في أطوار المذيع السعودي
السبت / 7 / شعبان / 1437 هـ - 23:00 - السبت 14 مايو 2016 23:00
يعيش المذيع السعودي اليوم مرحلة هي الأكثر نجومية، وتعددا للفرص بأقل مجهود مقارنة بما عليه جيل الرواد، وإذا كانت حياة الصحفي السعودي لم يحدث لها تغييرات جوهرية مع تطورات تقنية الاتصال، فإن المجال الإذاعي والفضائي حدث له متغيرات كبيرة كقارئ لنشرات أخبار أو مقدم لأي مادة في برامج متنوعة المجالات. مع كل هذه الفرص والنجومية السهلة، لم يحقق المذيع السعودي اليوم نقلة نوعية تؤسس لجيل من المذيعين الكبار في وعيهم وأدائهم وثقافتهم وبرامج ذات جهد تحريري عميق، مقارنة بجيل الرواد مع فارق الظروف بينهم وبين جيل الرواد من المذيعين الكبار، والذين شكلوا أعمدة رئيسية في ذاكرة التلفزيون السعودي منذ بداياته إلى عصره الذهبي، وقد رحل قبل أيام أحد هؤلاء الكبار المذيع القدير ماجد الشبل. كانت معايير الاختيار في السبعينات والثمانينات وبداية التسعينات أكثر صرامة، حيث تأخذ حياة المذيع مسارا بيروقراطيا معقدا قبل الوصول إلى أهم ظهور كقارئ لنشرات الأخبار الرئيسية.
عندما جاءت مرحلة التسعينات وظهور البث الفضائي وبداية انتشاره وظهور الإعلام الخاص، حدثت ضربة موجعة للقنوات الرسمية، وتراجعت شعبيتها تدريجيا لصالح البث الفضائي، وكان التركيز على حضور المذيعات الجميلات في نشرات الأخبار العربية أحد أدوات التسويق التي أثرت على سوق الإعلام الحكومي، في مرحلة التسعينات، وهي لحظة تراجع دور المذيع السعودي من الرواد وشعورهم بالمرارة تدريجيا مع هذه المتغيرات وعدم وجود ديناميكية تطوير تواكب هذه التحولات. تراجع حينها دور المذيع السعودي.. وركزت حتى القنوات الفضائية المملوكة لسعوديين على المذيع العربي في مرحلة التسعينات للظفر بالمشاهد العربي سريعا .. لكن مع بداية الألفية الجديدة بدأ يظهر جيل من الأسماء السعودية خاصة مع بداية حضور إذاعة الإف إم فكانت فرصة لبداية الحضور والنجاح وكان أحدها برنامج إضاءات على «ام بي سي اف ام» والذي تزامن مع مرحلة سعودية وعالمية ساخنة بعد سبتمبر.
ومع تعدد القنوات السعودية والمجالات في الرياضة والفن والثقافة والقضايا الاجتماعية وشعور ملاك القنوات بأهمية الجمهور الخليجي والسعودي إعلانيا، أصبحت الحاجة للمذيع السعودي الناجح والذي يجذب جمهورا واسعا مطلوبا باستمرار، لكن بعد حضور اليوتيوب بدأت تظهر نجومية منافسة أخذت حصة ليست صغيرة من الجمهور، وشعرت قنواتنا الخاصة بهذه الأزمة فبدأت منذ سنوات استقطاب هذه الوجوه الناجحة لشاشاتها.
مشكلة المذيع السعودي في هذه المرحلة، أنه عندما تتحقق له الشهرة أو يثير صدى في بعض برامجه، فإنه يتوقف عند هذا البريق ولا يتجاوزه، فلا يستمر في تطوير نفسه، ويشعر أنه ليس بحاجة لذلك، طالما أنه يستطيع التحدث بأي موضوع وعنده الجرأة بصف الكلام عن أي شيء دون أن يشعر بمدى سطحيته. من المقبول أن يكون المذيع في بداية حياته وتجربته ليس عميقا وقارئا جيدا، لكن مع مرور السنوات يجب أن يظهر تطور وعيه باستمرار ويرتبط الجمهور نفسيا معه، ليصبح أحد الرموز مهما تعددت البرامج التي يظهر بها. ثقافة المذيع وعمقه والمحتوى في برامجه تظهر للمشاهد بصور متعددة في ذكاء مقاطعاته وتعليقاته، ورقي إحراجه للضيف، ومعرفته بالمحاور الكبرى فيما يتناوله من قضايا.
إن الاعتماد على طاقم تحرير خلف الشاشة يساعد المذيع على الكسل، ويصبح دوره مجرد التقاط سؤال من هنا، وعبارة مثيرة من هنا دون وعي كاف بها، والمذيع غير المتطور في اطلاعه لن يكتشف عيوب حتى طاقم التحرير لديه الذين يعدون أكثر مواد برامجهم من محرك قوقل. كثير من البرامج السعودية اعتمدت على نوعية الضيوف والقضايا الساخنة في بعض المراحل، وعندما تنتهي هذه القضايا أو يخبو وهجها، يبدأ بعدها البرنامج بمرحلة الموت البطيء بعد سنوات قليلة، وتكرار ممل للضيوف.
من الجوانب التي تضعف استمرارية نجومية بعض المذيعين، هي ارتفاع حالة الغرور وشوفة النفس على المشاهد والضيوف بمرور الوقت، وهو تعال قد لا يشعر به ولا من معه بالقناة حيث يصبح مع الوقت جزءا من شخصيته. وأي قدر من الغرور وشوفة النفس بالغ الحساسية لدى المشاهد العادي، ويبدأ يشعر بكراهيته لهذا المذيع أو ذاك دون معرفة السبب.
لدينا اليوم أسماء عديدة من المذيعين في مجالات السياسة والثقافة والقضايا الاجتماعية والرياضة يمكن إن رسخوا ريادتهم بالعمل الجاد المستمر أن يكونوا أحد رموز التغيير بحضورهم وليس بحضور ضيوفهم، واليوم عندما يأتي الحديث عن التأثير الثقافي وتغيير الوعي في المجتمع يشار عادة إلى دور نخب محددة كالمثقف والكاتب والشيخ والواعظ وفي المجال الفني يحضر دور الممثل ومركزيته في التأثير، لكن المذيع أو مقدم البرامج يبدو خارج هذه الرؤية في حساسية دوره وحيويته، ولهذا يضطر الكثير منهم للظهور بشخصيات أخرى لتأكيد حضوره فينتقل لمجال الكتابة الصحفية سريعا والتي قد يكون ليس من أهلها.
alkhedr.a@makkahnp.com
عندما جاءت مرحلة التسعينات وظهور البث الفضائي وبداية انتشاره وظهور الإعلام الخاص، حدثت ضربة موجعة للقنوات الرسمية، وتراجعت شعبيتها تدريجيا لصالح البث الفضائي، وكان التركيز على حضور المذيعات الجميلات في نشرات الأخبار العربية أحد أدوات التسويق التي أثرت على سوق الإعلام الحكومي، في مرحلة التسعينات، وهي لحظة تراجع دور المذيع السعودي من الرواد وشعورهم بالمرارة تدريجيا مع هذه المتغيرات وعدم وجود ديناميكية تطوير تواكب هذه التحولات. تراجع حينها دور المذيع السعودي.. وركزت حتى القنوات الفضائية المملوكة لسعوديين على المذيع العربي في مرحلة التسعينات للظفر بالمشاهد العربي سريعا .. لكن مع بداية الألفية الجديدة بدأ يظهر جيل من الأسماء السعودية خاصة مع بداية حضور إذاعة الإف إم فكانت فرصة لبداية الحضور والنجاح وكان أحدها برنامج إضاءات على «ام بي سي اف ام» والذي تزامن مع مرحلة سعودية وعالمية ساخنة بعد سبتمبر.
ومع تعدد القنوات السعودية والمجالات في الرياضة والفن والثقافة والقضايا الاجتماعية وشعور ملاك القنوات بأهمية الجمهور الخليجي والسعودي إعلانيا، أصبحت الحاجة للمذيع السعودي الناجح والذي يجذب جمهورا واسعا مطلوبا باستمرار، لكن بعد حضور اليوتيوب بدأت تظهر نجومية منافسة أخذت حصة ليست صغيرة من الجمهور، وشعرت قنواتنا الخاصة بهذه الأزمة فبدأت منذ سنوات استقطاب هذه الوجوه الناجحة لشاشاتها.
مشكلة المذيع السعودي في هذه المرحلة، أنه عندما تتحقق له الشهرة أو يثير صدى في بعض برامجه، فإنه يتوقف عند هذا البريق ولا يتجاوزه، فلا يستمر في تطوير نفسه، ويشعر أنه ليس بحاجة لذلك، طالما أنه يستطيع التحدث بأي موضوع وعنده الجرأة بصف الكلام عن أي شيء دون أن يشعر بمدى سطحيته. من المقبول أن يكون المذيع في بداية حياته وتجربته ليس عميقا وقارئا جيدا، لكن مع مرور السنوات يجب أن يظهر تطور وعيه باستمرار ويرتبط الجمهور نفسيا معه، ليصبح أحد الرموز مهما تعددت البرامج التي يظهر بها. ثقافة المذيع وعمقه والمحتوى في برامجه تظهر للمشاهد بصور متعددة في ذكاء مقاطعاته وتعليقاته، ورقي إحراجه للضيف، ومعرفته بالمحاور الكبرى فيما يتناوله من قضايا.
إن الاعتماد على طاقم تحرير خلف الشاشة يساعد المذيع على الكسل، ويصبح دوره مجرد التقاط سؤال من هنا، وعبارة مثيرة من هنا دون وعي كاف بها، والمذيع غير المتطور في اطلاعه لن يكتشف عيوب حتى طاقم التحرير لديه الذين يعدون أكثر مواد برامجهم من محرك قوقل. كثير من البرامج السعودية اعتمدت على نوعية الضيوف والقضايا الساخنة في بعض المراحل، وعندما تنتهي هذه القضايا أو يخبو وهجها، يبدأ بعدها البرنامج بمرحلة الموت البطيء بعد سنوات قليلة، وتكرار ممل للضيوف.
من الجوانب التي تضعف استمرارية نجومية بعض المذيعين، هي ارتفاع حالة الغرور وشوفة النفس على المشاهد والضيوف بمرور الوقت، وهو تعال قد لا يشعر به ولا من معه بالقناة حيث يصبح مع الوقت جزءا من شخصيته. وأي قدر من الغرور وشوفة النفس بالغ الحساسية لدى المشاهد العادي، ويبدأ يشعر بكراهيته لهذا المذيع أو ذاك دون معرفة السبب.
لدينا اليوم أسماء عديدة من المذيعين في مجالات السياسة والثقافة والقضايا الاجتماعية والرياضة يمكن إن رسخوا ريادتهم بالعمل الجاد المستمر أن يكونوا أحد رموز التغيير بحضورهم وليس بحضور ضيوفهم، واليوم عندما يأتي الحديث عن التأثير الثقافي وتغيير الوعي في المجتمع يشار عادة إلى دور نخب محددة كالمثقف والكاتب والشيخ والواعظ وفي المجال الفني يحضر دور الممثل ومركزيته في التأثير، لكن المذيع أو مقدم البرامج يبدو خارج هذه الرؤية في حساسية دوره وحيويته، ولهذا يضطر الكثير منهم للظهور بشخصيات أخرى لتأكيد حضوره فينتقل لمجال الكتابة الصحفية سريعا والتي قد يكون ليس من أهلها.
alkhedr.a@makkahnp.com