الرأي

أن تصنع جيلا أنانيا

مانع اليامي
يجد الإنسان صعوبة في التعامل مع بعض شرائح مجتمعه المحلي وهو يلاحظ سيطرة الأنانية على مسار تعاملاتهم. أهل الرأي ربطوا نزعة الأنانية بأسباب متعددة أكثرها وجوبا للذكر - التربية الخاطئة - والمقصود هنا زرع مفهوم تغليب الإنسان مصلحته على مصلحة الآخرين مهما كان الثمن. تأصل هذا المفهوم في النفوس كمنتج تربية يأخذ مكانه المتقدم في القناعات، ويتحول مع مرور الأيام إلى ثقافة تتجاوز حدود الفرد إلى المجتمع، وهنا تكمن الخطورة، فالمجتمع الأناني أكبر تأثيرا من الفرد الأناني في مجال الاستئثار بالمنافع الدنيوية، ويبقى تأثيره في حجبها عمن هو أولى بها أو له فيها نصيب أبلغ وأشد. الأنانية مضادة للتسامح كما يتجه رأي العقلاء، وهي مرتع للغرور ومن مظاهرها التكبر، هذا خلاف ما تنتجه من حب الظهور والجشع ومن سوئها البالغ «بحسب المراجع» أنها تقود الإنسان إلى التعصب لآرائه وآراء وأفكار جماعته، ومن هذا المنطلق يبدو أن الضرورة قائمة لتبصير الناس ورفع مستوى وعيهم لمخاطر الأنانية، وقد اتخذت مكانها على أرض الواقع في بعض شرائح المجتمع. تقديري أن الكثير من الناس يمررون أنانية بعضهم مرور الكرام دون اعتبار لما يترتب على انتشارها من آثار مضرة تكبر مع الأيام ويتوسع مفعولها السلبي. هذه الخصلة المذمومة تجر في أعقابها وقد رفعت درجة اللامبالاة وحب التملك وتقديم الانتفاع الشخصي أسوأ الأفعال وعلى رأسها الجرأة على التعدي على حقوق الغير حتى الأقارب وربما يكون لدى بعضكم تجارب ومشاهدات على استفحال الأنانية في المسار الاجتماعي في الوقت الراهن. في العموم، يبقى من المؤسف أن تجد شخصا متعلما يتظاهر بالنزاهة وهو غارق في وحل الأنانية واقع تحت سيطرتها وقد انتهت به إلى تحقيق المصالح الدنيوية بالطرق الملتوية، إما بالاحتيال أو ما في حكمه من مسببات ضياع حقوق الغير أو الانتقاص منها لصالحه، ومن المؤلم في الأخير أن تجد من حوله يصفقون له ولا يبررون ما يعمله بغير النباهة رغم أن الواقع يشير إلى أن ما يقوم به لا يخرج من دائرة الخطيئة التي سيدفع ثمنها إما في الدنيا أو في الآخرة، والمتوقع أن يجر معه البعض ممن حوله. قصص كثيرة أبطالها أنانيون يسيرون بيننا لا أقول بتكبر وغرور فحسب، بل بفراغ نفسي ينبئ عن صناعة جيل أناني سيعصف بالمجتمع إن لم يتدارك نفسه بالمكاشفة أولا. وبكم يتجدد اللقاء. alyami.m@makkahnp.com