الرأي

هموم التعليم

فهد خصيوي العمري
أساس النهضة وبنيان التقدم وعماد الرفعة ومقياس تطور الأمة هو تعليمها، ونحتاج إلى قياس نتائج التعليم لكي نعرف أين نتجه وماذا نحقق. هذه حقيقة كلنا ندركها ونعرفها، كلنا يقول ذلك ولكن لا أحد يبحث عن مدى تحققه. أنا لن أقول هنا إن تعليمنا غير جيد ولا يؤدي رسالته على الوجه الأكمل، لكني أتساءل: هل المخرجات التعليمية لدينا في التعليم العام والتعليم العالي تواكب ما نطمح إليه؟ هل يوازي ما يصرف عليه من ميزانيات الدولة؟ لا بد من وقفة صادقة يتم فيها تقييم هذه المخرجات ومدى مطابقتها للتطلعات والمأمول ومدى مناسبتها للميزانيات التي رصدت لها، ثم محاسبة المقصر ومكافأة المجتهد، وتصحيح اتجاه البوصلة. وبداية صلاح التعليم هو إصلاح المعلم، فكيف يصلح مجتمع ليس فيه معلم صالح لإعداد الكوادر الصالحة في كل مجال؟ فالمعلم العظيم يربي الطبيب العبقري والقاضي العادل والمهندس المبدع والضابط المخلص والقائد الجسور والتاجر الأمين والمحامي النزيه والموظف الشريف، وهو قائد السفينة وهو ربان النهضة الحقيقي، فكيف يتم إصلاحه؟ أولا: تقدير المعلم وتوقيره وتعزيز مكانته ومنزلته في المجتمع وحمايته ووضعه في أعلى السلم الوظيفي. ثانيا: حسن الاختيار، وذلك بأن يتم اختيار الطالب الذي سيصبح معلما بعناية فائقة بحيث تتوفر فيه كل الصفات التي نريد أن نغرسها في أبنائنا من ذكاء وتفوق وحب للعلم والعمل وإخلاص لله والوطن، فلا يدخل كليات التربية إلا الطلاب المتفوقون علميا والمتميزون خلقيا والملتزمون سلوكيا والراغبون في مزاولة المهنة بهدف صناعة الأجيال المسلمة الناهضة، فيصبح لدينا بعد الدراسة الجادة في الجامعة معلم بارع متفوق محب لعمله مبدع في أدائه مؤتمن على عقول الأبناء ومستقبل الأمة. ثالثا: حسن الإعداد، وذلك بوضع المناهج الجامعية العملية التي تكفل له ممارسة المهنة طوال سنوات الدراسة الجامعية بالتطبيق العملي تحت إشراف أساتذته للتوجيه والتعديل والإرشاد والتقويم والتقييم لضمان اكتمال استعداده لممارسة المهنة في الميدان التربوي وتأهله الفائق لمزاولة التعليم وتحمل الأمانة. رابعا: وضع معايير واشتراطات للسماح للمعلم بممارسة التعليم ومعايير لقياس مخرجات أدائه تتركز حول قياس مستوى تحصيل الطلاب ونتائجهم الدورية. فالنتائج المبهرة دليل على المعلم المبدع. معالي وزير التعليم الموقر! الأمر بسيط إذا ما وجد همة عالية ورغبة شديدة في الإصلاح والنهوض بهذا الجانب الذي إن صلح صلحت جميع الجوانب ونهضت كل الأركان. أَصْلِح المعلم وضَعْ السياسات التي تكفل تحقيق أهدافها، واستمع إلى العاملين في الميدان الذين يعلمون مشاكله وكيفية التغلب عليها، ويا حبذا لو تم تشكيل مجلس استشاري في كل منطقة تعليمية من أهل الخبرة في مجالات التربية والتعليم.