السعودية والتغير الحتمي
الخميس / 21 / رجب / 1437 هـ - 03:45 - الخميس 28 أبريل 2016 03:45
الأنظمة والقرارات والسياسات الحكومية قد تكون في وقت من الأوقات غاية في الإتقان والملاءمة لمتطلبات احتياجات البلد، هي نفسها تصبح مع تقادم الزمن وتغير الظروف معوقا من معوقات التنمية، مما يفرض حتمية تغييرها.
وبالنظر للأنظمة الحكومية لدينا في قضايا التعليم، والصحة، والاقتصاد، والثقافة، والترفيه، والسياحة، وشؤون المرأة نجد أن غالبها صيغ ليلائم واقعا مغايرا لواقعنا اليوم، مما يحتم تغييرها لتوافق واقع المملكة اليوم.
وقد اطلعت على نبذة عن «الرؤية السعودية»، واستمعت لمقابلة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، واتضح لي أن البرنامج يسعى لعملية تحول ضخمة وعميقة في سياسة الدولة في تناول كثير من شؤون حياة المجتمع السعودي. وليست هذه المقالة مدحا أو قدحا بالبرنامج، فالحكم على الشيء حكما صحيحا بعيدا عن العواطف فرع عن تصوره حق التصور، ولا أملك هذا التصور عنه بعد؛ إذ ما طرح هو الخطوط العامة عنه دون جزئيات وتفاصيل البرنامج.
وقد لفت نظري الكثير مما طرح في ذلك البرنامج. أقصر الحديث على أمرين منها، الأمر الأول: الحديث عن مشروع تنويع مصادر الدخل، ولست خبيرا اقتصاديا، ولا أملك المعرفة الكافية لإدراك دهاليز الاستثمار الاقتصادي، وما يتبعها من أنشطة اقتصادية، لكن الذي أفهمه خطورة أن تبقى السعودية رهينة تقلبات أسعار النفط دون البحث عن مصادر أخرى للدخل القومي.
ومما يلفت النظر أن أكثر الموضوعات التي طرقها الاقتصاديون في السعودية في مقالاتهم ومحاضراتهم وكتبهم على مدى أربعين سنة هي الدعوة إلى تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط وحده، وثمة برامج حكومية وخطط تنموية طُرحت في أوقات سابقة لمعالجة هذا الخلل، لكن ذلك كله لم يفلح، ولهذا فالتوجه الذي طرح في البرنامج يبعث الأمل من جديد، إذ إن ما يميز الطرح الجديد أن الاتجاه لمعالجة هذا الملف جاء في سياق مشروع سياسة شاملة، من ضمنها حزمة قرارات اقتصادية تشكل منظومة متكاملة، وليست معالجات جزئية كما طرح سابقا.
والأمر الثاني: الالتفات إلى الآثار، إذ يتفق الباحثون في علم التاريخ على أن بلادنا (الجزيرة العربية) منطقة ذات حضور تاريخي هام، فعلى ثراها قامت حضارات، وحروب، وصراعات، وتكونت أقوام، ومنها وإليها قامت هجرات في دورات تاريخية مديدة، وهي أصل العروبة، ومنطلق الإسلام.
وهذا التاريخ الباذخ خلف لنا آثارا كثيرة، فحسب إحصائية هيئة السياحة يوجد في السعودية أربعة آلاف موقع أثري. ومع كل هذا الثراء الهائل في الآثار إلا أن حضورها على قائمة السياحة العالمية يكاد يكون معدوما، وحسبنا أن نُذَكِّر بالآثار الإسلامية فيها فقط، فمنطقة الحجاز خاصة – وهي مهد الإسلام – تعد متحفا إسلاميا مفتوحا، ففي كل ركن منها ذكرى لمعركة حدثت في صدر الإسلام، وما زالت محفورة في وجدان كل مسلم.
وفي كل زاوية من مكة والمدينة ذكرى عزيزة من تاريخ صدر الإسلام، تهفو قلوب المسلمين في العالم كله لمشاهدة مكان حدوثها، وفي كثير من جبال الحجاز نقوش إسلامية تعد كتابا تاريخيا يحكي تاريخ القرنين الأول والثاني من الإسلام.
وكل هذه المواقع والآثار تحتاج إلى إبرازها والتعريف بها وتقديمها للعالم الإسلامي وجهة سياحية رائدة. وأحسب أن لو كانت هذه الآثار الإسلامية في دولة أخرى لأصبحت من مصادر الدخل المعتبرة فيها، ولقد جاء علينا حين من الدهر والآثار لدينا نَسي منسي، تغذيه ثقافة تمقت الآثار، وتنظِر للعداء لها، ولهذا فحضور قضية الآثار في خطة التحول الوطني يبشر بغد واعد لآثارنا العظيمة التي تعبر عن هوية الجزيرة العربية، منبع العروبة، ومهبط الوحي، وبلد الفاتحين الأوائل، وهذا كله سيساهم في تغير الصورة النمطية للسعودية في المخيال العالمي بأنها صحراء فيها نفط.
aldahian.s@makkahnp.com
وبالنظر للأنظمة الحكومية لدينا في قضايا التعليم، والصحة، والاقتصاد، والثقافة، والترفيه، والسياحة، وشؤون المرأة نجد أن غالبها صيغ ليلائم واقعا مغايرا لواقعنا اليوم، مما يحتم تغييرها لتوافق واقع المملكة اليوم.
وقد اطلعت على نبذة عن «الرؤية السعودية»، واستمعت لمقابلة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، واتضح لي أن البرنامج يسعى لعملية تحول ضخمة وعميقة في سياسة الدولة في تناول كثير من شؤون حياة المجتمع السعودي. وليست هذه المقالة مدحا أو قدحا بالبرنامج، فالحكم على الشيء حكما صحيحا بعيدا عن العواطف فرع عن تصوره حق التصور، ولا أملك هذا التصور عنه بعد؛ إذ ما طرح هو الخطوط العامة عنه دون جزئيات وتفاصيل البرنامج.
وقد لفت نظري الكثير مما طرح في ذلك البرنامج. أقصر الحديث على أمرين منها، الأمر الأول: الحديث عن مشروع تنويع مصادر الدخل، ولست خبيرا اقتصاديا، ولا أملك المعرفة الكافية لإدراك دهاليز الاستثمار الاقتصادي، وما يتبعها من أنشطة اقتصادية، لكن الذي أفهمه خطورة أن تبقى السعودية رهينة تقلبات أسعار النفط دون البحث عن مصادر أخرى للدخل القومي.
ومما يلفت النظر أن أكثر الموضوعات التي طرقها الاقتصاديون في السعودية في مقالاتهم ومحاضراتهم وكتبهم على مدى أربعين سنة هي الدعوة إلى تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط وحده، وثمة برامج حكومية وخطط تنموية طُرحت في أوقات سابقة لمعالجة هذا الخلل، لكن ذلك كله لم يفلح، ولهذا فالتوجه الذي طرح في البرنامج يبعث الأمل من جديد، إذ إن ما يميز الطرح الجديد أن الاتجاه لمعالجة هذا الملف جاء في سياق مشروع سياسة شاملة، من ضمنها حزمة قرارات اقتصادية تشكل منظومة متكاملة، وليست معالجات جزئية كما طرح سابقا.
والأمر الثاني: الالتفات إلى الآثار، إذ يتفق الباحثون في علم التاريخ على أن بلادنا (الجزيرة العربية) منطقة ذات حضور تاريخي هام، فعلى ثراها قامت حضارات، وحروب، وصراعات، وتكونت أقوام، ومنها وإليها قامت هجرات في دورات تاريخية مديدة، وهي أصل العروبة، ومنطلق الإسلام.
وهذا التاريخ الباذخ خلف لنا آثارا كثيرة، فحسب إحصائية هيئة السياحة يوجد في السعودية أربعة آلاف موقع أثري. ومع كل هذا الثراء الهائل في الآثار إلا أن حضورها على قائمة السياحة العالمية يكاد يكون معدوما، وحسبنا أن نُذَكِّر بالآثار الإسلامية فيها فقط، فمنطقة الحجاز خاصة – وهي مهد الإسلام – تعد متحفا إسلاميا مفتوحا، ففي كل ركن منها ذكرى لمعركة حدثت في صدر الإسلام، وما زالت محفورة في وجدان كل مسلم.
وفي كل زاوية من مكة والمدينة ذكرى عزيزة من تاريخ صدر الإسلام، تهفو قلوب المسلمين في العالم كله لمشاهدة مكان حدوثها، وفي كثير من جبال الحجاز نقوش إسلامية تعد كتابا تاريخيا يحكي تاريخ القرنين الأول والثاني من الإسلام.
وكل هذه المواقع والآثار تحتاج إلى إبرازها والتعريف بها وتقديمها للعالم الإسلامي وجهة سياحية رائدة. وأحسب أن لو كانت هذه الآثار الإسلامية في دولة أخرى لأصبحت من مصادر الدخل المعتبرة فيها، ولقد جاء علينا حين من الدهر والآثار لدينا نَسي منسي، تغذيه ثقافة تمقت الآثار، وتنظِر للعداء لها، ولهذا فحضور قضية الآثار في خطة التحول الوطني يبشر بغد واعد لآثارنا العظيمة التي تعبر عن هوية الجزيرة العربية، منبع العروبة، ومهبط الوحي، وبلد الفاتحين الأوائل، وهذا كله سيساهم في تغير الصورة النمطية للسعودية في المخيال العالمي بأنها صحراء فيها نفط.
aldahian.s@makkahnp.com