الرأي

مكة المكرمة والخطة الخمسية

مكيون

فاتن محمد حسين
في حوار مثير مع سعادة مساعد أمين العاصمة المقدسة للتخطيط الاستراتيجي الدكتور صالح فيده في صحيفة المدينة الاثنين 11/7/1437هـ، كشف النقاب عن خطة خمسية ورؤية استراتيجية وضعتها الأمانة لتكون مكة المكرمة من أفضل عشر مدن عالمية في الخدمات البلدية، والتي تحقق جودة الحياة بمعايير وتقنيات عالية.. وأن هناك خططا واستراتيجيات لنشر مفهوم الجودة والتميز وثقافتها للعاملين في ميدان أمانة العاصمة طبقا لأحدث معايير الجودة المؤسسية العالمية.. وفي نظري أنها خطوة في الطريق الصحيح مع أنها جاءت متأخرة..!!

وحقيقة فإن الحوار لم يشر إلى إن كانت قد وضعت الخطط التنفيذية والتشغيلية لتحقيق الخطة الاستراتيجية، حيث بدونهما تصبح الخطة حبرا على ورق!! كما أن الحوار يجعل القارئ يموج ما بين الآمال الكبيرة المستقبلية وما بين الواقع في كثير من جوانبه المتردية والتي تحتاج إلى الكثير من الجهود والزمن لترميمها. كما كنت أتمنى أن يكون الحوار أكثر شمولية للحديث عن المشاريع الخدمية التي يحتاجها المواطن لتكون مكة المكرمة فعلا ضمن أفضل المدن العالمية. وهنا أتساءل كغيري من المواطنين وأضع سعادة مساعد أمين العاصمة المقدسة المسؤول عن الخطة الاستراتيجية في قفص (الإجابة) لنتأكد من مدى تطبيق الخطة الاستراتيجية على واقع مكة المكرمة لتكون مدينة عالمية، فهل راعت الخطة مثلا البنى التحتية لمكة المكرمة في تصريف مياه الأمطار فلا تقع الكوارث ونحد من البلاغات التي تصل بالمئات للدفاع المدني عن محتجزين في السيول وفي الأنفاق؟

وهل راعت الخطة سلامة وسفلتة الشوارع والطرق دوريا والتي تتآكل بفعل عوامل الزمن وتنخر أكثرها الحفر والمطبات فتقع السيارات في شباكها وتسبب لها العطل في الأذرع والعجلات؟

وهل راعت الخطة نظافة الأحياء والطرقات؟ وبدلا من أن نرى عمال النظافة يجوبون الشوارع تحت أشعة الشمس المحرقة و(بمقشة الخصف) المهترئة.. نرى سيارات وآليات كبيرة وبفرش ضخمة تنظف الشوارع آليا كما نراها في المدن المتقدمة وليس العالمية.

هل لدى الأمانة خطة في التدوير للنفايات؟ وذلك من أجل حماية بيئة مكة المكرمة من التلوث وأن تكون بالمظهر الحضاري الذي يؤهلها لأن تكون مدينة عالمية؟؟ وهل لدي الأمانة خطة لتوعية المواطنين في تصنيف النفايات ووضعها في براميل ملونة حسب نوع النفايات، مثلا نفايات عضوية: (وهي قابلة للتخمر) مثل بقايا الطعام ومخلفات الحدائق توضع في حاوية بلون خاص للاستفادة منها كسماد للتربة.. ونفايات غير عضوية كالزجاج والبلاستيك والألمنيوم و.... ويمكن إعادة تدويرها والاستفادة منها في المصانع وهكذا.. فهي لا زالت تذهب جميعها إلى مكب النفايات!! ناهيك عما يحدث هذا من تلوث للبيئة عند حرق كل هذه النفايات.. فتتفاعل المواد مع بعضها وتنتج سموما تضر بصحة الإنسان.

وهل راعت الخطة توفير حدائق ومتنزهات لسكان مكة المكرمة؟ الذين لا يجدون متنفسا لهم ولأطفالهم سوى (مواقف سيارات كدي ) تكوي أقدامهم حرارة الإسفلت وتلفح وجوههم حرارة وغبار السيارات.

وهل راعت الخطة علاقتها المباشرة مع الشركاء الاستراتيجيين مثل: وزارة المياه والكهرباء في توفير تصريف الصرف الصحي للأحياء التي لا زالت تنزح آبارها يدويا وفي كثير من الأحياء الحديثة... مما يسبب انتشار ا للروائح الكريهة فضلا عن مخاطر التلوث للبيئة؟ وفي توفير المياه للمواطن عبر شبكة الأنابيب العامة، حيث الكثير من المنازل لا زالت تستخدم صهاريج المياه هذا فضلا عن زيادة أسعار التعرفة وما لحق المواطن من استنزاف غير مبرر!!

أخيرا وفي معرض حديث سعادته عن موضوع حيوي وهو: أن هناك إدارة للمعرفة وأخرى للتغيير وأن هناك الكثير من القيادات في الأمانة وعندهم خبرات وأن هناك توثيقا لأعمالهم توضع على البوابة الالكترونية.. وكل هذا جميل ولكن الأساس في المعرفة هو كيفية الاستفادة منها في التطوير والتغيير والبدء من حيث انتهى الآخرون فالتاريخ لا قيمة له إلا إذا تمت الاستفادة منه حاضرا ومستقبلا.

وحتى تصبح مكة المكرمة مدينة عالمية فإن (البنى التحتية) عنصر أساسي لمقومات أخرى مثل: النواحي العمرانية والسياحية والاقتصادية والثقافية والنقل والمواصلات..

كلنا أمل أن تتضافر جهود تلك الوزرات مع أمانة العاصمة المقدسة لنحقق الرؤية السامية و(الخطة الخمسية) لتكون مكة ضمن أفضل (10) مدن عالمية في عام 1442هـ فهي المدينة التي يفد إليها الملايين كل عام ليؤدوا شعيرتي الحج والعمرة والواجهة الحضارية للدولة.