أهل مكة يزاحمون المعتمرين!
تفاعل
الاحد / 22 / شعبان / 1437 هـ - 01:00 - الاحد 29 مايو 2016 01:00
خرج كهل من منزله بحي من أحياء مكة قاصدا بيت الله المقدس، وكان هذا اليوم يوافق السابع والعشرين من شهر الفضيلة والغفران، فاجأه زحام المعتمرين والزوار، لكنه استوعب النظام، فهذا اليوم قيل إنه يصادف ليلة القدر، لذلك كان هذا الزحام. وعندما انتهى من الطواف اختار مكانا بين المعتمرين الوافدين، نظر إليهم باشمئزاز وقال في نفسه: يا لهم من مساكين لا يعرفون من الدين غير مزاحمة المصلين!
وفي ذات اللحظة دخل الحرم الشريف عجوز يحمله ابنه البار على كرسي متحرك بلغ من الكبر عتيا، وهم يطوفون حول الكعبة نظر العجوز إلى الزوار المعتمرين بضيق وقال: لماذا على الدولة أن تستقبل كل هذا الكم من الوافدين ولا تكتفي بعدد قليل لا يزاحم المصلين! فرد عليه ابنه بلطف واحترام: يا أبت، إنهم يجمعون المال عاما تلو العام وبعضهم يا للمساكين يجمعونه في عقود طويلة، فدعهم يفرحوا بتحقيق هذا الحلم المنشود، فقال له العجوز: يفنون أعمارهم في اللهو واللعب والملذات، وعندما يبلغون أرذل العمر يتقاتلون من أجل أن يحصلوا على عمرة أو ركعة في الحرم، يا له من منطق! نظر الابن إلى أبيه في عتب وقال يحدث نفسه: عجبا لك يا أبي تريد أن تحرم العباد من التقرب إلى بيت الله وتجعله حكرا لنا، وهو بالقرب منا لا يبعد سوى بضعة أميال عجبا له من منطق.
وبعد أن انتهى هذا الابن البار من الطواف، دفع الكرسي المتحرك إلى مكان شاغر فوجد بجانب رجل ناهز الستين مكانين شاغرين، فندت عنه ابتسامة ظفر، وراح ينطلق بسرعة حتى وصل.. أدى كل من الثلاثة ركعتي ما بعد الطواف، وحين انتهى الكهل الأول وحانت منه التفاتة فإذا به يبتسم ويرحب ويحيي جاره فلقد كانا جارين في أحد الأحياء وتحرك كل منهم بطريقته ليصل إلى الحرم.. ودار بين الكهل والعجوز هذا الحديث، قال الأول: زاحمنا الوافدون والله، المفترض يقلل عددهم كل سنة أو يحصرونهم ويفندونهم وكل سنة يقللونهم.
فرد الثاني: معاك حق، الواحد ما يلقى له مكان يصلي فيه حتى، لازم حل!
عزيزي القارئ، هنا الحديث يطول ولا بد من الترميز كي لا يقذفنا كهولنا بالشتم واللعن، لكن لا بد من إظهار الحقيقة، فهل يحق لمن يسكنون مكة وحدهم أن يتفردوا بالعبادات والطاعات في رحاب بيته، وأن يزاحموا المعتمرين والزوار من الوافدين ولا يدعوا لهم فرصة ولو واحدة، وهل كانت الجنة حكرا على من يؤدي فريضة العمرة في موسم رمضان، يا له من منطق!