الرأي

هل ستتسارع عجلة البحث العلمي في 2030

سهام الطويري
لم تكن التفاصيل واضحة بما يكفي عن رؤية البحث العلمي وتطبيقاته في مشروع رؤية السعودية 2030. وإن كانت شمولية الخطاب «الرؤيوي» قد عرجت على التعليم والثقافة والترفيه إلا أن البحث العلمي وتطبيق نتائجه هما المحرك الأهم لدفع عجلة الاقتصاد للتنافس الدولي، فعماد التقدم الدولي الآن والصراع على الهيمنة الدولية يأتيان من قلب تقدم البحث العلمي لا من الاستناد إلى الموارد الطبيعية أو ثراء المخزون الأرضي بالكنوز المعدنية والنفطية.

وجود العلماء وجودة إنتاجهم هما ما يجعل الدول تهيمن على بعضها في الصناعات الحربية والدوائية والطبية والتقنية والبيئية. إصلاح الخلل الموجود في بيئة البحث العلمي المحلية أحد أهم المطالب التي تعنى بالأولوية قبل الشروع في الحديث عن توفير التمويل وغيره من المتطلبات التي تم توفيرها في الفترة الماضية من ميزانيات الدولة وأثبتت فشلها في المخرجات الضعيفة التي لم تتواءم أبدا مع كل ما هدر من ميزانيات لم تخول جامعاتنا وأساتذتنا سوى بشراكة الأسماء مع مجموعات البحث الدولية في مجلات التأثير العالي ووصول بعضهم لأخذ صور السلفي مع المسؤولين بلا فائدة لبقية فريق عمل البحث، ولا منفعة حقيقية مردودة للمجتمع ولا استفادة معادة لخزينة الاقتصاد الوطنية! هذا بحد ذاته كفيل بعنونة مشكلة صناعة العقل العلمي لعالم الأبحاث وطنيا وبمجرد عمل جرد على أغلبية صور من وصلوا لأخذ سلفي ثم إعادة القراءة المستفيضة من نفعهم «الفعلي» ستتضح العديد من النقاط المخلة برؤية الصناعة البحثية.

نحتاج إلى صناعة للعقل المفكر الذي يتمتع بصفاء الذهن وتحدد توجهه ورغبته الملحة في إنتاج مخرجات فخمة تعطي مردودا يضاعف مدخلات البحث التي قد تأتي من البدء في تقليص أعداد الباحثين الأجانب «المعاونين» للباحث الرئيس «السعودي»، حتى يعتمد الأخير على نفسه وينهض فعليا ويعد العدة لصقل مهارات أبناء جلدته وإفادتهم ببعض خبراته التي حصل عليها من قبل الباحث الأجنبي الذي عاونه في فترات عمله البحثي.

أعداد قليلة جدا من العلماء السعوديين المخلصين الذين يعملون بصمت ويفاجئون العالم بمنجزاتهم البحثية على منصات التكريم الدولية ومعهم أغلبية سعودية في فريق عملهم البحثي، يقابلهم أغلبية من «بشوات» البحث العلمي الذين لا يتوانون في «حلب» ميزانيات الدعم للبحث العلمي للاستزادة من نشر الأوراق العلمية وكسب المزيد من الدروع والمكافآت.

هناك فرق جوهري بين من يبحث عن المكافآت تلو الأخرى كهدف ومن يسعى إلى الوصول إلى نتائج علمية تفتح الباب أمام التقدم العلمي، ومن هنا يأتي الفرق في تقدم العلماء الغربيين وتخليد أسمائهم على النظريات وبين علماء الوسط المحلي الذين لا تتناسب أعدادهم قياسيا مع تعداد السكان، ولا تتناسب إنتاجيتهم مع كل ما هدر على أبحاثهم في الفترات الماضية.

قد يكون من الجدير أن يفتح الباب لتوطين العلماء الدوليين البارزين ولكن دون مجازفة في وضعهم تحت هيمنة الباحث المحلي، الذي أدى إلى فشل الكثير من المبادرات في الماضي. ولكن حينما يعطى العالم تلك الامتيازات التي يحظى بها في بقية بلدان العالم فإنها ستكون النواة التي تخرج أجيالا وطنية تربت على أيد مخلصة في صناعة البحث العلمي، مما سينعكس أثره على العقول والمجتمع والصحة والاقتصاد وربما السياسة!