المعلم والأسد وخط الدماء
السبت / 9 / رجب / 1437 هـ - 21:45 - السبت 16 أبريل 2016 21:45
لا يستحي وزير خارجية الدمار السوري وليد المعلم من الدفاع المستميت عن رئيسه بشار الأسد ووصفه بأنه خط أحمر، وتعنته قبيل مفاوضات جنيف الشهر الماضي بأنه لن يتحاور مع من يتحدث عن مقام الرئاسة.
جاءت هذه الحمية احتجاجا على حديث مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، عن انتخابات رئاسية سورية ستجري في غضون 18 شهرا. وحينما رفضها المعلم، قال إن الانتخابات حق أصيل للشعب السوري، وهو وحده من يقرره. وكأنما العالم لا يرى ولا يفهم أين هو الشعب السوري الذي يتحدث عنه بعد حريق روما.
ذكرني هذا بالمثل القائل «كل فتاة بأبيها معجبة» وانطبق فيما قبل على بنات حكام طغاة مثل رغد صدام حسين وعائشة القذافي. فقد وصفت رغد والدها بالبطل والإنسان الوطني وزعمت أنه تعرض للغدر من المقربين إليه. وإن لم تفهم رغد طبيعة الجراح والألم الذي تسبب فيه والدها لأهل العراق بفظائعه الكبيرة من مذابح وقمع ودفن للعزل وهم أحياء وحرق للقرى بأهلها، فقد رأت أن تتعالى على جراحها الشخصية، وأن تكبت لوعتها ودمعها لأن أباها هو قاتل زوجها. كان ذلك عندما لجأت رغد ورنا ابنتا صدام حسين إلى الأردن أول مرة في أغسطس عام 1995م مع زوجيهما حسين كامل حسن المجيد الذي كان وزيرا للصناعة في عهد صدام، وشقيقه صدام كامل المسؤول عن حماية الرئيس العراقي وعدد من عائلة المجيد بعد أن أعلنوا انشقاقهم على نظام صدام حسين. وبعد أن أقنعهم صدام بالعودة إثر عفو حصلوا عليه منه، عادوا إلى العراق فأجبر زوجي رغد ورنا على تطليقهما وأعدمهما مع عائلتيهما في فبراير 1996م.
لم تكتف رغد بفعل أبيها في زوجها وإنما قامت بتبريره بأن كل العائلات تحدث فيها خلافات، بل خرجت إلى الأضواء مكذبة عملية القبض عليه وإعدامه بقولها إن والدها حي يرزق وهو على اتصال دائم بها. ذلك الحي الذي يرزق سقط نظامه على يد القوات الأمريكية وفر مخلفا بطولاته وراءه. لم يترك أثرا إلا أنه بعد الحرب تم الإبلاغ عن مشاهدات عدة له، لم يتم التبين منها ولكن ظهر عدد من التسجيلات الصوتية المنسوبة إليه. بعد وضعه على رأس قائمة المطلوبين، تم اعتقال العديد من أفراد نظامه، وقتل ابناه عدي وقصي في يوليو 2003م خلال اشتباكات مع القوات الأمريكية في الموصل. وبعدها سل من حفرة في مزرعة «الفجر الأحمر» بالقرب من تكريت بعد أن أبلغ عنه أحد أقاربه، ومن مخبئه إلى محاكمته إلى إعدامه. هل نكذب كل ما جرى تحت سمع وأبصار العالم لنصدق إفك رغد؟
بعدها جاء دور عائشة القذافي التي فرت إلى الجزائر مع والدتها وعدد من أفراد أسرتها، واستقبلتهم الجزائر لدواع إنسانية. ومن مخبئها أعلنت في تسجيل صوتي لأحد أفراد أسرة القذافي أن والدها «بخير ويقاتل». لم تكتف بهذا بل اتهمت المجلس الانتقالي بالخيانة مما دعا السلطة الجديدة في ليبيا حينها إلى التصريح بأنه بصدد توجيه طلب رسمي إلى الحكومة الجزائرية لتسليمه عائشة بسبب تطاولها المعلن على قيادات المجلس.
ومثلما فعلت رغد من قبل فإن عائشة دافعت عن أبيها ضد قوات التحالف عند باب العزيزية حيث مقر إقامته ووصفته بأنه هو «المجد والعزة والكرامة»، وواصلت مدح والدها الهارب: «إنه يحق لليبيين أن يفخروا بقائدهم العظيم، فهو بخير والحمد لله، ومعنوياته مرتفعة، يحمل السلاح ويقاتل هو وأبناؤه». وظلت تهرف إلى أن لقي مصيرا أفظع من مصير صدام حسين.
لو كان «المعلم» يتعظ لأخذ العبرة من مصير أولئك الذين حكموا بالحديد والنار، أين هم الآن، ولتحسس بعض من حكمة تنقذه من النتيجة الحتمية لكل طاغية.
mona.a@makkahnp.com
جاءت هذه الحمية احتجاجا على حديث مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، عن انتخابات رئاسية سورية ستجري في غضون 18 شهرا. وحينما رفضها المعلم، قال إن الانتخابات حق أصيل للشعب السوري، وهو وحده من يقرره. وكأنما العالم لا يرى ولا يفهم أين هو الشعب السوري الذي يتحدث عنه بعد حريق روما.
ذكرني هذا بالمثل القائل «كل فتاة بأبيها معجبة» وانطبق فيما قبل على بنات حكام طغاة مثل رغد صدام حسين وعائشة القذافي. فقد وصفت رغد والدها بالبطل والإنسان الوطني وزعمت أنه تعرض للغدر من المقربين إليه. وإن لم تفهم رغد طبيعة الجراح والألم الذي تسبب فيه والدها لأهل العراق بفظائعه الكبيرة من مذابح وقمع ودفن للعزل وهم أحياء وحرق للقرى بأهلها، فقد رأت أن تتعالى على جراحها الشخصية، وأن تكبت لوعتها ودمعها لأن أباها هو قاتل زوجها. كان ذلك عندما لجأت رغد ورنا ابنتا صدام حسين إلى الأردن أول مرة في أغسطس عام 1995م مع زوجيهما حسين كامل حسن المجيد الذي كان وزيرا للصناعة في عهد صدام، وشقيقه صدام كامل المسؤول عن حماية الرئيس العراقي وعدد من عائلة المجيد بعد أن أعلنوا انشقاقهم على نظام صدام حسين. وبعد أن أقنعهم صدام بالعودة إثر عفو حصلوا عليه منه، عادوا إلى العراق فأجبر زوجي رغد ورنا على تطليقهما وأعدمهما مع عائلتيهما في فبراير 1996م.
لم تكتف رغد بفعل أبيها في زوجها وإنما قامت بتبريره بأن كل العائلات تحدث فيها خلافات، بل خرجت إلى الأضواء مكذبة عملية القبض عليه وإعدامه بقولها إن والدها حي يرزق وهو على اتصال دائم بها. ذلك الحي الذي يرزق سقط نظامه على يد القوات الأمريكية وفر مخلفا بطولاته وراءه. لم يترك أثرا إلا أنه بعد الحرب تم الإبلاغ عن مشاهدات عدة له، لم يتم التبين منها ولكن ظهر عدد من التسجيلات الصوتية المنسوبة إليه. بعد وضعه على رأس قائمة المطلوبين، تم اعتقال العديد من أفراد نظامه، وقتل ابناه عدي وقصي في يوليو 2003م خلال اشتباكات مع القوات الأمريكية في الموصل. وبعدها سل من حفرة في مزرعة «الفجر الأحمر» بالقرب من تكريت بعد أن أبلغ عنه أحد أقاربه، ومن مخبئه إلى محاكمته إلى إعدامه. هل نكذب كل ما جرى تحت سمع وأبصار العالم لنصدق إفك رغد؟
بعدها جاء دور عائشة القذافي التي فرت إلى الجزائر مع والدتها وعدد من أفراد أسرتها، واستقبلتهم الجزائر لدواع إنسانية. ومن مخبئها أعلنت في تسجيل صوتي لأحد أفراد أسرة القذافي أن والدها «بخير ويقاتل». لم تكتف بهذا بل اتهمت المجلس الانتقالي بالخيانة مما دعا السلطة الجديدة في ليبيا حينها إلى التصريح بأنه بصدد توجيه طلب رسمي إلى الحكومة الجزائرية لتسليمه عائشة بسبب تطاولها المعلن على قيادات المجلس.
ومثلما فعلت رغد من قبل فإن عائشة دافعت عن أبيها ضد قوات التحالف عند باب العزيزية حيث مقر إقامته ووصفته بأنه هو «المجد والعزة والكرامة»، وواصلت مدح والدها الهارب: «إنه يحق لليبيين أن يفخروا بقائدهم العظيم، فهو بخير والحمد لله، ومعنوياته مرتفعة، يحمل السلاح ويقاتل هو وأبناؤه». وظلت تهرف إلى أن لقي مصيرا أفظع من مصير صدام حسين.
لو كان «المعلم» يتعظ لأخذ العبرة من مصير أولئك الذين حكموا بالحديد والنار، أين هم الآن، ولتحسس بعض من حكمة تنقذه من النتيجة الحتمية لكل طاغية.
mona.a@makkahnp.com