فيرتجو
دبس الرمان
الجمعة / 6 / شعبان / 1437 هـ - 23:30 - الجمعة 13 مايو 2016 23:30
استيقظت في الصباح ليطالعني خبر وفاة الإعلامي السعودي المخضرم ماجد الشبل، فعاد بي شريط الذكريات إلى زمن آخر يبدو مقارنة بالآن وكأنه كوكب آخر. كانت أياما بسيطة، نعم بسيطة في هيكلتها، بسيطة في طريقة عيشها، بسيطة في تعاملاتها. فالخيارات الفكرية محدودة، ومدخلك لمصادر المعلومات محدود. والحقيقة هي أنه لم يكن زمنا جميلا، بل زمنا بسيطا، ولكننا حسبناه جميلا لأننا كنا نتشابه أكثر، نتطابق أكثر، ولأننا كنا نعرف أقل.
الدوار، نعم الدوار، التشويش، الحيرة، الاهتزاز، وعدم الثبات. هل تشعر بترابط مع إحدى هذه الكلمات؟ هل تفكر أن إحداها تصف بالضبط حالتك في مقابل ما نواجهه اليوم من متغيرات متسارعة ومتلاحقة تتركنا من الركض خلفها لاهثين ومتلاحقي الأنفاس؟ هل تشعر بالحيرة مع نفسك وأنت تفخر بابنتك وعملها في شركة مختلطة وظهورها في الملتقيات والمحافل، وأنت الذي منعت زوجتك في الماضي عن العمل، وما زلت تجبرها على النقاب. هل تشعرين بالذنب وتأنيب الضمير كلما أنجزت في عملك وتميزت وأنت تعودين للبيت لتنظري لأطفالك وتتساءلي؛ ترى ما قيمة ما حققته في مقابل المزيد من الوقت الذي كنت سأمضيه معهم؟
هل تشعر بالمزيد من الصدمات وأنت الذي أفنيت عمرك وبذلت أقصى جهدك وتحملت كل البروتوكلات المتعارف عليها لتحقيق التأثير والمكانة والجماهيرية والثروة، لتجد فجأة شخصا يخرج عن المتعارف والمألوف ويكسر كل الحدود، ينال كل ما كنت تتمناه وعملت جاهدا لأجله، بعشر المجهود وبعشرة أضعاف المردود. هل يكاد عقلك يستقيل من منصبه، ومخك يبحث عن جسد آخر يسكنه في مقابل كل التيارات الجديدة التي تطعن في ما اعتقدناه حقائق دينية وثوابت مرتبطة بكينونتنا وهويتنا. وأمثال تلك الشخصية الذائعة الصيت ذات الذقن الخفيف والتوجه الفكري المتأرجح ما بين السلفية والتنوير، يخبرك أنت الذي أفنيت نصف عمرك متعلقا في ثقافة أننا خلقنا للامتحان، والخوف من العقاب، بأن لك ربا رحيما وبأنه لا يجب أن تشعر بالتناقض ما بين فطرتك في البحث عن البهجة وما بين معتقدك الذي ينص على هجر الملذات.
نعم ما بين القديم والجديد تساقطت أفكارنا كسفا، وتضاربت معتقداتنا إربا، وها هي بعد الصراع والعراك تحاول لم شتات نفسها لتكوين أي معتقد جديد أو ثوابت جديدة. فمن نحن بدون معتقدات ترشدنا ما هو الصحيح وما هو الخاطئ؟ و من نحن بدون ثوابت نتمسك بها حين تمور بنا العواصف؟ وأنه في سبيل ذلك لا مفر من صنع الجديد من العقول، فالإصدار القديم عجز عن الثبات في زمن الدوار.
heba.q@makkahnp.com
الدوار، نعم الدوار، التشويش، الحيرة، الاهتزاز، وعدم الثبات. هل تشعر بترابط مع إحدى هذه الكلمات؟ هل تفكر أن إحداها تصف بالضبط حالتك في مقابل ما نواجهه اليوم من متغيرات متسارعة ومتلاحقة تتركنا من الركض خلفها لاهثين ومتلاحقي الأنفاس؟ هل تشعر بالحيرة مع نفسك وأنت تفخر بابنتك وعملها في شركة مختلطة وظهورها في الملتقيات والمحافل، وأنت الذي منعت زوجتك في الماضي عن العمل، وما زلت تجبرها على النقاب. هل تشعرين بالذنب وتأنيب الضمير كلما أنجزت في عملك وتميزت وأنت تعودين للبيت لتنظري لأطفالك وتتساءلي؛ ترى ما قيمة ما حققته في مقابل المزيد من الوقت الذي كنت سأمضيه معهم؟
هل تشعر بالمزيد من الصدمات وأنت الذي أفنيت عمرك وبذلت أقصى جهدك وتحملت كل البروتوكلات المتعارف عليها لتحقيق التأثير والمكانة والجماهيرية والثروة، لتجد فجأة شخصا يخرج عن المتعارف والمألوف ويكسر كل الحدود، ينال كل ما كنت تتمناه وعملت جاهدا لأجله، بعشر المجهود وبعشرة أضعاف المردود. هل يكاد عقلك يستقيل من منصبه، ومخك يبحث عن جسد آخر يسكنه في مقابل كل التيارات الجديدة التي تطعن في ما اعتقدناه حقائق دينية وثوابت مرتبطة بكينونتنا وهويتنا. وأمثال تلك الشخصية الذائعة الصيت ذات الذقن الخفيف والتوجه الفكري المتأرجح ما بين السلفية والتنوير، يخبرك أنت الذي أفنيت نصف عمرك متعلقا في ثقافة أننا خلقنا للامتحان، والخوف من العقاب، بأن لك ربا رحيما وبأنه لا يجب أن تشعر بالتناقض ما بين فطرتك في البحث عن البهجة وما بين معتقدك الذي ينص على هجر الملذات.
نعم ما بين القديم والجديد تساقطت أفكارنا كسفا، وتضاربت معتقداتنا إربا، وها هي بعد الصراع والعراك تحاول لم شتات نفسها لتكوين أي معتقد جديد أو ثوابت جديدة. فمن نحن بدون معتقدات ترشدنا ما هو الصحيح وما هو الخاطئ؟ و من نحن بدون ثوابت نتمسك بها حين تمور بنا العواصف؟ وأنه في سبيل ذلك لا مفر من صنع الجديد من العقول، فالإصدار القديم عجز عن الثبات في زمن الدوار.
- فيرتجو: vertigo بالإنجليزية تعني الدوار، وتستخدم كمصطلح يعبر عن التخبط الفكري.
heba.q@makkahnp.com