الرأي

الطوارق بين نبيذ المغرب وجرافات الجزائر

تفاعل

إبراهيم الأنصاري
لا ينقضي العجب من تصرفات بعض الساسة واستخفافهم بالآدمي الذي كتب عليه قدرا أن يكون مادة للمزايدة والاستغلال مرة بعد أخرى.

منذ أيام عدة انتشر خبر اختيار شركة مغربية لصناعة النبيذ من مكناس اسم الطوارق وصورتهم شعارا لمنتجها في تصرف أثار موجة من الاستهجان لدى المعنيين في مختلف الدول، كون الغالبية العظمى من شعب الطوارق أمة محافظة تعيش في مجاهيل الصحاري، وإن دخلت المدن يوما فمعروف عنها شدة المحافظة على تدينها، ولا شك أن تسمية نبيذ باسمهم يعد إهانة مباشرة واستخفافا واضحا بأمة هذا حالها، ولعل من نافلة القول إن المالكين للمصنع لو عرض عليهم تسميته باسم أحدهم أو حتى باسم المدينة التي ينتج فيها لكن الرفض مصير العرض ولكن الطوارق لا بواكي لهم.

وبما أن الفاعل شركة مغربية وكل متابع يعلم يقينا التجاذب السياسي الحاد والاحتقان بين الجارتين المغرب والجزائر، وحيث إن الجزائر تعد من أكبر محاضن الطوارق وفضاءات وجودهم فما كان لهم تفويت هذه الفرصة التي جاءتهم على طبق من ذهب، فبادر الساسة والمقامرون بمشاعر البسطاء استنكارا وشجبا وارتفع صوت النواب في البرلمان في وصف لفعل الشركة بالإهانة المقصودة التي تستوجب ردا قويا مباشرا، وتحركت تبعا لذلك الآلة الإعلامية لتصب الزيت على نار جرح الطوارق دون أن تقدم لا هي ولا الساسة غير الكلام الذي يذهب أدراج الرياح.

وما هي إلا أيام قلائل حتى باغتت جرافات الجزائر حي القمر العشوائي الذي يقطنه فقراء الطوارق الذين رضوا بالعيش فيه على سوء حاله ومع ذلك كله لم تجد استغاثة الضعفاء أمام إصرار معدات الهدم والإزالة ليصبح الحي أثرا بعد عين، ويكون العراء هو المأوى الذي ينتظر طوارق حي القمر.. أليس هؤلاء الطوارق هم الذين كان يدافع عنهم الإعلام الجزائري قبل لحظات؟؟

ومن جانب آخر واستمرارا لاستغلال الأحداث إعلاميا وسياسيا كان خبر حي القمر موضوعا للأخذ والرد والتنديد المغربي، وبذلك يصبح الطوارق ميدانا لحرب تدار بعض معاركها باسمهم من غير أن يكون لهم فيها نفع ولا مصلحة، فلا الجزائر من نبيذ المغرب عفتهم، ولا المغرب من جرافات الجزائر حماهم.

خاتمة: رحم الله بغلة عاشت بالعراق زمن عمر.