«وقفة مع تجارنا»
يصير خير
الخميس / 28 / رجب / 1437 هـ - 23:45 - الخميس 5 مايو 2016 23:45
في طفولتي كنت أساعد عمي «شقيق والدي» في دكانه القديم. لم يكن الدكان يحوي بضائع كثيرة؛ وذروة البيع والشراء كانت تقتصر على يوم واحد فقط هو موعد «السوق الأسبوعي»، وكنت أقول لعمي – كأي طفل شغوف باستعجال النتائج والأرباح: لماذا لا ترفع السعر؟! لأني أرى أن مكاسبنا مجرد «هللات» فقط! وكان عمي ـ يرحمه الله ـ يجيبني بما معناه: إن «البركة» في البيع والشراء مفتاحها «الصدق والأمانة» مع «القناعة» بالمكسب «والسماحة» في الأخذ والعطاء! وتقدير «ظروف الناس»! ليس برفع الأسعار انتظارا لزيادة الأرباح المهولة!
وكنت أرى نتيجة ذلك من واقع تجربة فأقول «صدق عمي». اليوم نظرة الناس للتجارة تختلف، لتكون «استحلابا» للمال بأي طريقة، فالغش منتشر، وزيادة الأسعار هي المسيطرة، والجشع سيد الموقف، إنما «البركة» شبه غائبة لغياب أركانها!
وهنا أسوق رأيا مهما لابن خلدون في تاريخه، حيث يقول»ومما اشتهر عند ذوي البصر والتجربة في الأمصار أن احتكار الزرع لتحين أوقات الغلاء مشؤوم، وأنه يعود على فائدته بالتلف والخسران. وسببه ـ والله أعلم ـ أن الناس لحاجتهم إلى الأقوات مضطرون إلى ما يبذلون فيها من المال اضطرارا، فتبقى النفوس متعلقة به، وفي تعلق النفوس بمالها سر كبير في وباله على من يأخذه مجانا، ولعله الذي اعتبره الشارع في أخذ أموال الناس بالباطل، وهذا وإن لم يكن مجانا فالنفوس متعلقة به لإعطائه ضرورة من غير سعة في العذر فهو كالمكره»! إلى أن قال «فلهذا يكون من عرف بالاحتكار تجتمع القوى النفسانية على متابعته لما يأخذه من أموالهم فيفسد ربحه»!
ومناسبة نقلي لسر «ابن خلدون» أن الأقلام سالت بتذكير «التجار» بالله وضرورة اللطف بعباده «المحتاجين اضطرارا لشراء السلعة»، دون أن يلقوا لتلك الدعوات بالا! وسالت الأقلام بضرورة مراقبة السلع فزادت الأسعار! والغرامات التي تفرضها الجهات المختصة ضئيلة ولا تتماشى وحجم الجشع الهائل! لذا لم يبق سوى تذكير – بعض التجار- بهذا السر لعالم الاجتماع الأشهر! لعل طمعهم «يخف»، فالعقوبة لن تنتظرهم في «الآخرة» فقط، بل يعجلها الله لهم في الدنيا خسارة ما توهموه ربحا! «وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون».
وكنت أرى نتيجة ذلك من واقع تجربة فأقول «صدق عمي». اليوم نظرة الناس للتجارة تختلف، لتكون «استحلابا» للمال بأي طريقة، فالغش منتشر، وزيادة الأسعار هي المسيطرة، والجشع سيد الموقف، إنما «البركة» شبه غائبة لغياب أركانها!
وهنا أسوق رأيا مهما لابن خلدون في تاريخه، حيث يقول»ومما اشتهر عند ذوي البصر والتجربة في الأمصار أن احتكار الزرع لتحين أوقات الغلاء مشؤوم، وأنه يعود على فائدته بالتلف والخسران. وسببه ـ والله أعلم ـ أن الناس لحاجتهم إلى الأقوات مضطرون إلى ما يبذلون فيها من المال اضطرارا، فتبقى النفوس متعلقة به، وفي تعلق النفوس بمالها سر كبير في وباله على من يأخذه مجانا، ولعله الذي اعتبره الشارع في أخذ أموال الناس بالباطل، وهذا وإن لم يكن مجانا فالنفوس متعلقة به لإعطائه ضرورة من غير سعة في العذر فهو كالمكره»! إلى أن قال «فلهذا يكون من عرف بالاحتكار تجتمع القوى النفسانية على متابعته لما يأخذه من أموالهم فيفسد ربحه»!
ومناسبة نقلي لسر «ابن خلدون» أن الأقلام سالت بتذكير «التجار» بالله وضرورة اللطف بعباده «المحتاجين اضطرارا لشراء السلعة»، دون أن يلقوا لتلك الدعوات بالا! وسالت الأقلام بضرورة مراقبة السلع فزادت الأسعار! والغرامات التي تفرضها الجهات المختصة ضئيلة ولا تتماشى وحجم الجشع الهائل! لذا لم يبق سوى تذكير – بعض التجار- بهذا السر لعالم الاجتماع الأشهر! لعل طمعهم «يخف»، فالعقوبة لن تنتظرهم في «الآخرة» فقط، بل يعجلها الله لهم في الدنيا خسارة ما توهموه ربحا! «وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون».