ماذا تريد السعودية من العرب وماذا يريد العرب منها
الأربعاء / 6 / رجب / 1437 هـ - 20:45 - الأربعاء 13 أبريل 2016 20:45
عندما توفي الملك عبدالعزيز مؤسس المملكة العربية السعودية الثالثة كان عمر الملك سلمان آنذاك يناهز العشرين عاما. ويعلم الجميع أن شابا في العشرين من عمره يكون قد أنهى السنة الثانية في الجامعة، وربما قد انضم كعضو في نقابة أو اتحاد طلبة، وفي سن تسمح له بأن يكون على دراية كاملة بما يحدث على المستوى السياسي. والملك سلمان حفظه الله من المؤكد أنه قبل تلك السن كان يتردد على ديوان والده المؤسس ويرى ويسمع كيف تجري أمور السياسة. معنى هذا كله أن الملك سلمان حفظه الله قد عاصر نشأة هذه الدولة وبناءها لبنة لبنة. عاصر مشاكلها مع دول الجوار وتبلور سياستها الخارجية والتحديات الإقليمية في تلك الفترة والأزمات الداخلية. صحيح أنه كان حاكما إداريا لفترة تقارب نصف قرن بعد ذلك إلا أنه ظل أحد صناع القرار في البلد كما يعلم الجميع. كل هذه التجربة الطويلة التي قاربت ستين أو سبعين سنة في السياسة بلورت عقيدة سياسية راسخة للملك.
الذي أريد أن أناقشه هنا هو علاقة العرب بالسعودية وعلاقة السعودية بالعرب. فبالرغم من أن قوانين الدولة وأجهزتها ومعاملاتها أسست على أيدي مستشارين ومعاونين وساسة عرب مع الملك عبدالعزيز؛ إلا أن الذي يحكم هذه العلاقة إلى الآن هو الإرث السياسي القادم من حقبة الستينيات. فترة التصادم بين العسكر والملوك، والتي انتهت لصالح الملوك كما يرى الجميع. ليست كل حجج العسكر صائبة في ذلك الوقت، وبذات الوقت ليست كل حجج الملوك صائبة أيضا، فصحيح أن بعض الممالك كانت مثقلة بالجهل والأمية والفقر، لكن العسكر قدموا حداثة وصناعة مرفقة بالحديد والنار والإعدامات والتعذيب. عموما ليس هذا موضوعنا لكن أردت أن أشير إلى أن إرث تلك الحقبة فرض حالة عدم ثقة بين السعودية وأنظمة الجمهوريات العربية. استطاعت السعودية تدجين نظام السادات وقامت بمداراة حافظ - بعد أن انضم علانية للمحور الإيراني في حرب العراق وإيران - إلى أن هلك، ونشبت حرب شاملة بينها وبين صدام، وما زال صالح يثير القلاقل في جنوب الجزيرة العربية.
كل هذا كوّن علاقة لا ثقة بين جمهوريات العسكر والسعودية. والذي برأيي أسهم في زيادة الفجوة بين المجتمعات العربية والسعودية هو التدابير التي اتخذتها السعودية في بداية الربيع العربي والذي ربما اعتبرته السعودية مثل موجة احتجاجات الستينيات التي أيدها جمال عبدالناصر. وأنا متأكد تماما لو أن الزمن يعود للوراء لربما تغير التعاطي مع أحداث الربيع العربي. اليوم كل الشارع العربي يقف خلف السعودية، وقد تفاجأت عندما حضرت أحد المؤتمرات في الخارج ووجدت عراقيين وسوريين ومصريين يشيدون بالسياسة الخارجية السعودية.
مما يعني أنه من الممكن أن نعيد الثقة بيننا وبين مختلف المجتمعات العربية. الذي يريده العرب من السعودية الآن هو عدم وصاية السعودية على قراراتهم الداخلية والخارجية، وفي ذات الوقت تريد السعودية من العرب عدم تهديد أمنها أو إسقاط نظامها السياسي أو تبني رؤى سياسية مثل رؤية «نفط العرب للعرب» وغيرها من الأطماع التي تغذيها الأحقاد الاجتماعية بين المجتمعات العربية. نحن الآن أعتقد أننا تجاوزنا مرحلة تلك المعارك الوضيعة بين سكان الخليج وباقي أقطار العالم العربي مثل معارك «عرب الشمال وبتوع المعيز أو البدو..» ومقبلين على مرحلة إعادة بعث الهوية العربية على أساس الوحدة وليس على أساس الاستغلال ووصاية طرف على آخر.
fayed.a@makkahnp.com
الذي أريد أن أناقشه هنا هو علاقة العرب بالسعودية وعلاقة السعودية بالعرب. فبالرغم من أن قوانين الدولة وأجهزتها ومعاملاتها أسست على أيدي مستشارين ومعاونين وساسة عرب مع الملك عبدالعزيز؛ إلا أن الذي يحكم هذه العلاقة إلى الآن هو الإرث السياسي القادم من حقبة الستينيات. فترة التصادم بين العسكر والملوك، والتي انتهت لصالح الملوك كما يرى الجميع. ليست كل حجج العسكر صائبة في ذلك الوقت، وبذات الوقت ليست كل حجج الملوك صائبة أيضا، فصحيح أن بعض الممالك كانت مثقلة بالجهل والأمية والفقر، لكن العسكر قدموا حداثة وصناعة مرفقة بالحديد والنار والإعدامات والتعذيب. عموما ليس هذا موضوعنا لكن أردت أن أشير إلى أن إرث تلك الحقبة فرض حالة عدم ثقة بين السعودية وأنظمة الجمهوريات العربية. استطاعت السعودية تدجين نظام السادات وقامت بمداراة حافظ - بعد أن انضم علانية للمحور الإيراني في حرب العراق وإيران - إلى أن هلك، ونشبت حرب شاملة بينها وبين صدام، وما زال صالح يثير القلاقل في جنوب الجزيرة العربية.
كل هذا كوّن علاقة لا ثقة بين جمهوريات العسكر والسعودية. والذي برأيي أسهم في زيادة الفجوة بين المجتمعات العربية والسعودية هو التدابير التي اتخذتها السعودية في بداية الربيع العربي والذي ربما اعتبرته السعودية مثل موجة احتجاجات الستينيات التي أيدها جمال عبدالناصر. وأنا متأكد تماما لو أن الزمن يعود للوراء لربما تغير التعاطي مع أحداث الربيع العربي. اليوم كل الشارع العربي يقف خلف السعودية، وقد تفاجأت عندما حضرت أحد المؤتمرات في الخارج ووجدت عراقيين وسوريين ومصريين يشيدون بالسياسة الخارجية السعودية.
مما يعني أنه من الممكن أن نعيد الثقة بيننا وبين مختلف المجتمعات العربية. الذي يريده العرب من السعودية الآن هو عدم وصاية السعودية على قراراتهم الداخلية والخارجية، وفي ذات الوقت تريد السعودية من العرب عدم تهديد أمنها أو إسقاط نظامها السياسي أو تبني رؤى سياسية مثل رؤية «نفط العرب للعرب» وغيرها من الأطماع التي تغذيها الأحقاد الاجتماعية بين المجتمعات العربية. نحن الآن أعتقد أننا تجاوزنا مرحلة تلك المعارك الوضيعة بين سكان الخليج وباقي أقطار العالم العربي مثل معارك «عرب الشمال وبتوع المعيز أو البدو..» ومقبلين على مرحلة إعادة بعث الهوية العربية على أساس الوحدة وليس على أساس الاستغلال ووصاية طرف على آخر.
fayed.a@makkahnp.com