الرأي

سيتغير العالم.. وسيتغير باختياره

حنان المرحبي
عجبا منه، يختار أن يتغير ليواجه عصفا نفسيا، وفوضى ذهنية، وجفافا في المعاني!

لكن لا بأس عليه، هكذا تعمل سنن التغيير الحقيقي، تعتصرنا من أعماقنا، تعصف مشاعرنا بجنون وتكسر مرايا الذهن التي طالما حرصنا على نقائها وصفائها وتركيزها، لتنعدم الرؤية تماما ونندهش متمتمين: ما هذه العتمة، كأننا لم نبصر شيئا ذا معنى من قبل في حياتنا كلها! الأمر قاس، وقد يراه الناظر عن بعد مثيرا، فلم يفرضه أحد على تلك النفس، ولكن هي التي اختارت أن تذهب إليه وتعيش بين جرفان السيول (التغيير)!

القصة تبدأ من هنا، من بصيص نور خافت بعيد جدا، لكن يمكن الإحساس به، ويمكن تتبعه على خطى متعثرة بعض الشيء، تعترضها حواجز من الداخل (الخوف والتردد) وأخرى من الخارج (نظرات التعيير والاستغراب من الآخرين)، مع ذلك لا تتوقف عن السير نحوه، يشدها الأمل ويقومها العزم.

والصدمة التي تحملها قصتنا هي أن ذلك النور يصل خافتا ليس لضعف مصدره، ولا لبعده، بل هو قوي جدا وقريب، إلا أن الحواجز التي تصنعها المخاوف من المجهول أو تغيير الآخرين، تعتم الرؤية وتغشيها، لتراه الأعين ضعيفا وتائها في آخر الأفق. وهنا أتساءل، إلى أي عمق تتملكنا نظرة الآخرين وأحكامهم؟ حتى ما إذا قررنا المواجهة والتقدم، أعادنا الخوف لسجونهم وأبقانا خلفهم.

طفلتي الصغيرة، شعور الفوضى الذي يخلفه التغيير لا يدوم، ولكنه يعمل بشكل موقت من أجل أن ينقلنا أنا وأنت من نقطة إلى أخرى، وفي أثناء تلك الرحلة، لا بد أن تعتادي العيش بإحساس السقوط المستمر الذي لا ترى نهاية له، فلا تتخلي عني في منتصف الطريق.

أعدك، سنعود للحياة بمنظور أوسع، ورؤية أوضح، تعزز من إحساسنا بالأمان، وتتقدم بخطانا للأمام، حينها سنمارس ما نحب ولا يجرؤ على تعيير خياراتنا البريئة أحد.

أعدك أيضا، ستكون ممارستك لما تحبين سببا لتغيير العالم، باختياره.

تذكري أن فوضى التغيير موقتة، وستكون التجربة مثمرة، ثقي برؤيتي.