع فقط لينتهي لكنه لن ينتبه حينها إلى جمال طريقه وتضاريسها، إذ إن هنالك مكانا واحدا يمكن لنا جميعا أن نستمتع فيه بالحياة إذا ما سرنا بسرعة طبيعية... مكان من الممكن فيه أن تكون القيادة ممتعة.. هناك حيث لا نعامل الحياة كسباق.. لذا خفف من سرعتك.. تنفس بعمق واستمتع بالرحلة.