شاب هندي يبيع كليته بحثا عن الحياة فتخيب آماله في الهجرة
السبت / 9 / رجب / 1437 هـ - 22:15 - السبت 16 أبريل 2016 22:15
تأتي رواية «عام الهاربين» لسانجيف ساهوتا في الوقت الذي تتناقل فيه وكالات الأنباء أخبار المخيمات الموقتة التي تغص بطالبي اللجوء في أوروبا، والصور البائسة للقوارب المليئة باللاجئين التي تغرق في البحر بين الحين والآخر في شتى أرجاء البحر المتوسط. والنظام السياسي الأوروبي يعيد ترتيب نفسه في محاولة للتعامل مع أزمة غير مسبوقة، ربما تغير المكونات البشرية للقارة الأوروبية بمعايير تاريخية.
صدمة الهجرة
لا تتعامل الرواية مع الأحداث الحالية بشكل مباشر، لكنها محبوكة بشكل واقعي مركب لمجموعة من الهنود الذين جاؤوا إلى إنجلترا بحثا عن العمل تذكرنا بشكل قوي بما يسعى إليه المهاجرون الذين يأتون إلى الغرب، وهو ما يلخصه الشاب الهندي «افتار» حين يفكر ويتأمل الانطباعات الأولى عن تجربته في محيطه الجديد «القطارات وصلت في الوقت الذي قالت فيه اللوحات الالكترونية إنها ستصل. الحارس لم يتوقع أن يحصل منه على رشوة لإرشاده إلى الاتجاه الصحيح. السيارات كانت تسير في الشوارع بشكل منتظم. جميع المؤشرات تدل على بلد يدار بشكل جيد. بلد عادل. بلد يساعد شعبه. بلد ربما يساعده هو أيضا».
(افتار) فقد عمله كسائق حافلة في مدينته (امريتسار) في الهند، وعندما تلاشى أمله في العثور على عمل آخر، باع كليته ليدفع تكاليف الحصول على تأشيرة طالب تسمح له بالسفر إلى إنجلترا، رغم أنه لا ينوي الذهاب إلى أي مدرسة أو جامعة. ولأن ثمن كليته لم يكن كافيا لتغطية جميع التكاليف، اضطر للاستدانة من مراب هندي ينفذ أقاربه زيارات تهديدية كل شهر لجمع الفوائد من المدينين.
معاناة الحياة
يعيش افتار مع شباب آخرين في شقة صغيرة في مدينة شفيلد الإنجليزية. (رانديب) شاب ارتبط بزواج مصلحة من شابة إنجليزية من أصل هندي استطاع من خلاله الحصول على إقامة في البلد. و(توتشي) ينتمي لطبقة «المحظور لمسهم» الهندية المنبوذة، وهو أكبرهم سنا. العثور على عمل والاحتفاظ به هو الشغل الشاغل للمهاجرين، وهم يتنقلون من العمل في ورشة بناء إلى مطعم إلى ناد ليلي وحتى في مصلحة المجاري. يعاني الثلاثة من متاعب كثيرة، وهم ينامون أحيانا جالسي القرفصاء في أماكن عملهم تحت جسور القطارات وأماكن أخرى.
صراع الأخلاق
لكن الشخصية التي تجسد الصراع الأخلاقي الحقيقي للرواية الشخصية الرابعة في القصة، هي شابة بريطانية من أصل هندي اسمها (ناريندر). سيخية ملتزمة، ساعدت (رانديب) في الحصول على تأشيرة الإقامة في إنجلترا من خلال زواجها الصوري منه. تعيش (ناريندر) صراعا بين إطاعة أهلها الذين يعترضون على تسرعها في مساعدتها لرانديب وبين قناعاتها الإنسانية والدينية بضرورة مساعدة الآخرين. المثالية العميقة لهذه الشخصية تعكس ظلالا من شخصية (الأميرة ماريا) في رواية تولستوي «الحرب والسلام» وشخصية (دوروثي بروك) في رواية جورج إليوت «ميدل مارش»، واللتين تعدان شخصيتين كلاسيكيتين تجسدان الإيثار بأسمى معانيه.
بالرغم من أن النظام في بريطانيا لا يقف حجر عثرة بشكل حقيقي أمام حياة المهاجرين، حتى الذين يخالفون شروط إقامتهم، إلا أنه كذلك لا يساعدهم كما كان افتار يعتقد ويأمل في البداية. النظام بكل بساطة لا يكترث بهم، ومعظم الأوضاع المؤسفة في الرواية تنبع من الصمت الرهيب الذي يواجهه المهاجرون في إطار بحثهم عن حلول لإحباطاتهم وخيبات أملهم.
عام الهاربين
الكاتب: سانجيف ساهوتا
الناشر: نوبف، 2016
صدمة الهجرة
لا تتعامل الرواية مع الأحداث الحالية بشكل مباشر، لكنها محبوكة بشكل واقعي مركب لمجموعة من الهنود الذين جاؤوا إلى إنجلترا بحثا عن العمل تذكرنا بشكل قوي بما يسعى إليه المهاجرون الذين يأتون إلى الغرب، وهو ما يلخصه الشاب الهندي «افتار» حين يفكر ويتأمل الانطباعات الأولى عن تجربته في محيطه الجديد «القطارات وصلت في الوقت الذي قالت فيه اللوحات الالكترونية إنها ستصل. الحارس لم يتوقع أن يحصل منه على رشوة لإرشاده إلى الاتجاه الصحيح. السيارات كانت تسير في الشوارع بشكل منتظم. جميع المؤشرات تدل على بلد يدار بشكل جيد. بلد عادل. بلد يساعد شعبه. بلد ربما يساعده هو أيضا».
(افتار) فقد عمله كسائق حافلة في مدينته (امريتسار) في الهند، وعندما تلاشى أمله في العثور على عمل آخر، باع كليته ليدفع تكاليف الحصول على تأشيرة طالب تسمح له بالسفر إلى إنجلترا، رغم أنه لا ينوي الذهاب إلى أي مدرسة أو جامعة. ولأن ثمن كليته لم يكن كافيا لتغطية جميع التكاليف، اضطر للاستدانة من مراب هندي ينفذ أقاربه زيارات تهديدية كل شهر لجمع الفوائد من المدينين.
معاناة الحياة
يعيش افتار مع شباب آخرين في شقة صغيرة في مدينة شفيلد الإنجليزية. (رانديب) شاب ارتبط بزواج مصلحة من شابة إنجليزية من أصل هندي استطاع من خلاله الحصول على إقامة في البلد. و(توتشي) ينتمي لطبقة «المحظور لمسهم» الهندية المنبوذة، وهو أكبرهم سنا. العثور على عمل والاحتفاظ به هو الشغل الشاغل للمهاجرين، وهم يتنقلون من العمل في ورشة بناء إلى مطعم إلى ناد ليلي وحتى في مصلحة المجاري. يعاني الثلاثة من متاعب كثيرة، وهم ينامون أحيانا جالسي القرفصاء في أماكن عملهم تحت جسور القطارات وأماكن أخرى.
صراع الأخلاق
لكن الشخصية التي تجسد الصراع الأخلاقي الحقيقي للرواية الشخصية الرابعة في القصة، هي شابة بريطانية من أصل هندي اسمها (ناريندر). سيخية ملتزمة، ساعدت (رانديب) في الحصول على تأشيرة الإقامة في إنجلترا من خلال زواجها الصوري منه. تعيش (ناريندر) صراعا بين إطاعة أهلها الذين يعترضون على تسرعها في مساعدتها لرانديب وبين قناعاتها الإنسانية والدينية بضرورة مساعدة الآخرين. المثالية العميقة لهذه الشخصية تعكس ظلالا من شخصية (الأميرة ماريا) في رواية تولستوي «الحرب والسلام» وشخصية (دوروثي بروك) في رواية جورج إليوت «ميدل مارش»، واللتين تعدان شخصيتين كلاسيكيتين تجسدان الإيثار بأسمى معانيه.
بالرغم من أن النظام في بريطانيا لا يقف حجر عثرة بشكل حقيقي أمام حياة المهاجرين، حتى الذين يخالفون شروط إقامتهم، إلا أنه كذلك لا يساعدهم كما كان افتار يعتقد ويأمل في البداية. النظام بكل بساطة لا يكترث بهم، ومعظم الأوضاع المؤسفة في الرواية تنبع من الصمت الرهيب الذي يواجهه المهاجرون في إطار بحثهم عن حلول لإحباطاتهم وخيبات أملهم.
عام الهاربين
الكاتب: سانجيف ساهوتا
الناشر: نوبف، 2016