قضاء حوائج الناس مدعاة لنيل الأجر والمحبة
السوق
الاحد / 10 / رجب / 1437 هـ - 21:30 - الاحد 17 أبريل 2016 21:30
في هذا الزمن الذي تتكالب فيه على الأمة الإسلامية مؤامرات أعدائها لزرع مزيد من الفرقة والفتنة بين أفرادها وشعوبها.. ومواكبةً للجهود التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين وإخوته قادة وزعماء الأمة الإسلامية لرأب الصدع وتوحيد الصفوف والكلمة، بعدما تأكدوا جميعاً وتأكدنا أن لا عزة لنا ولا قوة ولا منعة إلا بهذا الدين القويم وبهذا الإيمان العظيم.. وبعدما تأكد أيضاً أن الإيمان الذي يربط أبناء هذه الأمة هو ما يزيد من تلاحمها ويجعلها صامدة في وجه كل الأحداث والأنواء والأعداء، فلعبوا على وتر الطائفية والحزبية والجماعات الخادعة والمنظمات المضلة، ليضعفوا هذا الإيمان الحصين، الذي يملأ نفوس المؤمنين، في محاولات يائسة لزعزعته، ولإخماد جذوته، ولكن الله مُتمُّ نوره ولو كره الكافرون. نعم لن يفلحوا بإذن الله في أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ولكن علينا كلٌ من منبره، وكلٌ بالمتاح له من الوسائل أن نذّكر الناس بعظمة هذا الإيمان، وأن نستعرض معهم أسراره وجوامعه.. وأن نؤكد لهم على الدوام «إنما المؤمنون إخوة»، هذه الأخوة التي لا غرض لها ولا غاية غير ترابط الناس وتراحمهم وتقاربهم في سبيل الخير والحق، ومن أجل الخير والحق. وهل هناك غايةٌ أنبل من هذه؟ وهل هناك غرض أسمى من هذا؟ لندرك جميعاً عمق الصلة الروحية التي يريدها الله ورسوله رابطاً عبر هذه الأخوة لكل المؤمنين.
يقول الهادي البشير عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم «مثلُ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
إن من أعظم العبادات التي يتقرب بها المؤمن إلى خالقه ويتحبب بها إلى الخلق، الشعور بسعادةٍ يدخلها إلى قلب أخيه، أو رفع همّ وغمّ محزون، أو إغاثة ملهوف. إن الكثير من المقالات أو المحاضرات الطوال قد لا تؤثر في الإنسان بقدر تأثره بموقف عملي إيجابي، مواساة أو تهنئة أو زيارة أو عيادة. وكثير من الأشخاص ارتبط بهذا الدين العظيم أو زاد به ارتباطا ـ وكان نقطة تحول، جراء هذه الأخلاق الإيمانية التي يتجلّى فيها الشعور بالغير.. والسعي في قضاء حوائج الناس.
وجاء في الحديث القدسي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله «تلقّت الملائكة روح رجلٍ ممن كان قبلكم، فقالوا: أعملت من الخير شيئاً؟ قال لا، قالوا تذكر، قال كنت أداين الناس، فآمر فتياني أن يُنظِروا المعسر ويتجوزوا عن الموسر، قال: قال الله عز وجلّ: أنا أحق بذلك منك، تجاوزوا عن عبدي».
نعم عزيزي القارئ، إن الشعور بمعاناة الناس والسعي في قضاء حوائجهم مدعاة لنيل الأجر من الله، والحب والمودة من الناس. وكما ورد في حديث ابن عمر أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس».
وقضاء حوائج الناس بابٌ واسع لا يقتصر على النفع المادي فحسب، لكنه يشمل النفع بالعلم النافع، وبالرأي النافع، وبالمشورة النافعة، والنصح النافع. حقيقة إن الشعور بالآخر والإحساس به بين المؤمنين، إن لم يكن عبادةً يُتقرّب بها إلى الله، فهو من أخلاق الأنبياء. وهذا نبي الله موسى عليه السلام ـ يقُصُ الله علينا نبأه حين وصل إلى قريةٍ متخوفاً من بني إسرائيل، وقد أنهكه التعب، فرأى منظراً استفز فيه شهامته، فتاتان عفيفتان تتحاشيان قوماً من الرعاع وتنتظران حتى يفرغوا.. «فسقى لهما». وهذا نبينا عليه الصلاة والسلام كان من شمائله كما أثنت عليه الوفية خديجة رضي الله عنها «كلا فوالله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتُكسِب المعدوم».
لقد كان المؤمنون يعدّون صاحب الحاجة صاحب فضل عليهم، يقول ابن عباس رضي الله عنه: ثلاثة لا أجازيهم أبداً: رجل وسع لي في المجلس، ورجلٌ بدأني بالسلام، ورجل اغبرّت قدماه في المشي إلى ليسلم علّي. ورابعٌ لا أجازيه إلا بالدعاء، رجل نزلت به ضائقة فبات ليله يفكّر بمن ينزلها، فرآني أهلاً لذلك فأنزلنيها. وأنشد في ذلك منشدٌ فقال:
إذا طارقات الهمّ صاحبت الفتى
وأعملن فكر الليل والليل عاكرُ
وباكرني في حاجةٍ لم يجد لها سواي
ولا من نكبة الدهر ناصرُ
فمان له فضل عليّ بظنه
بيَ الخير وإني للذي ظنّ شاكرُ
نعم قارئي العزيز: إن السعي في قضاء حوائج الناس والشعور بهم من الشفاعة الحسنة التي أمرنا الله تعالى بها «من يشفع شفاعةً حسنة يكن له نصيبٌ منها ومن يشفع شفاعةً سيئةً يكن له كفل منها..» النساء 85، أي من يسعى في أمر فترتب عليه خير كان له نصيبٌ من ذلك، والعكس في الشفاعة السيئة.
وقضاء حوائج الناس إلى جانب ما فيه من توثيق عُرى الأخوة والمحبة بينهم فإنه لون من ألوان الصدقة كما ورد في حديث أبي ذرٍ قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام «على كل مسلم في كلِ يومٍ طلعت عليه الشمس صدقة. قال يا رسول الله من أين نتصدق وليس لنا أموال؟ قال الحبيب المصطفى عليه السلام: من أبواب الصدقة أن تعزل الشوكة عن طريق المسلمين والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتدل المستدلّ على حاجته قد علمت مكانها، وتسعى بشدةٍ إلى اللهفان، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف. كل ذلك من أبواب الصدقة».
ويعلم الله أن لو كل واحد منا طبّق هذا الحديث كما ورد، لبقيت مساحات الحب والود في تزايد مع كل طلعة شمس، ولبرزت عِظمَة أخوّة المؤمنين شامخةً لكل الناظرين، ولما وجد الحاقدون ما يفرّقون به بيننا. إنها وصية نبوية عظيمة تُشعرنا بأننا كالجسد الواحد بالفعل. وهنا وعندما يستعيد المجتمع هذه الروح الإيمانية فسيدرأ عنه الكثير من الأحقاد، وستضعف في نفوس الحسّاد الرغبة في زرع الفتن، وإذكاء نار الخلاف والصراع بين الإخوة في الإيمان.
يقول الهادي البشير عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم «مثلُ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
إن من أعظم العبادات التي يتقرب بها المؤمن إلى خالقه ويتحبب بها إلى الخلق، الشعور بسعادةٍ يدخلها إلى قلب أخيه، أو رفع همّ وغمّ محزون، أو إغاثة ملهوف. إن الكثير من المقالات أو المحاضرات الطوال قد لا تؤثر في الإنسان بقدر تأثره بموقف عملي إيجابي، مواساة أو تهنئة أو زيارة أو عيادة. وكثير من الأشخاص ارتبط بهذا الدين العظيم أو زاد به ارتباطا ـ وكان نقطة تحول، جراء هذه الأخلاق الإيمانية التي يتجلّى فيها الشعور بالغير.. والسعي في قضاء حوائج الناس.
وجاء في الحديث القدسي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله «تلقّت الملائكة روح رجلٍ ممن كان قبلكم، فقالوا: أعملت من الخير شيئاً؟ قال لا، قالوا تذكر، قال كنت أداين الناس، فآمر فتياني أن يُنظِروا المعسر ويتجوزوا عن الموسر، قال: قال الله عز وجلّ: أنا أحق بذلك منك، تجاوزوا عن عبدي».
نعم عزيزي القارئ، إن الشعور بمعاناة الناس والسعي في قضاء حوائجهم مدعاة لنيل الأجر من الله، والحب والمودة من الناس. وكما ورد في حديث ابن عمر أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس».
وقضاء حوائج الناس بابٌ واسع لا يقتصر على النفع المادي فحسب، لكنه يشمل النفع بالعلم النافع، وبالرأي النافع، وبالمشورة النافعة، والنصح النافع. حقيقة إن الشعور بالآخر والإحساس به بين المؤمنين، إن لم يكن عبادةً يُتقرّب بها إلى الله، فهو من أخلاق الأنبياء. وهذا نبي الله موسى عليه السلام ـ يقُصُ الله علينا نبأه حين وصل إلى قريةٍ متخوفاً من بني إسرائيل، وقد أنهكه التعب، فرأى منظراً استفز فيه شهامته، فتاتان عفيفتان تتحاشيان قوماً من الرعاع وتنتظران حتى يفرغوا.. «فسقى لهما». وهذا نبينا عليه الصلاة والسلام كان من شمائله كما أثنت عليه الوفية خديجة رضي الله عنها «كلا فوالله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتُكسِب المعدوم».
لقد كان المؤمنون يعدّون صاحب الحاجة صاحب فضل عليهم، يقول ابن عباس رضي الله عنه: ثلاثة لا أجازيهم أبداً: رجل وسع لي في المجلس، ورجلٌ بدأني بالسلام، ورجل اغبرّت قدماه في المشي إلى ليسلم علّي. ورابعٌ لا أجازيه إلا بالدعاء، رجل نزلت به ضائقة فبات ليله يفكّر بمن ينزلها، فرآني أهلاً لذلك فأنزلنيها. وأنشد في ذلك منشدٌ فقال:
إذا طارقات الهمّ صاحبت الفتى
وأعملن فكر الليل والليل عاكرُ
وباكرني في حاجةٍ لم يجد لها سواي
ولا من نكبة الدهر ناصرُ
فمان له فضل عليّ بظنه
بيَ الخير وإني للذي ظنّ شاكرُ
نعم قارئي العزيز: إن السعي في قضاء حوائج الناس والشعور بهم من الشفاعة الحسنة التي أمرنا الله تعالى بها «من يشفع شفاعةً حسنة يكن له نصيبٌ منها ومن يشفع شفاعةً سيئةً يكن له كفل منها..» النساء 85، أي من يسعى في أمر فترتب عليه خير كان له نصيبٌ من ذلك، والعكس في الشفاعة السيئة.
وقضاء حوائج الناس إلى جانب ما فيه من توثيق عُرى الأخوة والمحبة بينهم فإنه لون من ألوان الصدقة كما ورد في حديث أبي ذرٍ قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام «على كل مسلم في كلِ يومٍ طلعت عليه الشمس صدقة. قال يا رسول الله من أين نتصدق وليس لنا أموال؟ قال الحبيب المصطفى عليه السلام: من أبواب الصدقة أن تعزل الشوكة عن طريق المسلمين والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتدل المستدلّ على حاجته قد علمت مكانها، وتسعى بشدةٍ إلى اللهفان، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف. كل ذلك من أبواب الصدقة».
ويعلم الله أن لو كل واحد منا طبّق هذا الحديث كما ورد، لبقيت مساحات الحب والود في تزايد مع كل طلعة شمس، ولبرزت عِظمَة أخوّة المؤمنين شامخةً لكل الناظرين، ولما وجد الحاقدون ما يفرّقون به بيننا. إنها وصية نبوية عظيمة تُشعرنا بأننا كالجسد الواحد بالفعل. وهنا وعندما يستعيد المجتمع هذه الروح الإيمانية فسيدرأ عنه الكثير من الأحقاد، وستضعف في نفوس الحسّاد الرغبة في زرع الفتن، وإذكاء نار الخلاف والصراع بين الإخوة في الإيمان.