موسم الشراء في رمضان وأزمة الخادمات
الاحد / 22 / شعبان / 1437 هـ - 20:30 - الاحد 29 مايو 2016 20:30
لا أزال مندهشا من هجمة الأسر على الأسواق لشراء الأطعمة والأشربة قبيل رمضان، ولا أزال أتساءل عن السر وراء هذا الهجوم وكميات الشراء المبالغ فيها في حين أننا في رمضان يتقلص عدد وجبات الطعام إلى اثنتين بدلا عن ثلاث والمفترض أن تكون كميات الأكل أقل.
كميات الشراء توحي وكأننا في مواجهة حرب قد تتسبب في انقطاع خطوط الإمداد في حين أن الأسواق مفتوحة والبضائع متوفرة قبل رمضان وأثناءه وبعده..
أقول ذلك لأن تجربتي وأسرتي تؤكد أن لا حاجة لشراء مختلف من حيث الكمية عن بقية أيام السنة وإن كان هناك اختلاف فهو في نوعية الأطعمة.
سلوك الشراء قبيل رمضان دفع التجار إلى التنافس فيما بينهم بتقديم عروض وتخفيضات من أجل الحصول على أكبر حصة من جيوب المشترين وهو ما يدفع الناس إلى شراء ما يفوق احتياجات شهر رمضان إلى شراء احتياجات أشهر قادمة.
وسلوك الشراء هذا يكتنفه تبذير سواء في كميات الشراء أو في كميات الطبخ في البيوت التي يؤول جلها إلى حاويات المخلفات ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكل ذلك يفرض ضغوطا على ميزانيات الأسر بشكل كبير.. وهو بالمناسبة من أسباب أزمة الخادمات خلال شهر رمضان.. فالانشغال بإعداد أنواع كثيرة من الطعام والشراب يشكل عبئا على ربات المنازل والعاملات فيدفعهن إلى زيادة عدد الخادمات في بيوتهن وهو ما يؤدي إلى زيادة الطلب على خدمات الخادمات فترتفع أجورهن إلى معدلات عالية جدا.
وبذلك نكون بسلوكياتنا قبيل الشهر الكريم وخلاله سببا في أزمة الخادمات من جهة تضاعف أجورهن أو من جهة تحفيزهن على الهروب من كفلائهن بحثا عن الأجور المرتفعة لدى غيرهم.
إن ارتفاع الطلب على خدمات الخادمات ليس في رمضان فقط وإنما طوال العام وذلك أيضا بأيدينا وبسلوكياتنا وبسوء تربيتنا وتعليمنا لأولادنا، إذ لا نربيهم على العمل والمشاركة في أعمال المنزل، لا البنات ولا الأولاد، حتى في القيام ببعض الأعمال المنزلية التي تخصهم بشكل مباشر، فغالب أولادنا يعتمدون على الخدم حتى في شربة الماء وهو ما يحولنا إلى أمة كسولة غير منتجة فاقدة لمتعة الإنجاز وتحقيق مكاسب العمل المادية والمعنوية.. وللكسل كلفة على الأسرة والمجتمع والدولة وذلك عكس العمل والإنتاج الذي يعد مصدرا للدخل والكسب للفرد والأسرة والمجتمع والاقتصاد ككل.
الكسل المتفشي في أسرة ما يفرض على ربها وأفرادها الاستعانة بمن يقوم بالأعمال التي يكسلون عن القيام بها وهذا سبب تواجد الملايين من خدم المنازل داخل بيوتنا وهم في آحادهم يشكلون أعباء على ميزانيات الأسر وفي مجموعهم يشكلون عبئا على الاقتصاد الوطني وعلى الخدمات العامة والبنى التحتية.
بينما العمل والإنتاج ومشاركة الزوج والأولاد في تدبير وإدارة شؤون المنازل تقلل من الحاجة للخدم ويُمكّن من التحوّل إلى الخدمة الجزئية أو بالساعة. ويوفر كلفة الاستعانة بالخدم ويخفف من الأعباء على الأسرة والمجتمع والاقتصاد الوطني ككل.
ولعلي أختم بالقول بأنني لست ضد الاستمتاع بالأكل والشرب في رمضان ولكن الاعتدال أفضل. ففوائض موائد رمضان التي تذهب إلى حاويات المخلفات والتبذير من أفعال الشياطين والأولى الاقتصاد.
ولست ضد الاستعانة بالخدم ولكن بعد أن نستنفذ مشاركة جميع أفراد الأسرة في أعمال المنزل وأن تبدأ الاستعانة بالخدم الذي يعملون بنظام العمل الجزئي أو بالساعة وخصوصا للأسر الصغيرة.
ورمضان كريم وكل عام والجميع بخير.
faez.j@makkahnp.com