الرأي

سرطان الفكر

رزان محمد باعبدالله
عندما تخشى المجهول فأنت تستمر بالالتفاف حول نفسك دون أن تتقدم نصف خطوة للأمام فتكون عالقا في الخيالات الواهمة التي يصورها لك عقلك. عندما تكون الأول أيضا فإنك قد تتردد لأنك تهاب عواقب الخوض في موضع تكون فيه الأول.

يواجه الإنسان المتمدن البالغ خوفا من المجهول زرع في نفسه منذ الصغر ويربو مع التقدم في العمر. أذكر مثالا من أيام المدرسة عن الخوف وهو احتمالات مجابهة طفل

لا يدرك معنى الخوف لأسد تتمثل في أنه قد يذهب باتجاهه محاولا استكشافه إذ لم يكن عارفا للخوف بعد.

لا يمكن إنكار الخطر لأنه حقيقي ولكن الخوف تصورات ذهنية تمنع الإنسان من التصرف بطريقة صحيحة عند مواجهة الخطر. وكوننا لا نقطن الغابات فالخطر ليس محصورا في أسود البراري فحسب بل يأتي على هيئات متعددة كالمخاطر الفكرية التي تطرأ على النقاشات فيصدها المرء خوفا من تغير أفكاره المؤطرة ومألوفاته وما نشأ وشب وعاش عليه. لذا فإنه يتعامل معها بخوف ويلوي رأسه عنها فكل حزب بما لديهم فرحون.

في عام 1994 عاش موقع أمازون تجربة ألمعية من نوعها كونه الموقع الرائد وله المرجعية الأولية للشراء عبر الانترنت ورغم أنه أمضى سنواته الأولى دون أرباح إلا أنه كان يبني شبكة ذات أساسيات عريقة في عالم التجارة الالكترونية وهو اليوم يدر أرباحا وافرة ذات قيمة سوقية عالية.

باختصار، إما أن تكون الأول أو الأفضل، لا ترضى بأقل من هذا. ولتحقيق هذا يلزم الأمر الكثير من الشجاعة والاندفاع والسيطرة على الخوف.

اللحظة التي تتوقف فيها عن تجربة شيء جديد أو الخوض في تجربة تكون فيها الأول هي لحظة تخسر فيها نفسك وكل الأبواب التي يمكن أن تفتح لك. فالخوف ينهش في الفكر ويصيبه بالشلل. فقط عندما ترى في كل مشكلة فرصة للنجاح وفي كل اجتماع فرصة لنقاش يفتح آفاق جديدة وفي كل كتاب فرصة للتغيير وفي كل طائرة تصعد على متنها لرحلة مرهقة فرصة لبناء علاقات مثمرة وفي كل كوب قهوة فرصة للإلهام حينها يمكن أن تكون أنت أنت الذي تصورته في خيالاتك وأحلامك.