الرأي

عمالقة الاقتصاد

حنان المرحبي
الدول عبارة عن اقتصادات تبدو منفصلة عن بعضها وفقا للحدود الجغرافية، ولكنها ليست مستقلة. تسعى الدول بشكل كبير وجدي إلى بناء التحالفات والتعاون الإقليمي لتسهيل التبادل التجاري وتسريع النمو الاقتصادي.

أما على مستوى اقتصاد الدولة، فيتكون من عمالقة، يهيمنون على معظم المصادر المحلية ويلعبون أدوارا تمكنهم من التحكم في معايير المنافسة التجارية للأسواق التي تضمهم وقيادة رؤوس الأموال الضخمة وضخها في الأوعية الاستثمارية التي تثبت جدواها لهم. وأيضا يتكون من ناشئين، يخلقون صناعات حديثة ومتنوعة ويجذبون الاستثمارات إلى أوعيتهم لتنمو وتتوسع وتدخل في مضمار سباق العمالقة.

أيضا في الاقتصاد المحلي، توجد سياسات وأنظمة وجهات وهيئات منظمة ومحاكم للفصل في نزاعات الحقوق وصد أي محاولات لتحويل اللعب إلى سباق غير شريف وتوفير فرص متكافئة. تمثل هذه العوامل البيئة المؤسسية التي تحاول أن تجعل اللعبة (المنافسة) عادلة بين المشاركين في اقتسام الأرباح.

في كل اقتصاد صناعات متنوعة، يخوض العملاق أو الناشئ سباقه في صناعة معينة، تؤثر عليها قوى تنافسية متعددة لم تعد تحكمها أي حدود جغرافية، تتحكم فيها يد خفية، وتتكون تلك القوى من المتنافسين من نفس الصناعة، المنافسين من صناعة بديلة، المنافسين المحتملين، الزبائن، والموردين.

القدرة على البقاء أمام تلك القوى التنافسية تحدده الميزة التنافسية للعملاق أو الناشئ، وهي ميزة لا يمكن تقليدها، نادرة، ذات قيمة، ولا تستبدل، كيف يمتلكها؟

قد يملكها العملاق لأنه كان له السبق في الاستحواذ على موارد رئيسية، أو السبق في تخليق موارد لا يستطيع أن يتوصل إليها غيره في الأجل القصير، نتيجة لنجاحه في عمل مزج مبتكر للموارد التي يملكها، كالتقنيات، المهارات، والإمكانات الأخرى، خرج عن ذلك المزج الفريد بمنتجات متميزة ومنافسة في أدائها أو سعرها أو كليهما، وقادرة على تطويع القوى لها ووضع من خلقها في مكانة قيادية في صناعته، ليمارس التحكم في معاييرها وقوى المنافسة فيها.

عمالقة الاقتصاد هي الشركات المهيمنة على أكبر الصناعات، تستحوذ على أهم الموارد ولديها القدرة العالية لتخليق المزايا التنافسية والبقاء على قمة هرم الصناعة التي تعمل فيها مدة طويلة وبلا حدود جغرافية، كصناعات الطائرات، السيارات، الكمبيوترات، والكثير غيرها.

almarahbi.h@makkahnp.com