الرأي

التهيئة لبرنامج التحول الوطني

محمد العوفي
ما تمر به المملكة في الفترة الحالية يعد تطويرا تنظيميا، وإن كان الهدف الرئيس والنهائي من هذا الحراك التنظيمي تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، فما يحدث الآن هو تدخل مخطط ومستمر يستهدف زيادة فعالية المنظمات الحكومية وشبه الحكومية، لإحداث تغيير تنظيمي شامل سيعبر بالاقتصاد إلى عصر ما بعد النفط.

ندرك جميعا قادة ومسؤولين وموظفين ومواطنين الحاجة إلى إجراء هذا التطوير والتغيير التنظيمي في كل القطاعات والمنظمات، ومقتنعون بأهميته، وبذلك نجتاز المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية من مراحل التطوير والتغيير التنظيمي، والتي تعنى باستراتيجيات وخطط التطوير والتغيير التنظيمي، والمنتظر إعلانها خلال الأيام القليلة المقبلة، وهي المرحلة الأكثر أهمية وخطورة، لأنها تتضمن تشخيص الواقع الحالي، وتحديد التغيير وأولوياتها واختيار الفريق الذي سيتولى إدارة التغيير، واختيار التوقيت المناسب، وتكلفة التغيير، وأسلوبه المناسب وإذا كان شاملا أو مرحليا أو تدريجيا، ولكل أسلوب آلياته الخاصة به.

هذه المرحلة تتمثل في الخطة الشاملة لإعداد المملكة لعصر ما بعد النفط، والمنتظر الإعلان عنها وفقا لتصريحات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع وكالة «بلومبرغ»، في 25 أبريل، والتي ستشمل العديد من البرامج التنموية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من البرامج، وإن أحد عناصر الرؤية المستقبلية للمملكة هو برنامج التحول الوطني، والذي سيتم إطلاقه بعد شهر أو 45 يوما عقب إعلان هذا الشهر، والذي يكون الأكبر والأضخم من بين برامج التطوير والتغيير التنظيمي التي ستعتمدها لزيادة فعالية المنظمة، وتحويلها إلى منظمات منتجة.

يمكن القول وفقا لذلك إن المدة الفاصلة بين الإعلان عن الخطوط العريضة لبرنامج التحول الوطني وبدء التطبيق الفعلي له، والتي أشار إليها الأمير محمد بن سلمان في المقابلة، وحددت مبدئيا بشهر أو 45 يوما بأنها مرحلة التهيئة والإعداد سواء كانت على مستوى المنظمات أو على مستوى الأفراد العاملين في تلك المنظمات أو الجمهور المستفيد من هذه المنظمات.

ومرحلة التهيئة هي مرحلة تسبق البدء في إجراءات تطبيق التطوير والتغيير التنظيمي، ويتم وضع السيناريو الخاص بها في مرحلة التخطيط، بدراسة البدائل المتاحة للتغيير، وتأثير كل بديل أو خيار يمكن أن يقود إلى التغيير المنشود، والتطوير التنظيمي، لا تقل حساسية عن سابقتها من مراحل، كونها تهدف إلى تقبل التطوير والتغيير للحد من مقاومته، كما أنها تضمن التنفيذ السليم لهذه الخطط، علاوة على أنه تنور وتوضح للناس الهدف من هذا التطوير والتغيير، وتأثير هذا التطوير على مصالحهم، والخدمات الحالية التي يحصلون عليها، وأسعارها المستقبلية، بهدف توفير مناخ صحي للتغيير ليصبح التغيير عملا مؤسسيا.

لأن مقاومة التغيير تحدث لأسباب عدة منها ما يتعلق بالمصالح المكتسبة من بقاء الوضع الراهن، وأخرى نفسية كالخوف من المجهول والقادم، أو الخوف من الإخفاق وعدم القدرة على التكيف مع الوضع الجديد، أو الخوف من تحمل أعباء جديدة قد تنتج عن هذا التغيير، أو عدم وضوح الرؤية حول التغيير ذاته، أو المفهوم السلبي نحو التطوير والتغيير.

أعتقد من وجهة نظر شخصية أن المدة المخصصة قبل بدء التطبيق الفعلي كافية إلى حد ما شريطة أن يكون العمل في مرحلة التهيئة مكثفا لرفع الوعي وتقليل الحساسية تجاه التغيير، إلى جانب تبديد المخاوف المرتبطة به، ويحتاج ذلك إلى جهود كبيرة لا تقل عن الجهود المبذولة في مرحلة التخطيط والإعداد له، لأن نجاح التطوير والتغيير التنظيمي يعتمد بالدرجة الأولى على تقبل العاملين والموظفين له، والمشاركة في إنجاحه.

alofi.m@makkahnp.com