الرأي

حيرة الماء بعد أن يغادر السماء!

عبدالله المزهر
من باب التفاؤل والنظر إلى نصف النفق الفارغ فإن الآثار التي تخلفها الأمطار التي تزورنا على فترات متقطعة ليست كلها سيئة، وفيها لمحات جميلة.

على سبيل المثال فإن مشاهدة مبنى هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» في وسط شوارع غارقة في فساد التصريف حتى أذنيها أمر محرض على التبسم أكثر من أي أمر آخر. ومن الأمور التي لا تخلو من الجمال رؤية لوحة دعائية ووعظية لذات الهيئة ـ أعني الهيئة التي يمكن أن نكتب عنها ـ تغمرها المياه على ضفاف شارع يخنقه الفساد، وقد كتب عليها بخط جميل: «الفساد تعطيل للتنمية».

استمرار مثل هذه الصور قد يشكل خطرا على رسامي الكاريكاتير، فالأمر لم يعد يحتاج إلى مجهود الرسم والتفكير، صورة فتوجرافية ملتقطة بجوال لأي من المشاهد السابقة أو ما شابهها ستكفي وتزيد وستبدو وكأنها رسم كاريكاتوري لفنان يمتلك حسا ساخرا عظيما!

مشاهدة أمناء المدن وهم يلتقطون السيلفي في الشوارع التي جعلوا مياه الأمطار وهي تسير فيها في «حيرة من أمرها» تشبه مشاهدة حارس المرمى وهو يلتقط الكرة من مرماه بعد أن تسبب في هدف ساذج كان يمكن أن يتصدى له بأقل مجهود ممكن!

من الأمور التي تلفت النظر لسرياليتها مشاهدة «حيرة الماء» وهو تائه في الطرقات لا يدري أين يذهب في مدن يفترض أن المياه فيها سهلة التصريف لأنها مدن ترتفع عن سطح البحر آلاف الأمتار.

وعلى أي حال..

حين تشعر أنك بحاجة إلى قارب أو غواصة حتى تسير في طرقات مدينة لم تتعرض لفيضانات ولا أعاصير، وحين تعلق الدراسة ويخشى الناس الذهاب إلى أعمالهم لأنهم يخافون من «الرحمة»، فلا تفكر كثيرا في الهيئات ولا في الأمانات لأنه سيكون تفكيرا عديم الجدوى، فقط ارفع يديك إلى السماء منبع المطر، وقل: اللهم أفسد فرحة من أفسد فرحة الناس بالمطر!

algarni.a@makkahnp.com