أزمة السكن المزمنة
الثلاثاء / 12 / رجب / 1437 هـ - 19:15 - الثلاثاء 19 أبريل 2016 19:15
تبشر الصحف المحلية من وقت لآخر باسترداد الدولة لملايين الأمتار من الأراضي المنهوبة من قبل من تسميهم الصحف وعلى مسؤوليتها أيضا لصوص الأراضي. وقبل الحديث عن اللصوص وعن استرداد الأراضي منهم يجب أن نتحدث أكثر عن كيف بدأت أزمة السكن وشح الأرض في قارة لا يزيد سكانها عن عشرين مليونا، وكيف وصل سعر المتر في هذه الصحراء مترامية الأطراف إلى ما وصل إليه من حد لا يبلغه ولا يستطيعه إلا القليل منهم.
وإذا عرفنا كيف بدأ الخطأ الذي أزم الأمر كان بالإمكان حلحلة المعضلة المستعصية على كل ما جرب من الحلول للأزمة حتى الآن.
الخطأ بدأ مبكرا إبان الأزمة الأولى مع الطفرة الأولى التي ظهرت في عام 1975 وحينها واجهت الدولة الأزمة في السكن بحلول عاجلة مرتجلة، وهي ما كان يجب أن تفعله فقدمت للناس قطع أرض في مساحات مناسبة للسكن، واستفاد أكثر الناس من تلك المنح، ولكن ذلك الحل والاستعجال به بلا تخطيط فتح بابا واسعا دخل منه أباطرة العقار وتجاره، وبابا أوسع منه لطلاب المنح الضخمة التي تبلغ مساحاتها الكيلومترات، وفتح شهية واسعة للاتجار بالأرض وتحويلها إلى ثروات وكنوز لفئة قليلة من الناس، طوقت هذه المنح المليونية المدن بسوار محيط أمام انتشارها وتطورها وامتدادها الطبيعي، وقد فتحت معها فرصا مؤاتية حولت الأرض إلى سلعة للبيع والشراء واحتدمت المضاربات وراجت واشتدت بين قلة قليلة من التجار الذين انتهزوا التطور والنمو للسكان، ولم يلبث أن انتقل الأمر من منح سكنية صغيرة إلى أطماع في تجارة وجدها بعض الناس فرصة رابحة فكانت المنح الكبرى التي تبلغ مساحاتها ملايين الأمتار المربعة هي سبب الأزمة، حين أحاطت الإقطاعات في المدن التي كانت تنمو نموا سريعا غير مسبوق مما كون بورصة العقار وصار هناك تحالف مريب بين من أخذوا المنح الكبيرة وسماسرتهم لبيعها وتسويقها، وتحكم العرض والطلب على الأرض وكان الطلب أكبر من العرض، لأن أصحاب المنح المليونية ليسوا في عجلة من أمرهم لبيعها في سعر السوق ونتيجة النمو المتسارع للمدن والبحث عن المسكن المناسب للقادمين الجدد إليها، وما حدث من انفجار سكاني غير معهود ونزوح من الريف والقرى وتكدس في أمهات المدن. كان هذا كله فرصة ثمينة لتصريف المنح المليونية التي اعترضت توسع المدن وامتدادها الطبيعي ولم يقبل ملاك المنح الضخمة بالسعر المعقول فتجاوزتهم المدينة وبقي ما يملكون أرضا بيضاء تمتد في أحشاء كل مدينة لتكون رصيدا لهم عند الحاجة هذه هي المشكلة وجذورها.
فما الحل وما العمل وقد أصبحنا جميعا في أزمة متفاقمة سببها الطمع والحرص وعدم التخطيط للمستقبل وقد استعصت على الحلول رغم ما يبذل من جهود كبيرة للخروج من المأزق الذي صرنا إليه. ليس الحل ما تنشره وتفرح به بعض الصحف من استرداد قطعة أرض هنا وقطعة أرض هناك كلها خارج النطاق العمراني للمدن وبعيدة عن الامتداد والتطور ولا يقدم ولا يؤخر وجودها في شيء من الواقع الصعب الذي يبحث فيه عن مخرج معقول.
الحل هو العودة إلى أساس المشكلة وإلى المدن المزدحمة وإلى ما بقي من المنح الكبيرة داخل المدن وإعادة النظر في أساس منحها وشرعيته ولا سيما أن الكثير من تلك المنح الكبيرة ما زال متروكا مواتا لم يتصرف به مالكه، ولم تتم الاستفادة منه، وإذا فرضنا صحة امتلاكه تحت أي ذريعة كانت لا شك سيجدها الباحثون من العلل، فإن الاحتكار في حال الحاجة والضرورة إلى ما يحتكر تمنعه كل الشرائع والقوانين والأديان، ولو كان ملكا محضا، ولا يوجد اليوم أكثر ضررا على الناس وأمس لحاجتهم من احتكار الأرض واستغلال أهل الحاجة إليها والمغالاة في أسعارها ممن يحتكر ما الناس بحاجة إليه.
الثاني تطبيق قاعدة مشهورة في فقه المعاملات وهي أن المغنم بالمغرم، وهذه الجزر الفضاء في داخل المدن حصل عليها المالك الأول مجانا من الدولة بما ذكر سابقا من نظام المنح أي أنه حصل عليها بلا مقابل فليس عليه مغرما في أي حال تكون الأرض وفي أي حال يقدر سعرها، والحل تسعيرها بسعر يحقق لمالكها ثمنا معقولا يفك به الاحتكار ويمنع به الضرر الحادث والمتوقع على عامة الناس.
marzooq.t@makkahnp.com
وإذا عرفنا كيف بدأ الخطأ الذي أزم الأمر كان بالإمكان حلحلة المعضلة المستعصية على كل ما جرب من الحلول للأزمة حتى الآن.
الخطأ بدأ مبكرا إبان الأزمة الأولى مع الطفرة الأولى التي ظهرت في عام 1975 وحينها واجهت الدولة الأزمة في السكن بحلول عاجلة مرتجلة، وهي ما كان يجب أن تفعله فقدمت للناس قطع أرض في مساحات مناسبة للسكن، واستفاد أكثر الناس من تلك المنح، ولكن ذلك الحل والاستعجال به بلا تخطيط فتح بابا واسعا دخل منه أباطرة العقار وتجاره، وبابا أوسع منه لطلاب المنح الضخمة التي تبلغ مساحاتها الكيلومترات، وفتح شهية واسعة للاتجار بالأرض وتحويلها إلى ثروات وكنوز لفئة قليلة من الناس، طوقت هذه المنح المليونية المدن بسوار محيط أمام انتشارها وتطورها وامتدادها الطبيعي، وقد فتحت معها فرصا مؤاتية حولت الأرض إلى سلعة للبيع والشراء واحتدمت المضاربات وراجت واشتدت بين قلة قليلة من التجار الذين انتهزوا التطور والنمو للسكان، ولم يلبث أن انتقل الأمر من منح سكنية صغيرة إلى أطماع في تجارة وجدها بعض الناس فرصة رابحة فكانت المنح الكبرى التي تبلغ مساحاتها ملايين الأمتار المربعة هي سبب الأزمة، حين أحاطت الإقطاعات في المدن التي كانت تنمو نموا سريعا غير مسبوق مما كون بورصة العقار وصار هناك تحالف مريب بين من أخذوا المنح الكبيرة وسماسرتهم لبيعها وتسويقها، وتحكم العرض والطلب على الأرض وكان الطلب أكبر من العرض، لأن أصحاب المنح المليونية ليسوا في عجلة من أمرهم لبيعها في سعر السوق ونتيجة النمو المتسارع للمدن والبحث عن المسكن المناسب للقادمين الجدد إليها، وما حدث من انفجار سكاني غير معهود ونزوح من الريف والقرى وتكدس في أمهات المدن. كان هذا كله فرصة ثمينة لتصريف المنح المليونية التي اعترضت توسع المدن وامتدادها الطبيعي ولم يقبل ملاك المنح الضخمة بالسعر المعقول فتجاوزتهم المدينة وبقي ما يملكون أرضا بيضاء تمتد في أحشاء كل مدينة لتكون رصيدا لهم عند الحاجة هذه هي المشكلة وجذورها.
فما الحل وما العمل وقد أصبحنا جميعا في أزمة متفاقمة سببها الطمع والحرص وعدم التخطيط للمستقبل وقد استعصت على الحلول رغم ما يبذل من جهود كبيرة للخروج من المأزق الذي صرنا إليه. ليس الحل ما تنشره وتفرح به بعض الصحف من استرداد قطعة أرض هنا وقطعة أرض هناك كلها خارج النطاق العمراني للمدن وبعيدة عن الامتداد والتطور ولا يقدم ولا يؤخر وجودها في شيء من الواقع الصعب الذي يبحث فيه عن مخرج معقول.
الحل هو العودة إلى أساس المشكلة وإلى المدن المزدحمة وإلى ما بقي من المنح الكبيرة داخل المدن وإعادة النظر في أساس منحها وشرعيته ولا سيما أن الكثير من تلك المنح الكبيرة ما زال متروكا مواتا لم يتصرف به مالكه، ولم تتم الاستفادة منه، وإذا فرضنا صحة امتلاكه تحت أي ذريعة كانت لا شك سيجدها الباحثون من العلل، فإن الاحتكار في حال الحاجة والضرورة إلى ما يحتكر تمنعه كل الشرائع والقوانين والأديان، ولو كان ملكا محضا، ولا يوجد اليوم أكثر ضررا على الناس وأمس لحاجتهم من احتكار الأرض واستغلال أهل الحاجة إليها والمغالاة في أسعارها ممن يحتكر ما الناس بحاجة إليه.
الثاني تطبيق قاعدة مشهورة في فقه المعاملات وهي أن المغنم بالمغرم، وهذه الجزر الفضاء في داخل المدن حصل عليها المالك الأول مجانا من الدولة بما ذكر سابقا من نظام المنح أي أنه حصل عليها بلا مقابل فليس عليه مغرما في أي حال تكون الأرض وفي أي حال يقدر سعرها، والحل تسعيرها بسعر يحقق لمالكها ثمنا معقولا يفك به الاحتكار ويمنع به الضرر الحادث والمتوقع على عامة الناس.
marzooq.t@makkahnp.com