الرأي

تبي ينلحس مخك؟

فهد الحازمي
انتهى الحديث في المقال الماضي بذكر عابر لدور تويتر في جس نبض الشارع. وقد أشرت فيه سريعاً لدور الحسابات والمواقع الإخبارية الوهمية المتزايد محلياً منذ مطلع الربيع العربي في 2011. الحسابات الوهمية ليست ظاهرة عربية فحسب، بل ظاهرة عالمية. إدارة تويتر بنفسها تعترف بأن 8 % من الحسابات مؤتمتة. دائرة البحوث المتقدمة في الجيش الأمريكي «داربا» أعلنت مسابقة برمجية تستهدف التعرف الآلي على الحسابات الوهمية.

سبب هذا الاهتمام المتزايد يعود للدور الحاسم الذي قد تلعبه الحسابات الوهمية في أحداث سياسية كبرى، مثل استخدامها من قبل بعض المرشحين في الانتخابات الهندية في 2014 بما أدى بهم إلى الفوز، وحملة البروباغندا الروسية الموسعة التي صاحبت أزمة القرم، إضافة إلى استخدامها الكبير في دول أمريكا اللاتينية وأخيراً لا يخفى علينا حضور الجيش السوري الالكتروني.

الحسابات الوهمية ليست صنفاً واحداً بل تنقسم إلى أنواع عدة، يختلف نشاط كل نوع منها بحسب الهدف المراد. فهناك أولاً الحسابات التي تستخدم في الإعلانات العشوائية والتي تراها مع الهاشتاقات الشائعة. وهناك الحسابات التي تستهدف إغراق الهاشتاقات المحلية بكتابة تغريدات غالباً ما تنشر رسالة محددة (أو تقوم بإعادة نشرها) حينما يظهر حدث ما على السطح. تعرف هذه الحسابات الوهمية حينما ترى نفس التغريدة تتكرر عشرات المرات. وهناك الحسابات التي تختص في المتابعة (حيث لا تتمتع بأي متابع) وتستخدم هذه الحسابات في شراء المتابعين. وأخيراً هناك الحسابات الوهمية التي تتمتع بعدد هائل من المتابعين الوهميين وهذه الحسابات تقوم بالمشاركة في أي هاشتاق لتحظى تغريداتها بأهمية أكبر من غيرها. الذي يميز كل هذه الأنواع المختلفة من الحسابات الوهمية هو شيء واحد: انعدام التفاعل مع أي متابعين آخرين حيث لا تجد لهم أي رد أو تفاعل مع المغردين الآخرين. تتمتع كل هذه الحسابات الوهمية بأسماء وصور تبدو حقيقية، ولكنها مزيفة بالكامل ومسروقة إما من صور إخبارية أو من صور الفيس بوك. جرب أن تبحث الآن في تويتر «#السعودية» لترى بنفسك حجم الكارثة التي أتحدث عنها.

ماذا تفعل الحسابات الوهمية؟ تقوم الحسابات الوهمية بوظائف مهمة يأتي في مقدمتها إغراق الهاشتاقات لخدمة بروباغندا معينة. فمع ظهور أي هاشتاق ينتقد الأداء الحكومي تهب هذه الحسابات لإغراق الهاشتاق بآلاف التغريدات المكررة. هذه التغريدات قد تكون معارضة لموضوع الهاشتاق حيث يتم إيهام المغرد بأن هناك رأياً «آخر» يحظى بدعم قوي أو تكون عن خبر لا علاقة له أبداً بموضوع الهاشتاق وهنا تقوم هذه التغريدات بصرف انتباه المغردين عنه. غني عن الذكر تلك الحسابات التي تستهدف المشاهير بالإعلانات وما سواها حتى تحظى بمشاهدات عالية.

ولكن هذا النشاط ليس سوى رأس الجليد. فقد نشرت بلومبيرج قبل شهرين تقريراً مطولاً عن كولومبي مختص في الدعاية الرقمية اسمه آندريه سيبولفيدا، والذي يقضي عقوبة عشر سنوات في السجن بسبب جرائم القرصنة الالكترونية التي أتقن لعبتها. ساهم آندريه -باعترافاته- خلال العشرة أعوام الماضية بالتلاعب بالانتخابات في تسع دول لاتينية عبر إثارة موجات وهمية من الحماس والسخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أندريه كان يدعم مرشحي الأحزاب اليمينية، وفي سبيل ذلك كان يتحين الفرص إما لخلق دعم حاشد عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو لإضعاف المرشحين المنافسين عبر بث الإشاعات والأخبار الكاذبة عنهم.

وإلى جانب كل هذا، فنشاط الحسابات الوهمية ليس حكراً على تويتر، بل يمتد إلى فيس بوك وانستقرام كما يشمل مشاهدات وهمية في يوتيوب لخلق وهم رأي عام أو إجماع شعبي مزيف تماما. أهلاً بك في عالم «ينلحس فيه مخك».

(( إدارة تويتر نفسها تعترف بأن % 80 من الحسابات مؤتمتة ))

أحداث سياسية استخدمت فيها الحسابات الوهمية
  1. استخدامها من قبل بعض المرشحين في الانتخابات الهندية 2014 مما أدى بهم إلى الفوز.
  2. حملة البروباغندا الروسية الموسعة التي صاحبت أزمة القرم.
  3. استخدامها الكبير في دول أمريكا اللاتينية.
  4. استخدامها من النظام السوري.


alhazmi.f@makkahnp.com