معرفة

أنديجاني: لوحة الخط العربي ليست عملا جماليا فقط

u0645u0627u0632u0646 u0623u0646u062fu064au062cu0627u0646u064a u0623u062bu0646u0627u0621 u0639u0645u0644u0647 u0639u0644u0649 u0625u062du062fu0649 u0627u0644u0644u0648u062du0627u062a (u0645u0643u0629)
كما هو الحال في الإبداع الشعري، ليس من السهولة تمرير تجارب حافلة بتجديد نوعي في مجال محكم القواعد ومقترن موضوعيا بالتراث كالخط العربي، غير أن ما جاءت به المعطيات الزمنية من ارتفاع في الحس الجمالي ومن ميل نحو الابتكار والتجريب على صعيد التجارب الفنية، جعل الخطاط مازن أنديجاني يطلب إعطاءه حريته الإبداعية وإطلاق يديه داخل لوحته التي يريدها، لترى النور كما يريد. 1 فلنبدأ مع الحرف الأول، متى بدأت الموهبة وهل هناك شخص لعب دورا في تطويرها؟ الموهبة تولد مع الإنسان، سواء كانت في مجال الخط العربي أو أي مجال آخر، فمن المستحيل أن يقرر الشخص أن يكون مذيعا أو شاعرا أو رساما في لحظة، بل من المفترض أن يبحث في دواخله عن الجزء الإبداعي والموهبة الربانية ليتمسك بها ومن ثم يصقلها بالدراسة أو التمرين، وهذا ما حدث معي بالضبط، حيث كنت في عمر التسع سنوات أستطيع أن أفرق بين أنواع الخطوط ومعرفة الجيد منها والرديء، ولي موهبة في تقليد الخطوط الأمر الذي لاحظه المحيطون بي وتبنته الوالدة رحمها الله ودعمتني ماديا ومعنويا وما زلت أتذكر أول طقم أقلام «بلاتجنام» النادرة الذي أهدتني إياه بعد نجاحي في الصف الرابع الابتدائي. وهنا كانت انطلاقتي وللوالدة رحمها الله الفضل الكبير بعد الله في ما أنا عليه الآن. 2 هل تذكر اللحظة التي قررت فيها أنك خطاط محترف ولست مجرد شخص موهوب في الخط؟ نعم، هناك لحظتان لا يمكن نسيانهما: الأولى: عند تصحيح ناصر الميمون أول تمرين لي الثانية: عند حصول أحد أعمالي على أكبر عدد مزايدات في أحد المزادات الخيرية التي شاركت بها لدعم المبادرات الاجتماعية، حينها أدركت أن أعمالي لها وزن في المجال، وأصبح لها معجبون يحرصون على اقتنائها. 3 وسط مجموعة كبيرة من الخطاطين، ما هو الاتجاه الذي حاولت صناعة نموذجك الخاص فيه؟ الأسلوب الكلاسيكي أسلوب مرغوب ومحبب لدى كثير من عشاق فن الخط العربي، ويعتمد بشكل كبير على القواعد والأساسيات التي لا يمكن الاستغناء عنها في أي عمل، ولهذا وجدت نفسي أدمج بين روحانية الأسلوب الكلاسيكي وحداثة وسحر الأسلوب الحديث الذي يتماشى مع المحيط العصري الذي نعيش فيه من حيث الألوان وتوزيع الفراغات وتشكيل الخطوط، وهو ما صنع لي أسلوبا خاصا يستطيع المتلقي معرفة أعمالي من خلاله. 4 هل هناك أبعاد فلسفية أو رمزيات في لوحة الخط، تتجاوز البعد الجمالي الذي تراه العين؟ بكل تأكيد، فكل عمل لا ينجز إلا بعد تفكير عميق لتوظيفه في سبيل إيصال رسالة فلسفية معينة تترجم من خلال اختيار العبارة وألوانها وشكلها وتوزيع مساحاتها في اللوحة الخطية، وهنا يكمن الإبداع في العمل، بحيث تشاهد اللوحة وتعرف الرسالة الكامنة داخلها بعد التعمق في تفاصيلها. 5 هل ترى أن بعض القواعد قيدت من الحركة الإبداعية التي يمكن أن تظهر الحرف العربي بجمال أكبر؟ يقال في الخط العربي إن «يد الخطاط مقيدة» وهذا ما يميزه، فالخطاط لا يمكنه إضافة أو إنقاص من مقاسات الحرف ولا النسب التي تربط بينه وبين حرف آخر ومع هذا لم تكن المقيد الأساسي في انتشار الفن بل أضفت كثيرا من التحدي لدى الخطاطين وجعلت مجال المنافسة أكبر وأصعب وهنا تظهر نشوة النجاح والإبداع. 6 يستمر الحديث عن حماية الخط العربي من الاندثار، بينما نلاحظ تزايدا في أعداد الخطاطين وازدهارا للمجال حتى في مقابل الفنون العصرية الجديدة، ما تعليقك؟ سبق وأن مر الخط العربي بفترة ركود كادت أن تؤدي إلى اندثاره، خاصة في فترة ظهور برامج الكمبيوتر والتي أعتقد البعض أنها ستكون البديل الأسرع والأسهل عن العمل اليدوي للوحات، ولكن سرعان ما استعاد فن الخط العربي مكانته بسبب وجود الروح الفنية التي تظهر في اللوحة التي تتم بشكل يدوي، وحاليا يتجه هذا الفن نحو القمة وهناك أسباب عدة لذلك أهمها: - روحانيته، حيث شرف بكتابة القرآن الكريم. - اتفاق الجميع على حبه، حيث أنه يكاد أن يكون من الفنون القليلة التي لا تشوبها شائبة تحريم أو عدم جواز. - حسن الخط مرتبط بشكل دائم بحسن الخلق وبالوقار وبأنه من مفاتيح الرزق. وهذه من الأمور المهمة التي جعلت من هذا الفن صامدا عبر مئات السنين ولا يزال يلاقي رواجا كبيرا بين كثير من فئات المجتمع باختلاف ثقافاتهم ومرجعياتهم وأعمارهم. 7 تعمل كمهندس، والخط هندسة بشكل أو بآخر، أخبرنا عن الرابط الذي تشعر أنه يربط بين الجانبين؟ عملي كمهندس لم يؤثر على عملي كخطاط، ولكن ما حصل هو أن عملي كخطاط أثر على مهنتي كمهندس، وجعلني أنظر إلى الأمور والتصاميم الهندسية بمنظور آخر أكثر فنا من قبل بسبب ما يتميز به، والتعمق فيها تؤثر على حياة كل خطاط ومنها تعلم الصبر وإتقان العمل والحرص على الإنتاج بشكل متكامل وسليم.