سعود الأوطان.. ربان الدبلوماسية العربية
الجمعة / 22 / رجب / 1437 هـ - 23:45 - الجمعة 29 أبريل 2016 23:45
تحت هذا العنوان وجهت لي الدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض للمشاركة في المؤتمر الدولي الخاص بالراحل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السابق للمملكة، شارك في المؤتمر الذي امتد لثلاثة أيام من 23-26 أبريل 2016م حوالي 150 شخصا من مختلف أنحاء العالم ممن زاملوا وعرفوا الأمير الراحل سعود الفيصل.
شرف المؤتمر بالحضور في جلسته الافتتاحية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، كما خاطب الجلسة الافتتاحية صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وعرض في الجلسة فيلم وثائقي عن مسيرة الراحل الأمير سعود الفيصل ومشاركاته الداخلية والخارجية ودوره الريادي في كثير من المحطات والقضايا الإقليمية والدولية، شمل البرنامج عددا من المحاور منها: سعود الفيصل مسيرة مهنية وعلمية، الجهود الدبلوماسية لسعود الفيصل، ذكرياتي مع سعود الفيصل، الرؤية السياسية عند سعود الفيصل، القضية الفلسطينية، كما قدمت محاضرة بعنوان الأمير سعود الفيصل الغائب الحاضر، قدمها الأستاذ عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، كل محور من المحاور يحوي مجموعة من العناوين فمثلا المحور الأول سعود الفيصل مسيرة علمية ومهنية فيه ثلاثة عناوين، الأول سعود الفيصل ومسيرة التنمية، والثاني سعود الفيصل وزيرا للخارجية، والثالث الرؤية الاقتصادية لسعود الفيصل، كل عنوان من هذه العناوين قدمت فيها أربع أو خمس أوراق، كانت ورقتي ضمن محور الرؤية السياسية عند سعود الفيصل تحت عنوان (تعاون وتكاتف الأمة الإسلامية).
وكنت ضمن أربعة شاركوا بأوراق في هذا العنوان وهم: صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعود الفيصل (نجل الراحل رئيسا للجلسة) ومعالي الأستاذ إياد بن أمين مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي.
الراحل سعود الفيصل تولى قيادة الدبلوماسية السعودية وزيرا للخارجية في العام 1975واستمر في هذا الموقع حوالي أربعين عاما، خلف فيها إرثاً في العمل الدبلوماسي قوامه الأخلاق والمروءة والإخلاص والمثابرة، ومدرسة للدبلوماسيين والسياسيين حول العالم في الجدية والدقة والنزاهة، اكتسبها من معاصرته الكثير من الأحداث والأزمات والتعاطي معها، قالوا عنه إنه كيسنجر العرب وفقيه السياسة والدبلوماسية. شكل طيلة العقود الأربعة التي تولى فيها قيادة الدبلوماسية السعودية بنية صلبة للسياسة السعودية لم تخترقها أزمات المنطقة، سادت الحكمة والعقلانية والتروي في اتخاذ القرار، الأمر الذي مكنها من اجتياز أزمات مثل حرب الخليج واحتلال العراق للكويت، وأحداث الحادي عشر من سبتمبر التي شهدت تفجير برجي منظمة التجارة العالمية في نيويورك. خطيبٌ مفوه يوزن كلماته بميزان الذهب، خاطب مؤتمر الحضارات بالرباط بالمغرب عام 2004 وكان مشاركا في المؤتمر وزير الخارجية الأمريكي كولن باول فجاء في كلمته (في البداية أذكر بوضوح أنني أعتقد باستحالة صراع حضارات بيننا لأن هذا تعبير متناقض. الحضارات ليست سلعاً متراكمة من ثقافات متعددة. نحن جميعا مدينون لإبداع عظماء مثل بيكون ودور المفكرين المسلمين كابن سينا والرازي وابن الهيثم وابن رشد في الحفاظ على مشاعل المعرفة البشرية خلال عصور الظلمات بالإضافة إلى الإشعاع المعرفي من الهند والصين. الحضارة إذاً لا يمكن احتكارها من أي أمة أو مجموعة بمفردها).
ربطتني بالأمير سعود الفيصل علاقة صداقة سياسية وشخصية بدأت بمعرفتي به مع بداية عملي بوزارة الخارجية التي امتدت لحوالي عشر سنوات ولم تتوقف عند هذا الحد بل تواصلت علاقتي به حتى وفاته. أعجبت كثيرا بحنكته الدبلوماسية ورقيه الأدبي والاجتماعي ودماثة خلقه، له أسلوبه الرصين في مقاربة الأشياء، فقد تعلمت منه الكثير وساعدني في كثير من المواقف فكم من مرة طلبت منه أن يتصل بوزراء خارجية من الدول الغربية أو في مجلس الأمن أو الجانب الأمريكي لمعالجة أمر يخص السودان فلم يكن يتردد في ذلك.
وجود مقعد السودان بجوار مقعد المملكة العربية السعودية في اجتماعات الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي أتاح لي الفرصة للتعرف عن قرب على جوانب لم تكن معروفة لي في الراحل سعود الفيصل، فهو رجل يتمتع بروح الدعابة وسرعة البديهة والتعليقات المرحة التي تنال الإعجاب ولعل الدبلوماسيين الذي رافقوني في هذه الاجتماعات قد لاحظوا ذلك ومدى التناغم الذي كان موجوداً بيني وبين الراحل الأمير سعود الفيصل – السفير الدكتور خالد فتح الرحمن أديب شاعر، عندما كان مديرا لمكتبي ويرافقني لهذه الاجتماعات، كان يمدني بقصاصات من الشعر كنت أناولها للأمير سعود الفيصل فيعلق عليها وكانت تعليقاته تخفف علينا كثيراً من الملل الذي يصيب الإنسان في الاجتماعات الطويلة وما زلت أحتفظ ببعض منها. كان عندما ألح عليه لزيارة السودان يقول لي (نصيبكم من عيال الملك فيصل الأمير محمد الفيصل).
نجحت مرة في إقناعه بزيارة السودان وفي مأدبة العشاء التي أقمتها على شرفه أجلست بجواره الشيخ الدكتور عصام البشير وكان حينها وزيرا للأوقاف، وبعد الانتهاء من العشاء سألني (دكتور مصطفى.. من أين أتيتم بهؤلاء العلماء) إشارة لإعجابه بحديث الدكتور عصام البشير، فأجبته أن هذه بضاعتكم ردت إليكم، إشارة إلى أن الدكتور عصام البشير تخرج في جامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية، رغم فارق العمر بيننا لكنه يشعرك دائماً أنك زميل قديم، وعند زيارتي للمملكة كان دائماً يستقبلني في بيته ببشاشته المعهودة.
مرة كنت في زيارة رسمية التقيت بالملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز وبعد انتهاء المقابلة انتحى بي الملك عبدالله وقال لي: دكتور مصطفى أريد منك أن تساعدوا الأمير سعود الفيصل. بعدها زرته في بيته ورويت له ما قاله لي الملك عبدالله فابتسم وقال ربما لأني شكوت من صحتي وطلبت منه أن يعفيني إلا أنه رفض مجرد التفكير في ذلك.
مثلما طلبت منه أن يقوم بأدوار لمصلحة السودان منها التحدث إلى مصر في فترة توتر العلاقات أيام الرئيس السابق حسني مبارك والتحدث إلى المسؤولين الألمان أيام أزمة دارفور، وبالمقابل فقد توليت عدة مهام بالتنسيق مع الراحل منها السفر إلى إيران ونقل رسالة لهم بالتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة، وترتيب لقاء لوزير الخارجية الإيراني السيد صالحي من سمو الأمير سعود الفيصل، ومنها التدخل لتخفيف التوتر بين الرياض ودمشق، وترتيب لقاء بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم وسمو الأمير سعود الفيصل بنيويورك أثناء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أقلام كثيرة نعت الأمير سعود الفيصل، لكن من أعظم ما قرأت في نعيه ما كتبه شقيقه الأصغر صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل فقد جاء في كلمته (من البشر أناس ميزهم الله بصفة الديمومة، تحسبهم باقين مثل السحاب والنجوم والأوتاد، شاهدتهم أم لم تشاهدهم فهم هناك، مطمئنا أنك إن رفعت بصرك فسوف ترى السحابة العابرة تمر فوقك، والنجم البراق يضيء سماءك، والجبل الشامخ يفترش مدى بصرك، هكذا كنت أنت، أما أنا فقد ركنت عليك، واطمأننت بك، حسبت أنك باقٍ لتجيب عن أسئلتي، لتنير بصيرتي، ولتنصت إلى مقولتي، هذا ما أردت لكن الله سبحانه وتعالى أرادك في عليين بإذنه ورحمته..).
رحم الله سعود الفيصل رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.
وزير خارجية السودان السابق
شرف المؤتمر بالحضور في جلسته الافتتاحية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، كما خاطب الجلسة الافتتاحية صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وعرض في الجلسة فيلم وثائقي عن مسيرة الراحل الأمير سعود الفيصل ومشاركاته الداخلية والخارجية ودوره الريادي في كثير من المحطات والقضايا الإقليمية والدولية، شمل البرنامج عددا من المحاور منها: سعود الفيصل مسيرة مهنية وعلمية، الجهود الدبلوماسية لسعود الفيصل، ذكرياتي مع سعود الفيصل، الرؤية السياسية عند سعود الفيصل، القضية الفلسطينية، كما قدمت محاضرة بعنوان الأمير سعود الفيصل الغائب الحاضر، قدمها الأستاذ عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، كل محور من المحاور يحوي مجموعة من العناوين فمثلا المحور الأول سعود الفيصل مسيرة علمية ومهنية فيه ثلاثة عناوين، الأول سعود الفيصل ومسيرة التنمية، والثاني سعود الفيصل وزيرا للخارجية، والثالث الرؤية الاقتصادية لسعود الفيصل، كل عنوان من هذه العناوين قدمت فيها أربع أو خمس أوراق، كانت ورقتي ضمن محور الرؤية السياسية عند سعود الفيصل تحت عنوان (تعاون وتكاتف الأمة الإسلامية).
وكنت ضمن أربعة شاركوا بأوراق في هذا العنوان وهم: صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعود الفيصل (نجل الراحل رئيسا للجلسة) ومعالي الأستاذ إياد بن أمين مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي.
الراحل سعود الفيصل تولى قيادة الدبلوماسية السعودية وزيرا للخارجية في العام 1975واستمر في هذا الموقع حوالي أربعين عاما، خلف فيها إرثاً في العمل الدبلوماسي قوامه الأخلاق والمروءة والإخلاص والمثابرة، ومدرسة للدبلوماسيين والسياسيين حول العالم في الجدية والدقة والنزاهة، اكتسبها من معاصرته الكثير من الأحداث والأزمات والتعاطي معها، قالوا عنه إنه كيسنجر العرب وفقيه السياسة والدبلوماسية. شكل طيلة العقود الأربعة التي تولى فيها قيادة الدبلوماسية السعودية بنية صلبة للسياسة السعودية لم تخترقها أزمات المنطقة، سادت الحكمة والعقلانية والتروي في اتخاذ القرار، الأمر الذي مكنها من اجتياز أزمات مثل حرب الخليج واحتلال العراق للكويت، وأحداث الحادي عشر من سبتمبر التي شهدت تفجير برجي منظمة التجارة العالمية في نيويورك. خطيبٌ مفوه يوزن كلماته بميزان الذهب، خاطب مؤتمر الحضارات بالرباط بالمغرب عام 2004 وكان مشاركا في المؤتمر وزير الخارجية الأمريكي كولن باول فجاء في كلمته (في البداية أذكر بوضوح أنني أعتقد باستحالة صراع حضارات بيننا لأن هذا تعبير متناقض. الحضارات ليست سلعاً متراكمة من ثقافات متعددة. نحن جميعا مدينون لإبداع عظماء مثل بيكون ودور المفكرين المسلمين كابن سينا والرازي وابن الهيثم وابن رشد في الحفاظ على مشاعل المعرفة البشرية خلال عصور الظلمات بالإضافة إلى الإشعاع المعرفي من الهند والصين. الحضارة إذاً لا يمكن احتكارها من أي أمة أو مجموعة بمفردها).
ربطتني بالأمير سعود الفيصل علاقة صداقة سياسية وشخصية بدأت بمعرفتي به مع بداية عملي بوزارة الخارجية التي امتدت لحوالي عشر سنوات ولم تتوقف عند هذا الحد بل تواصلت علاقتي به حتى وفاته. أعجبت كثيرا بحنكته الدبلوماسية ورقيه الأدبي والاجتماعي ودماثة خلقه، له أسلوبه الرصين في مقاربة الأشياء، فقد تعلمت منه الكثير وساعدني في كثير من المواقف فكم من مرة طلبت منه أن يتصل بوزراء خارجية من الدول الغربية أو في مجلس الأمن أو الجانب الأمريكي لمعالجة أمر يخص السودان فلم يكن يتردد في ذلك.
وجود مقعد السودان بجوار مقعد المملكة العربية السعودية في اجتماعات الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي أتاح لي الفرصة للتعرف عن قرب على جوانب لم تكن معروفة لي في الراحل سعود الفيصل، فهو رجل يتمتع بروح الدعابة وسرعة البديهة والتعليقات المرحة التي تنال الإعجاب ولعل الدبلوماسيين الذي رافقوني في هذه الاجتماعات قد لاحظوا ذلك ومدى التناغم الذي كان موجوداً بيني وبين الراحل الأمير سعود الفيصل – السفير الدكتور خالد فتح الرحمن أديب شاعر، عندما كان مديرا لمكتبي ويرافقني لهذه الاجتماعات، كان يمدني بقصاصات من الشعر كنت أناولها للأمير سعود الفيصل فيعلق عليها وكانت تعليقاته تخفف علينا كثيراً من الملل الذي يصيب الإنسان في الاجتماعات الطويلة وما زلت أحتفظ ببعض منها. كان عندما ألح عليه لزيارة السودان يقول لي (نصيبكم من عيال الملك فيصل الأمير محمد الفيصل).
نجحت مرة في إقناعه بزيارة السودان وفي مأدبة العشاء التي أقمتها على شرفه أجلست بجواره الشيخ الدكتور عصام البشير وكان حينها وزيرا للأوقاف، وبعد الانتهاء من العشاء سألني (دكتور مصطفى.. من أين أتيتم بهؤلاء العلماء) إشارة لإعجابه بحديث الدكتور عصام البشير، فأجبته أن هذه بضاعتكم ردت إليكم، إشارة إلى أن الدكتور عصام البشير تخرج في جامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية، رغم فارق العمر بيننا لكنه يشعرك دائماً أنك زميل قديم، وعند زيارتي للمملكة كان دائماً يستقبلني في بيته ببشاشته المعهودة.
مرة كنت في زيارة رسمية التقيت بالملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز وبعد انتهاء المقابلة انتحى بي الملك عبدالله وقال لي: دكتور مصطفى أريد منك أن تساعدوا الأمير سعود الفيصل. بعدها زرته في بيته ورويت له ما قاله لي الملك عبدالله فابتسم وقال ربما لأني شكوت من صحتي وطلبت منه أن يعفيني إلا أنه رفض مجرد التفكير في ذلك.
مثلما طلبت منه أن يقوم بأدوار لمصلحة السودان منها التحدث إلى مصر في فترة توتر العلاقات أيام الرئيس السابق حسني مبارك والتحدث إلى المسؤولين الألمان أيام أزمة دارفور، وبالمقابل فقد توليت عدة مهام بالتنسيق مع الراحل منها السفر إلى إيران ونقل رسالة لهم بالتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة، وترتيب لقاء لوزير الخارجية الإيراني السيد صالحي من سمو الأمير سعود الفيصل، ومنها التدخل لتخفيف التوتر بين الرياض ودمشق، وترتيب لقاء بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم وسمو الأمير سعود الفيصل بنيويورك أثناء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أقلام كثيرة نعت الأمير سعود الفيصل، لكن من أعظم ما قرأت في نعيه ما كتبه شقيقه الأصغر صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل فقد جاء في كلمته (من البشر أناس ميزهم الله بصفة الديمومة، تحسبهم باقين مثل السحاب والنجوم والأوتاد، شاهدتهم أم لم تشاهدهم فهم هناك، مطمئنا أنك إن رفعت بصرك فسوف ترى السحابة العابرة تمر فوقك، والنجم البراق يضيء سماءك، والجبل الشامخ يفترش مدى بصرك، هكذا كنت أنت، أما أنا فقد ركنت عليك، واطمأننت بك، حسبت أنك باقٍ لتجيب عن أسئلتي، لتنير بصيرتي، ولتنصت إلى مقولتي، هذا ما أردت لكن الله سبحانه وتعالى أرادك في عليين بإذنه ورحمته..).
رحم الله سعود الفيصل رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.
وزير خارجية السودان السابق