الرأي

الشامتون

محمد العقلا
تتألم أشد الألم عندما تسيطر مشاعر غير أخلاقية وغير مقبولة على الإطلاق من قبل بعض أفراد وفئات المجتمع -وأرجو أن يكونوا قلة - وهي الشماتة من الخصم عند تعرضه لأي موقف طارئ ومفاجئ، مثل المرض أو الوفاة أو ترك العمل أو الخسارة في المجال الرياضي وغير ذلك من المواقف الأليمة، وبالذات الوفاة والمرض، وهي وللأسف الشديد خصلة سيئة وذميمة ولا تصدر إلا عن إنسان غير سوي وبعيد كل البعد عن أخلاق الإسلام ومبادئه وقيمه، والشواهد على هذا الأمر كثيرة ومتنوعة، وساعد على انتشار هذا التصرف والسلوك غير الأخلاقي، والبعيد كل البعد عن الجانب الإنساني والرحمة والشفقة والعطف والعظة والاعتبار وسائل التواصل الاجتماعي، التي استغلتها هذه الفئة من البشر أسوأ استغلال، فبمجرد تعرض خصومهم في الفكر أو الرأي أو في الميول وبالذات الرياضية لأي انتكاسة، تجد المبادرة في الهجوم والشماتة والتشفي من خلال إطلاق التغريدات أو الكتابة في المواقع الالكترونية، ونسي هؤلاء أو تناسوا أن ديننا الإسلامي الحنيف نهانا عن ذلك، حيث حذر الرسول عليه الصلاة والسلام من شماتة المسلم بأخيه المسلم بقوله صلى الله عليه وسلم «لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك».

وأسوأ أنواع الشماتة، الشماتة في الموت أو المرض أو الإصابة، وأمام تفشي هذا الداء الخطير وتقبل بعض المتلقين له عن طريق العمل على نشر مثل هذه الرسائل التي تحمل في طياتها التشفي، فلا بد من العمل على مواجهة ذلك وبكل حزم، فمهما يكن من أمر فإن التهاون في مواجهة هذا الوضع سوف يؤدي إلى نتائج سلبية وعواقب وخيمة، وقد يتطور الأمر إلى ردود أفعال لا يمكن التنبؤ بها وبانعكاساتها السلبية، ونجد أن المستفيد الأكبر من تفشي هذه الآفة السيئة هم الأعداء المتربصون بنا من كل حدب وصوب، الذين يقومون برصد كل شاردة وواردة سلبية عن مجتمعنا، ويعملون على تضخيمها ومن ثم الترويج لها وإظهار مجتمعنا بشكل سلبي.

ويمكن التخلص من هذا الداء الخطير من خلال مسارين هما:

الأول: توعية المجتمع بخطورة هذا التصرف غير الأخلاقي وآثاره السلبية ومن أبرزها: افتقاد المجتمع للتلاحم والترابط، وتفشي الشحناء والتباغض، وهو خلاف هدي النبي عليه الصلاة والسلام القائل (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، وتقع مسؤولية توعية المجتمع بخطورة هذا الأمر على كل من هيئة كبار العلماء ووزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والتعليم والثقافة والإعلام، وكذلك الأسرة، وكل جهة من هذه الجهات تقوم بإعداد وتنفيذ برامج هادفة لعلاج هذه الآفة.

الأمر الثاني: فرض عقوبات صارمة وتطبيقها بكل حزم بحق هؤلاء المتجاوزين الشامتين، وعدم التهاون في تنفيذ ذلك، وفي حالة تكرارها يتم التشهير بهم، وتقع المسؤولية في تحقيق هذا الأمر على كل من وزارتي الداخلية والعدل وهيئة التحقيق والادعاء العام، فهل يتحقق هذا الأمر، أرجو ذلك.. والله الهادي إلى سواء السبيل.

aloqla.m@makkahnp.com