الرأي

هل نحن شعب سعيد؟

خالد عبدالرحيم المعينا
بينما نحن جلوس نحتسي الشاي بالنعناع عقب صلاة الجمعة فجأة سأل أحد الأصدقاء: هل نحن شعب سعيد؟

وبدأت أفكر في سؤاله لكن قبل أن أجيبه تطوع صديق آخر بقوله إن السعادة حالة ذهنية لهذا ليست هناك معايير محددة لقياسها.

واستطرد هذا الصديق قائلا إنك لا يمكن أن تحكم على الشعوب إذا كانت سعيدة أم لا لأنه لا يوجد مؤشر لقياس السعادة أو الرفاهية.

أما إجابتي الشخصية على هذا السؤال فقد بدأت نفسها بسؤال هو: ما هي عناصر السعادة ومكوناتها؟ وفي رأيي الخاص فإن السعادة هي مزيج من السكون العقلي والبدني مع راحة البال والسلام النفسي وهي ترتكز إلى حد كبير على الحياة المرفهة والجو المحيط الخالي من الضغوط النفسية والاكتئاب.

وقد تبدو هذه الإجابة سليمة من ناحية نظرية لكن ماذا تفعل إذا أفقت من النوم صباحا لتجد كل أسباب التعاسة في المنزل ثم تلاحقك هذه التعاسة نفسها في المكتب؟

وقد أصبحت الشكوى المستمرة والتبرم المتواصل من كل شيء هما ديدن الكثيرين من الناس ووسيلتهم المفضلة لقضاء الوقت.

وفي هذا يقول أحد الأطباء إننا منذ أن نستيقظ من نومنا في الصباح فإن أحاديثنا كلها تدور حول السائق، والخادمة، والاستقدام، وسوء الخدمات، وازدحام المرور، والقوانين والأنظمة المتغيرة باستمرار فكيف نجد السعادة وسط كل ذلك؟

ونحن كما يعلم الجميع في الجزيرة العربية عموما شعب ليس له تاريخ من الفكاهة والمرح والنكات فنحن مجتمع به شريحة كبيرة من القبليين يقوم على الصرامة والجدية التي هي إرث الآباء للأبناء. غير أن هذا الأمر بدأ يتغير في السنوات العشرين الأخيرة، حيث بدأ الناس يضعون التعليقات الساخرة والمرحة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل اليوتيوب والتويتر وغيرهما.

وقبل هذا جاءنا برنامج طاش ما طاس لصاحبيه عبدالله السدحان وناصر القصبي والذي استمر نحو 19 عاما تناولا فيه بالنقد والسخرية بعض الظواهر الاجتماعية.

ومن الأسباب التي تزيد الإحساس بالتعاسة والانقباض كابوس إنهاء المعاملات في الدوائر الحكومية. ورغم التقدم الكبير في مسألة الحكومة الالكترونية التي حققتها بعض الوزارات وعلى رأسها وزارة الداخلية إلا أن إنجاز أي معاملة في أية وزارة ما زال يحتاج إلى كثير من الصبر وطول النفس.

وهناك حقيقة لا بد من الاعتراف بها وهي أن الحكومة الالكترونية قد قللت كثيرا من الزمن الذي كان يستغرقه إنجاز المعاملات التي أصبحت تتم بضغطة على زر في جهاز الكمبيوتر إلا أن هذا لم يحقق السعادة المنشودة بعد.

وما زال هناك الكثير الذي يجب عمله في هذا الخصوص وسيحتاج سكان جدة على سبيل المثال إلى وقت طويل قبل أن تكون عروس البحر هي المدينة الذكية التي يحلمون بها ويجدون سعادتهم فيها.

وهنا يجيء سؤال آخر: ما هي مؤشرات قياس المدينة الذكية؟ وما هي مكوناتها؟ وكيف نعرف إذا كانت مدينتنا ذكية أم لا؟

هذا، بالضرورة، يستلزم على المخططين أن يأخذوا في اعتبارهم أشياء أخرى كثيرة غير المتطلبات الضرورية الثلاث وهي الغذاء، والمسكن، والأمن.

وعلى المخططين أن يضيفوا إلى هذه المتطلبات عنصرا آخر وهو سلامة البيئة وهذا لا يعني البيئة الطبيعية على إطلاقها والأجواء المحيطة فقد سئمنا الثقافة الاسمنتية والمباني العالية والفيلات الفخمة.

وما نحتاجه فعلا تحت عنوان البيئة هو أماكن اللهو والترفيه وقضاء الأوقات الممتعة التي هي بمثابة إسفنج يمتص الطاقات الزائدة ويخفف من الاكتئاب والضغط على الأعصاب.

إننا نحتاج إلى دور عرض سينمائية، وإلى مسارح، ومكتبات، وحدائق عامة نظيفة ومرتبة وإلى ميادين خضراء فسيحة ومزدهرة. إننا ببساطة نحتاج إلى أن نتنفس!!

ويبدو أن أقلية صغيرة قد اختطفت حقنا في الحلم وأعاقت تنفيذ هذه المتطلبات البسيطة والمشروعة. ولا يجب أن نسمح لهذه الأقلية بتدمير سعادتنا واختطاف حلمنا.

إننا نحتاج إلى مدينة تمزج التقنية مع الرفاه البدني والنفسي وتوظف هذه التقنية لصالح الإنسان وخيره وسعادته وتضم بين جنباتها كل عناصر الرفاه والسعادة، حيث يكون العيش سهلا وميسورا وحيث يشعر الإنسان بالسعادة والسرور بمجرد أن يمشي في أي شارع.

وعندما يتحقق هذا نستطيع أن نقول عندئذ إننا شعب سعيد.

وحتى هذه اللحظة لا زلت وأصدقائي نبحث عن معنى كلمة السعادة، ولم نجد جوابا لسؤالنا: هل نحن شعب سعيد؟

almaeena.k@makkahnp.com