من أجل الله والتاريخ أنقذوا العراق!
الخميس / 19 / شعبان / 1437 هـ - 00:45 - الخميس 26 مايو 2016 00:45
حملة حزب الدعوة والطغمة الطائفية التي تحكم العراق على الفلوجة متوقعة لصرف النظر عن الأزمة السياسية التي اندلعت بين شركاء السلطة في المنطقة الخضراء، بعد أن وصلت العملية السياسية إلى مرحلة الانسداد السياسي وكادت الأمور تتفجر في وسط بغداد بعد انفلات الوضع الأمني من يد الحكومة الهشة وانتشار الميليشيات في الشوارع والأحياء واقتحام المتظاهرين المدعومين من الصدر المنطقة الخضراء عدة مرات. على إثره قررت الحكومة جمع الميليشيات الطائفية وتوجيهها نحو الفلوجة المحاصرة. لعبة قديمة مارسها المالكي في وزارته الأولى والثانية. والآن يمارسها العبادي في محاولة يائسة لرأب الصدع في الائتلاف الطائفي الحاكم بعد أن وصلت الأمور إلى طريق مسدود. لسنا بحاجة إلى تفكير مجهد أو ذكاء خارق كي ندرك أن شن حملة على تنظيم داعش في الفلوجة في الوقت الذي وصلت الأزمة السياسية أوجها هو من أفكار العبادي وحده دون إيعاز مباشر أو غير مباشر من نظام المرشد في إيران. رأينا قاسم سليماني وهو يجتمع مع قادة الحشد الطائفي للتحضير لحرق الفلوجة، ورأينا الهتافات الطائفية والشحن الأيدلوجي المقيت، ولسنا بحاجة إلى مشاهد أكثر كراهية مما رأينا حتى نفهم ما هو المآل الذي ينتظر الفلوجة وأهلها الأبرياء.
بدون شك الولايات المتحدة ما زالت مصممة على إنقاذ النظام الطائفي الحاكم في العراق وتحويل الكراهية المتبادلة بين البيت الطائفي الحاكم نحو الفلوجة وتناسي الأزمة السياسية في بغداد، بدليل أنها حلقت بطائراتها لمساندة ميليشيات الحشد الطائفي في عملية إبادة الفلوجة.
ما يحصل في العراق هو عبث أمام مرأى ومسمع من الدول العربية ودول الخليج، نظام ثيوقراطي فاشي مقيت يتلقى أوامره من نظام المرشد وقسّم البلاد والعباد وهجّر وقتل واغتصب ثم اندلعت الفتنة السياسية بين أطرافه. وحتى يتجاوز هذه الأزمة قرر حرق الفلوجة كي يشفي غليل ميليشياته المحملة بالحقد والكراهية.
يعلم الجميع أن أهل الفلوجة المحاصرين ليس على عاتقهم أدنى مسؤولية إزاء احتلال تنظيم داعش لمحافظتهم، فهم قد طالبوا بإصلاح النظام السياسي وتسليحهم لقتال التنظيم لكن طلبهم قوبل بالرفض حتى من الولايات المتحدة التي تريد هي الأخرى تركيع أهل الفلوجة بعد أن فشلت مفاوضات عمّان وتنزانيا وتركيا والدوحة. والآن من غير المعقول أن نرى فصيلا طائفيا يحكم العراق ويمزّقه بدعم من إيران والولايات المتحدة دون أن نحرك ساكنا. باعتقادي ينبغي أن يقدم مجلس التعاون الخليجي أو السعودية مبادرة شبيهة بالمبادرة الخليجية المتعلقة باليمن، تهدف لحل الأزمة السياسية في العراق وفق وجهة نظر جميع العراقيين وليست فقط من وجهة نظر الائتلاف الطائفي الذي يتصارع أطرافه على السلطة. يجب أن تكون هناك مبادرة شاملة لوضع دستور جديد ونظام انتخابات وإصلاح للقضاء والجيش وكل مؤسسات الدولة.
الائتلاف الحاكم وإن انتزع الفلوجة من قبضة داعش إلا أنه سيخلف وراءه سلسلة طويلة من الجرائم والانتهاكات والتهجير والحرق والقتل، وسيستمر في سياسته السرطانية في كل محافظة سنية تلو الأخرى حتى يصدّر مشاكله الداخلية وأزمته السياسية ونحن نتفرج دون أن نحرك ساكنا. تحرك دول الخليج لإصلاح العراق لا يعني دعم السنة، ولا أدري لماذا يربط السنة بالخليج والخليج بالسنة؟! فنحن رأينا انتفاضات المحافظات الشيعية على هذا النظام البائس بمن فيهم أنصار الصدر. والتحرك الخليجي سيكون من أجل العراقيين بمختلف مكوناتهم دون شك.
نحن قبل قرن واحد كانت حياتنا على الله ثم العراق، معظم أهل نجد عاشوا في العراق في الزبير والبصرة وبغداد وغيرها من محافظات العراق الحبيب أو طلبوا العلم هناك. والآن آن الأوان أن نقف مع العراقيين في محنتهم. الأيام دول ونحن لا نعلم في القرن القادم كيف سيكون مصيرنا. أنقذوا العراق من أجل الله والتاريخ!
fayed.a@makkahnp.com