الرأي

كتاب الحرية

دبس الرمان

هبة قاضي
علمت المعلمة الجديدة آيرن جرول حال دخولها فصل المتأخرين دراسيا في ثانوية ودرو ويلسون العامة في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، أنها ستواجه تحديا كبيرا لمساعدة هؤلاء الطلبة الذين يتكون معظمهم من أقليات المهاجرين واللاجئين السياسيين الذين يقطنون الأحياء الفقيرة التي تسود فيها قوانين وحروب العصابات. المشكلة الكبرى ليست فقط أن غالبية من في الفصل لا يتطلعون لإنهاء الثانوية، بل إن الفصل نفسه منقسم لأحزاب عرقية وينتمي بعضهم إلى العصابات التي تسود في أحيائهم.

في البداية باءت كل محاولات آيرن بالفشل في محاولة تعليم هؤلاء الطلبة أو حتى المحافظة على انضباطهم في الفصل. ورغم كل التعليقات والإيحاءات السلبية عن هؤلاء الطلبة ومدى سوئهم التي كانت تتلقاها من كادر المدرسة الذي كان ينظر لهم باحتقار وكعبء يتوقون للتخلص منه، فإن آيرن اقتنعت أنها للتعامل مع الوضع تحتاج للتفكير بطريقة غير اعتيادية والخروج عن الطرق التقليدية. بدأت آيرن بالبحث في خلفيات الطلاب والاطلاع على ظروفهم الصعبة والمعقدة، والذي ساعدها على ابتكار الألعاب والنشاطات التي نجحت أخيرا في كسب تفاعلهم. وحين قررت أن تختار لهم لمنهج القراءة كتابا يتعلق بفتى من أفراد العصابات، رفضت إدارة المدرسة دفع تكلفة الكتب الجديدة والذي دفعها لتحمل التكلفة وجلب الكتب الجديدة لطلابها الذين لم يصدقوا أن أحدا قدرهم وهم المحتقرون دائما بإعطائهم كتبا جديدة. تفاعل الطلاب مع قصة الفتى الذي يشبه حالتهم، وحينها قررت آيرن أن توزع عليهم دفاتر لكتابة اليوميات وطلبت منهم أن يكتبوا مذكراتهم كل يوم، وكل ما عليهم في نهاية كل يوم دراسي هو أن يتركوها لها في خزانة الفصل لتقوم هي بقراءتها لاحقا. فوجئت آيرن بأعداد اليوميات الهائلة التي وجدتها في الخزانة، والتي صعقت حين بدأت قراءتها من حجم المآسي والأضرار النفسية والأذى الجسدي الذي يتعرض له هؤلاء المراهقون كل يوم، والذي تحول تدريجيا إلى شغف للطلاب بالقراءة والكتابة التي ساعدتهم على التعامل مع ظروفهم الصعبة، الانفتاح على التواصل مع الآخرين، والأهم إدراكهم بأنهم يستطيعون أن يكونوا أشخاصا رائعين رغم الأماكن والظروف التي جاؤوا منها.

حين تحسن مستوى الطلاب الدراسي شجعتهم آيرن على تحويل مذكراتهم إلى كتب، وقامت بجمعها تحت مسمى (مذكرات كُتاب الحرية). في نهاية العام وصلت أصداء عمل آيرن إلى إدارة التعليم العليا التي قررت أن تقدم لها التسهيلات لتستمر في تطبيق طرقها غير الاعتيادية في التدريس وتعميم التجربة على المزيد من الطلاب والمدارس. تحولت قصة آيرن إلى كتاب ومن ثم إلى فيلم سينمائي حقق نجاحا واسعا، أثر في الكثير من العقول والقلوب، والأهم أنه مغير لمعتقدات ومحفز لنفوس.

heba.q@makkahnp.com