الرأي

وراثة شخصية الأب

تفاعل

سوزان سليم
حكى الصحفي المصري مصطفى أمين عن التشابه العجيب بينه وبين توأمه علي أمين، في مقال نشره تقريبا في 1979، بعد وفاة أخيه بثلاث سنوات. قال إنهما كانا متشابهين في الصوت حتى إن أمهما كانت تخطئ في معرفة من يحدثها في الهاتف.

كانا متشابهين في الصورة أيضا، حيث كانا يحلقان «ذقنيهما» عند حلاق واحد على أساس أنهما فرد واحد، وكان مصطفى يسافر أحيانا بجواز سفر أخيه عند الحاجة، وكان المدرسون يخطئون في تمييز الواحد منهما عن الآخر، وقد ضربوا أخاه لذنوب كثيرة ارتكبها هو.

كانا مثل الكثيرين من التوائم متشابهين في الفكر أيضا، إذا كتب أحدهما مقالا، استطاع الآخر أن يتمه دون أن يسأل أخاه عما كان يريد أن يقول.

لو عاش شخصان الظروف نفسها وتربيا التربية نفسها، وارتديا الملابس نفسها، وتناولا الوجبات نفسها، وعاملهما الناس المعاملة نفسها، هل ستتشابه أخلاقهما وقراراتهما وفشلهما ونجاحهما؟

التوائم عاشوا هذه الحياة المتشابهة خصوصا في بداية حياتهم، وعاشوا في داخل أجساد متشابهة، ومع هذا يلاحظ العلماء أن هناك اختلافا بين شخصياتهم.

على الرغم من أن التوائم المتطابقين يولدون من انقسام بويضة واحدة إلا أن هناك اختلافات في شخصياتهم وفي قراراتهم التي تؤثر على مسيرة حياتهم.

كثيرا ما يلاحظ العلماء أن أحد التوأمين يبدو هادئا ومفكرا، والآخر منطلقا واجتماعيا، وقد تختلف الهوايات ومستوى الذكاء أيضا.

الذي يسبب هذه الاختلافات هو الفطرة والجينات والظروف المختلفة التي يمران بها حين يكبران ويتعرف كل منهما على أشخاص مختلفين، ويذهب إلى أماكن مختلفة، ويعيش تجارب خاصة به.

ما يؤثر على اختلاف شخصياتنا هو ظروف الحياة التي ولدنا فيها، وتعامل الناس معنا، والجينات والفطرة، ثم نحن.

بعض صفاتي الشخصية نسخة مطابقة لشخصية والديّ. ورثت من أبي الصبر وتأجيل المهام الصغيرة حتى تصبح مشكلة كبيرة، وأخذت من أمي التنظيم والشعور بأني جرحت أحدا حين مزحت معه، وورثت منهما الاثنين بعض الخجل والتردد، وبعض الشجاعة والجرأة.

لم يتبع مصطفى وعلي الطريق نفسه في الحياة للوصول إلى الصحافة، إذ درس مصطفى العلوم السياسية، ونال الماجستير فيها وعمل مدرسا للصحافة، ودرس أخوه الهندسة وتعين مهندسا في مصلحة الميكانيكا والكهرباء.. عمل كل منهما أعمالا مختلفة، لكن ربطهما عشق الصحافة.

اختلاف شخصياتنا قد يرتبط بأمور فطرية وبظروف ذهبت لا نستطيع تغييرها، لكن جزءا من شخصيتنا بقي لنا، لنتحكم به، لنكون مختلفين بالصورة التي نريد.