العالم

هكذا انسجم الصوت الأزهري مع السياسة السعودية

مصر العرب

لم تكن مشيخة الأزهر - أقدم مرجعية دينية سنية في العالم العربي- على مر السنين بعيدة عن السياسية، ويتجلى ذلك في مواقف برزت أخيرا، أكدت وقوف هذه المرجعية إلى جانب التوافق العربي ووحدة الأمة والصف والتصدي لكل من يحاول اختراق الصف العربي الواحد.

وعلى الدوام تلقى مواقف مشيخة الأزهر التي تؤمن بالثقل الديني والسياسي والتاريخي للمملكة أو شيخها أو نوابه صدى واسعا في العالم الإسلامي، نظير الثقل الديني والتاريخي لهذه المؤسسة وتمثيلها منبرا من منابر الاعتدال في العالم الإسلامي.

هذا الثقل كان منطلقا لمحاولات اختراقه من قبل بعض دول كإيران على سبيل المثال ومن يسير في فلكها، والتي سعت كثيرا إلى اختراق صف هذه المرجعية، لكنها لم تتمكن من ذلك.

الأزهر وإشارة نجاد

قبل نهاية ولايته، قرر الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد زيارة القاهرة وضع زيارة مشيخة الأزهر ضمن برنامج الزيارة وهذا ما تم بالفعل.

التقاه الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر في بهو المشيخة دون أدنى بروتوكول.

كان في ذلك رسالة واضحة من الطيب للرئيس الإيراني، قابلها نجاد بالتفاته لأحد المصورين رافعا شارة النصر في يده أمام مدخل مقر الأزهر.

لم يدع الطيب الموقف يمر مرور الكرام في لحظتها، وطالب صراحة الرئيس الإيراني بالكف عن ما تسوقه بعض الفضائيات الإيرانية والصحف من سب وقذف للصحابة وزوجات الرسول عليه الصلاة والسلام كناية عن غضب من تمادي السياسات الإيرانية في المنطقة، بالإضافة إلى نشر التشيع.

ولم يكتف الأزهر أيضا بذلك، بل أصدر بيان بعيد خروج نجاد على الفور، طالب فيه إيران بالكف بالتدخل في شؤون الخليج بلغة صريحة وباحترام البحرين كدولة عربية شقيقة.

الطيب لإيران: أوقفوا أموال التشيع

هاجس التمدد الشيعي لم يكن وليد اليوم، ففي أعقاب الثورة الخمينية في إيران في نهاية السبعينات بدا واضحا سعي الثورة الخمينية للهيمنة على المنطقة، وكان نشر التشيع في المنطقة واحدا من أهم أدوات تنفيذ تلك السياسة، إلى أن بلغ الأمر ترغيب أبناء العالم العربي بالمذهب عبر «المال السياسي».

تسلل ذلك الهاجس من أروقة السياسة إلى الأزهر الشريف، وخرج أحمد الطيب يوما متهما إيران «بضخ المال السياسي» لتحويل شباب السنة في مصر إلى المذهب الشيعي، خاطب الطيب حينها الإيرانيين بلغة حادة، حين قال «أخرجوا الدين من ألاعيب السياسة، أنفقوا أموالكم الفائضة عن حاجتكم على الفقراء والبؤساء الذين أضرتهم الحروب»، في اتهام واضح لطهران بإدارة تلك الحروب.

رفض ممارسات حزب الله والحشد الشعبي

وليس بعيدا عن إيران، باعتبارها المغذي والأب الروحي لحزب الله اللبناني والحشد الشعبي في العراق، وهما الموغلان في الدم دخل الأزهر الشريف على خط الإجماع العربي الذي يرفض الإرهاب الذي يكرسانه ميليشيات الحزب والحشد، وصورة الوحشية الواحدة التي يكفلان تنفيذها في العراق وسوريا ولبنان.

وقرنت مشيخة الأزهر رفضها لتلك الممارسات بشجبها «التدخل الخارجي» في سوريا، في إشارة إلى حزب الله اللبناني بعد تدخله في مناصرة نظام دمشق.

التصدي للجعفري

لم يترك شيخ الأزهر أحمد الطيب مساحة لوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في زيارة له لمقر المشيخة على هامش اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة الشهر الفائت فرصة لتلميع صورة الحشد الشعبي العراقي وتصنيف حزب الله في لبنان كجماعة إرهابية.

أخذ الطيب على عاتقه إصدار بيان بعد تصريحات الجعفري تحت قبة الأزهر الشريف، رفض فيه سعي الجعفري لتلميع صورة الحشد الشعبي وحزب الله اللبناني، في رسالة من الطيب تؤكد فهم استغلال الجعفري حينها لقدسية المشيخة في تلميع ميليشيات أيديها ملطخه بدماء أهل السنة.

إدانة الاعتداء على السفارة

لم تمر حادثة تفجير السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية أيضا في مشهد على يد مجموعات مأجورة من قبل أجهزة الأمن الإيراني مرور الكرام على القاهرة بالعموم والأزهر الشريف بالخصوص، إذ حمل على عاتقه رفض هذه العملية عبر بيان حمل لغة صارمة، أكد تضامن مشيخة الأزهر مع المملكة العربية السعودية ملكا وشعبا ورفض التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للسعودية وأن على إيران احترام علاقة الجوار التي حث عليها الإسلام، وأقرتها المواثيق الدولية.

لماذا يصطف الأزهر مع المملكة؟

بتقليب أوراق تاريخية يلمس مراقب مسيرة الأزهر في علاقته مع المملكة تناغما في الطرح والتفاؤل مسبوقا باحترام عميق متبادل ما بين سياسة المملكة ومؤسسة الأزهر الشريف في حالة سياسية تشبه الاصطفاف الأزهري مع المملكة بكل مؤسساتها.

وتقابل الرياض ذلك حتما طبقا للسياسي المصري الدكتور عمار علي حسن باحترام عميق، مبني على إيمان سعودي بأن الأزهر مؤسسة دينية راسخة في تاريخ أهل السنة، وهذا ما يجعل مؤسسة الأزهر الشريف تقف على الدوام إيجابيا مع المواقف السياسية السعودية.