حياتنا

د‭. ‬أحمد‭ ‬المسيري‭ : ‬تطوير‭ ‬علاجات‭ ‬فعالة‭ ‬لعلاج‭ ‬الإدمان

تعزيز‭ ‬محاربته‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الوقاية

u062f. u0623u062du0645u062f u0627u0644u0645u0633u064au0631u064a
يعاني‭ ‬المدمنون‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬في‭ ‬التحكم‭ ‬بسلوكياتهم‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتعاطي‭ ‬المخدرات،‭ ‬وهم‭ ‬يسعون‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المخدرات‭ ‬أو‭ ‬الكحول‭ ‬أو‭ ‬غيرهما‭ ‬بأي‭ ‬تكلفة،‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬العواقب‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تشمل‭ ‬فقدان‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬والإضرار‭ ‬بأفراد‭ ‬العائلة‭ ‬وفقدان‭ ‬الوظيفة‭. ‬

وهنا‭ ‬يتبادر‭ ‬السؤال‭ ‬البديهي‭: ‬لماذا‭ ‬يجعل‭ ‬الإدمان‭ ‬الناس‭ ‬تتصرف‭ ‬بهذه‭ ‬الطرق‭ ‬المدمرة؟‭ ‬ولماذا‭ ‬يصعب‭ ‬الإقلاع‭ ‬عنه؟

يقول‭ ‬البروفيسور‭ ‬أحمد‭ ‬المسيري،‭ ‬استشاري‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬وعلاج‭ ‬الإدمان‭ ‬بمستشفى‭ ‬المركز‭ ‬الطبي‭ ‬الدولي‭ ‬بجدة،‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬عديدة‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الإدمان،‭ ‬رغم‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬ندرك‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬كيف‭ ‬تؤدي‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬مجتمعة‭ ‬إليه،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬هناك‭ ‬المؤثرات‭ ‬البيولوجية،‭ ‬ومنها‭ ‬العوامل‭ ‬الوراثية،‭ ‬وكذلك‭ ‬المؤثرات‭ ‬البيئية،‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬التجارب‭ ‬المبكرة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والعلاقات‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬والثقافة‭.‬

يبدأ‭ ‬كل‭ ‬متعاطي‭ ‬للمخدرات‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬كمستخدم‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬ويتم‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬طوعي‭ ‬وبقرار‭ ‬يتحكم‭ ‬فيه‭ ‬بالكامل،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬واستمرار‭ ‬تعاطي‭ ‬المخدر،‭ ‬فإنه‭ ‬يتحول‭ ‬من‭ ‬متعاطٍ‭ ‬طوعي‭ ‬إلى‭ ‬مهووس‭ ‬بالمخدرات،‭ ‬ويحدث‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬استخدام‭ ‬العقاقير‭ ‬المسببة‭ ‬للإدمان‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تغييرات‭ ‬مدمرة‭ ‬في‭ ‬الدماغ،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬بشكل‭ ‬قهري‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للمتعاطي‭ ‬التحكم‭ ‬به‭.‬

ووفقاً‭ ‬للبروفيسور‭ ‬المسيري،‭ ‬قد‭ ‬يعتقد‭ ‬المدمنون‭ ‬أنهم‭ ‬يشعرون‭ ‬بتأثيرات‭ ‬إيجابية‭ ‬عند‭ ‬استخدامهم‭ ‬للمخدرات‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى،‭ ‬ويظنون‭ ‬أن‭ ‬بمقدورهم‭ ‬التحكم‭ ‬باستخدامهم‭ ‬لها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المخدرات‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الشخص‭. ‬وبمرور‭ ‬الوقت‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬التعاطي،‭ ‬تصبح‭ ‬الأنشطة‭ ‬الممتعة‭ ‬الأخرى‭ ‬أقل‭ ‬متعة،‭ ‬ويصبح‭ ‬تعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬أمراً‭ ‬ضرورياً‭ ‬للمستخدم‭ ‬ليشعر‭ ‬أنه‭ ‬شخص‭ ‬طبيعي‭. ‬وعندئذ‭ ‬فإن‭ ‬الشخص‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬المخدرات‭ ‬ويتعاطاها‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬تسبب‭ ‬له‭ ‬وللآخرين‭ ‬مشاكل‭ ‬كبيرة،‭ ‬وقد‭ ‬يبدأ‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬بالحاجة‭ ‬لتناول‭ ‬جرعة‭ ‬أكبر‭ ‬وبشكل‭ ‬متكرر‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬للتعاطي،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬العلامات‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬الإدمان‭.‬

يقول‭ ‬البروفيسور‭ ‬المسيري،‭ ‬‮«‬على‭ ‬عكس‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬نتمكن‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬جرثومة‭ ‬محددة‭ ‬أو‭ ‬خلل‭ ‬محدد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬المرض،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الإدمان‭. ‬ويمكننا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فهم‭ ‬أسباب‭ ‬المرض‭ ‬تطوير‭ ‬علاجات‭ ‬له‭. ‬وبالمثل‭ ‬يمكننا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فهم‭ ‬أسباب‭ ‬الإدمان‭ ‬مساعدة‭ ‬الشخص‭ ‬على‭ ‬التعافي‭ ‬منه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬واختبار‭ ‬نماذج‭ ‬محددة،‭ ‬بما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬علاجات‭ ‬فعالة‮»‬‭.‬

ويؤكد‭ ‬البروفيسور‭ ‬المسيري‭ ‬أن‭ ‬المتعاطي،‭ ‬حتى‭ ‬المعتدل‭ ‬نسبياً،‭ ‬يشكل‭ ‬تهديداً،‭ ‬حينما‭ ‬يقود‭ ‬سيارة‭ ‬مثلاً،‭ ‬ويقوم‭ ‬بتحويل‭ ‬نشاط‭ ‬ممتع‭ ‬ومفيد‭ ‬إلى‭ ‬كارثة‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الآخرين‭. ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬توعية‭ ‬أبنائنا‭ ‬بمدى‭ ‬خطورة‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬المخدرات‭ ‬القاتل،‭ ‬كما‭ ‬على‭ ‬المتعاطي‭ ‬المسارعة‭ ‬بالخروج‭ ‬منه،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أن‭ ‬وسائل‭ ‬المساعدة‭ ‬والإرشاد‭ ‬متوفرة،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬التعافي‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭ ‬الإدمان‭.‬