المثقف العربي والأعمال الإنسانية
الاحد / 24 / رجب / 1437 هـ - 21:45 - الاحد 1 مايو 2016 21:45
كتب صديقنا أيمن العريشي في صحيفة الرؤية الإماراتية مقالا بعنوان (الإنسانية لا تعترف بالحدود)، وكان يحكي عن تجربة ناشطة أمريكية (بروفيسور)، شاركت في الأعمال الخيرية والبحثية في (مخيم الزعتري) بالأردن، واستغرب الكاتب غياب المثقف العربي عن أداء هذا الدور الإنساني!.
وقد استفزني المقال، وجعلني أستعيد بعض ملامح تجاربي القديمة في الشأن الإغاثي، ببدائيتها وخصوصياتها ومخاوفها ومعضلاتها، والتي أرى أنها تتزايد وتتعاظم في طريق المثقف العربي حينما يفكر بالمشاركة فيها، كناشط مستقل.
لقد أسهمت بالعمل في بعض ملاجئ حرب الخليج وتحرير الكويت، وبالإغاثة العلاجية في كل من الصومال، وكسوفو، وقد تسنى لي ذلك كعمل حكومي رسمي، مما لا يمكن اعتباره مشاركة مستقلة، فلم أكن من خلاله حر التوجه والحركة والأفكار، ولا فاعلا بالشكل المشبع للروح الإنسانية المتجردة.
ولنعد إلى لب القضية، وهو محاولة فهم الظروف المحبطة والمطبات التي تواجه المثقف العربي والمسلم عندما يفكر في الانخراط في تلك الأعمال الإنسانية وبشكل ناشط مستقل، بالنقاط التالية:
1. المثقف العربي في أحسن أحواله، مقيد بالحدود الدولية، والجوازات، والقيود العنصرية الأخرى، التي تعاظم صعوبة حركته.
2. عندما يخرج المثقف من بلده، فهو لا بد أن ينتمي لجهة معينة، وغالبية الجهات المأمونة الموجودة يصعب الوصول إليها كمستقل مثل هيئات الأمم المتحدة، أو أطباء بلا حدود.
3. الجهات، العربية والمسلمة المتواجدة في مناطق الإغاثة، يكون مشكوكا في نواياها، فإما أن تنخرط في أعمال عنصرية، أو دعوية، أو تزاول الإرهاب، أو تهريب التحف والآثار، أو المتاجرة بالبشر وتزويج القاصرات، أو بتمييز المسلم عن غيره من اللاجئين، مما لا يمكن من خلاله تحقيق الأهداف الإنسانية الخالصة البريئة.
4. كمسلم وكعربي، وحتى لو اتخذت لك سبيلا إنسانيا خالصا، فهل سيكون شعور الأمم المشاركة الأخرى نحوك سليمة، ومشجعة، أم إنك ستكون بقعة تحت المجهر، وستقوم عدة جهات رسمية بالتحقيق معك، وربما إدانتك بما لا يخطر على بالك.
5. كعربي يأتي من دولة غنية، فإن النظرة نحوك سواء من اللاجئين، أو من القائمين عليهم، أو من الجهات العسكرية الرسمية ستكون مادية بحتة، بحيث يصعب عليهم تفهم رغبتك في العمل بيديك، ومساعدة اللاجئين، دون أن تخرج العملة الصعبة من جيبك.
6. الفرق العنيفة الجانحة، والإرهابية، ستتعجب كثيرا من وجودك في هذا المكان والزمان، وربما أنها ستحاول بكل أياديها، إعادتك للجهة، التي يعتقد أنك تنتمي إليها؛ وربما تجد نفسك في أقرب فرصة مقاتلا، ولك من السبايا، قدر جهادك.
7. سوء السمعة، التي ستعود عليك حين عودتك لبلادك بعد أن تنتهي من أعمال الإغاثة المستقلة، حيث ستضع نفسك دون أن تقصد في القوائم السوداء، وربما تعرض نفسك للتحقيق، في كل منعرج أمني.
8. صورة الناشط العربي المسلم تصبح مشوهة، بما يقوم بنشره على مواقع التواصل أثناء أداء الأعمال الإنسانية، والتي ربما تتحول في النهاية، إلى زيف واستعراض، وادعاء، وانعدام الهدف منها.
أرجوك يا أخي أيمن، لا تكتب في ذلك مجددا حتى لا يتورط مثقف عربي على نياته من بيننا، فيما يمكن أن ينهي أمنه وحياته البريئة، وإنسانيته.
shaher.a@makkahnp.com
وقد استفزني المقال، وجعلني أستعيد بعض ملامح تجاربي القديمة في الشأن الإغاثي، ببدائيتها وخصوصياتها ومخاوفها ومعضلاتها، والتي أرى أنها تتزايد وتتعاظم في طريق المثقف العربي حينما يفكر بالمشاركة فيها، كناشط مستقل.
لقد أسهمت بالعمل في بعض ملاجئ حرب الخليج وتحرير الكويت، وبالإغاثة العلاجية في كل من الصومال، وكسوفو، وقد تسنى لي ذلك كعمل حكومي رسمي، مما لا يمكن اعتباره مشاركة مستقلة، فلم أكن من خلاله حر التوجه والحركة والأفكار، ولا فاعلا بالشكل المشبع للروح الإنسانية المتجردة.
ولنعد إلى لب القضية، وهو محاولة فهم الظروف المحبطة والمطبات التي تواجه المثقف العربي والمسلم عندما يفكر في الانخراط في تلك الأعمال الإنسانية وبشكل ناشط مستقل، بالنقاط التالية:
1. المثقف العربي في أحسن أحواله، مقيد بالحدود الدولية، والجوازات، والقيود العنصرية الأخرى، التي تعاظم صعوبة حركته.
2. عندما يخرج المثقف من بلده، فهو لا بد أن ينتمي لجهة معينة، وغالبية الجهات المأمونة الموجودة يصعب الوصول إليها كمستقل مثل هيئات الأمم المتحدة، أو أطباء بلا حدود.
3. الجهات، العربية والمسلمة المتواجدة في مناطق الإغاثة، يكون مشكوكا في نواياها، فإما أن تنخرط في أعمال عنصرية، أو دعوية، أو تزاول الإرهاب، أو تهريب التحف والآثار، أو المتاجرة بالبشر وتزويج القاصرات، أو بتمييز المسلم عن غيره من اللاجئين، مما لا يمكن من خلاله تحقيق الأهداف الإنسانية الخالصة البريئة.
4. كمسلم وكعربي، وحتى لو اتخذت لك سبيلا إنسانيا خالصا، فهل سيكون شعور الأمم المشاركة الأخرى نحوك سليمة، ومشجعة، أم إنك ستكون بقعة تحت المجهر، وستقوم عدة جهات رسمية بالتحقيق معك، وربما إدانتك بما لا يخطر على بالك.
5. كعربي يأتي من دولة غنية، فإن النظرة نحوك سواء من اللاجئين، أو من القائمين عليهم، أو من الجهات العسكرية الرسمية ستكون مادية بحتة، بحيث يصعب عليهم تفهم رغبتك في العمل بيديك، ومساعدة اللاجئين، دون أن تخرج العملة الصعبة من جيبك.
6. الفرق العنيفة الجانحة، والإرهابية، ستتعجب كثيرا من وجودك في هذا المكان والزمان، وربما أنها ستحاول بكل أياديها، إعادتك للجهة، التي يعتقد أنك تنتمي إليها؛ وربما تجد نفسك في أقرب فرصة مقاتلا، ولك من السبايا، قدر جهادك.
7. سوء السمعة، التي ستعود عليك حين عودتك لبلادك بعد أن تنتهي من أعمال الإغاثة المستقلة، حيث ستضع نفسك دون أن تقصد في القوائم السوداء، وربما تعرض نفسك للتحقيق، في كل منعرج أمني.
8. صورة الناشط العربي المسلم تصبح مشوهة، بما يقوم بنشره على مواقع التواصل أثناء أداء الأعمال الإنسانية، والتي ربما تتحول في النهاية، إلى زيف واستعراض، وادعاء، وانعدام الهدف منها.
أرجوك يا أخي أيمن، لا تكتب في ذلك مجددا حتى لا يتورط مثقف عربي على نياته من بيننا، فيما يمكن أن ينهي أمنه وحياته البريئة، وإنسانيته.
shaher.a@makkahnp.com