الرأي

دوار اليابسة: لسنا شعب الباجاو!

فهيد العديم
شعب الباجاو، شعب يعيش طوال حياته في المحيط ونادرا ما ينزل للأرض، حيث يقوم البعض منه بشراء بعض الاحتياجات من الأسواق وبيع الأسماك ثم يعودون للمياه مرة أخرى.

الباجاوا يعيشون على القرب من شواطئ ماليزيا في أكواخ داخل المياه، بعد نزوحهم من الفلبين، ولا يمتلكون جنسية ولا يتعاملون بالمال بينهم، أطفالهم يمتلكون قدرات مذهلة على الصيد بالرماح والشباك والغطس لفترات طويلة وبعضهم يعاني أحيانا من دوار الأرض عند هبوطهم على الأرض.

يتداول أهل الباجاو أسطورة تحكي أنهم ينتمون لشعب كان يسكن اليابسة ويحكمهم ملك له ابنة ابتلعها البحر في عاصفة شديدة، فأمر الملك شعبه بالبحث عن ابنته، فرحلوا إلى البحر باحثين عنها ولمّا فشلوا في العثور عليها قرروا البقاء في البحر وعدم العودة إلى اليابسة خوفا من غضب الملك، ويدين معظم شعب الباجاو بدين الإسلام على المنهج السني وتوجد أقليات تعتنق المسيحية البروتستانتية والكاثوليكية بالإضافة إلى بعض الأديان، ويعد التمسك بالدين قيمة اجتماعية وأخلاقية عالية، ومع ذلك لا توجد مساجد أو دور عبادة إسلامية على الشواطئ القريبة من مكان سكن شعب الباجاو. ويقومون بالصلاة - حسب معتقدهم- لبعض الأرواح التي تسكن البحر!

ربما أهم ما ورد من معلومات في هذه المقدمة هو معاناة بعض هذا الشعب من (دوار الأرض) عند (صعودهم) لليابسة، إضافة إلى أن دينهم إسلامي (سُنة) ويصلّون – بطريقتهم – لبعض الأرواح، هاتان المعلومتان يمكننا الدخول عبرهما لموضوعنا، وهو غرق المدن (بشبرين موية)، فكما أن الباجاو يشعرون بدوران الأرض فإن لدينا مُدنا لم تكن لتغرق لو تُركت دون مشاريع بنية تحتية، فالناس بفطرتهم لا يمكن أن يبنوا بيوتهم في مجاري الأودية، لكن المشاريع التي تسميها الأمانات والبلديات بالتنموية أتت بالأودية إلى بيوتهم، أو أتت بهم إلى الأودية لا فرق، وكأنها غيرة من (دوار الأرض عند الباجاو) أي بمعنى (هم مهم أحسن منّا)، الأهم أنه لا يوجد بهذه المدن بحر، ولا بر (باستثناء الأراضي البيضاء)، ومع ذلك نعاني من دوار اللاشيء أو كل شيء!

الأمر الآخر الذي جعلني أؤمن بنظرية المؤامرة من قبل المشرفين والمنفذين لهذه المشاريع لـ(باجاوتنا) «نسبة إلى شعب الباجاو»، وهو شك يقترب من اليقين حول سعيهم لتغيير هويتنا، حيث إن هؤلاء يشبهون ديانة شعب الباجاو، فـ(ربعنا القائمون على هذه المشاريع) هم مسلمون أيضا، لكنهم يشبهون شعب الباجاو المسلم الذي يصلّي للأرواح!، فتخيلوا أن المشروع المنفذ لحماية أرواح الناس يكون مصيدة لجرهم لناصية الموت، ومشاريعنا – للأمانة – تكون أجمل عندما تتعثر، أما عندما تُنجز فإنها تتحول لعثرة أبدية أمام الناس، واقتراحي للبلديات ووزارة الإسكان أن تشترطا على أي مناقصة قادمة أن يكون أي بناء أو حتى (كوبري) أكثر من دورين، الدور الأول يُشترط أن يكون خاليا ومفتوحا حيث يسمح بمرور الأودية، وستتغير الثقافة والفكر والوعي، فكما أنه توجد غرفة معيشة، سنتأقلم على وجود طابق (دور) للمطر!، وأتمنى ألا يكون منفذو المشاريع يخافون من حرمان المسلمين من فضل الشهادة غرقا!

fheed.a@makkahnp.com