الرأي

الساديون الجدد

تفاعل

مها الحريب
يتداول الناس في هواتفهم ووسائل التواصل الاجتماعي كل حين صور ومقاطع فيديو لصنف من البشر يحتار الفكر في وصفهم وهم يتفننون في ابتكار الطرق المختلفة لتعذيب حيوان ضعيف لا حول له ولا قوة، فما بين إشعال النار في ذيل ثعلب إلى دهس بعير، والقائمة تطول بسلوكيات شيطانية لا يمكن أن تصدر من شخصية سوية تخشى الله.

احترت في محاولة فهم الدوافع الخفية لتلك السلوكيات السادية والتي تستلذ في مشاهدة هذا الإجرام، بل تجده مسليا وطريفا لدرجة توثيقه بكاميرا الهاتف وإرساله للأصدقاء دون أدنى شعور بالذنب أو الندم!

ربما نقول إن العنف بين البشر أصبح أمرا مألوفا وجزءا من المشهد اليومي في عالمنا، لكن تحوله للحيوانات هو الجديد علينا، وقد تعددت أشكال العنف نحوهم فلم يقتصر الأمر على الإيذاء المباشر للحيوان، بل إن الصيد الجائر وقتل أعداد هائلة من الطيور وغيرها بهدف الاستعراض والهياط هو أيضا إجرام بحق هذه المخلوقات، ولا يمكن القول بأن أحدا لم يسمع بحديث المرأة التي دخلت النار بهرة عذبتها، والبغي التي دخلت الجنة بكلب سقته، لكننا نردد بألسنتنا ما لا نطبق.

ومع تفشي ظاهرة العنف الموجه للحيوانات حان الوقت لاستصدار قوانين تجرم كل من يؤذي حيوانا، ولا بد ألا تقتصر العقوبة على السجن فحسب، بل لا بد من إجبار الفاعل على العلاج النفسي، لأن مثل هذا السلوك السادي العدواني يكشف عن شخصيات تعاني اضطرابا، ولا بد من علاجها حتى لا يستفحل المرض فيها ويزيد عنفها ويمتد للمجتمع، ولتكون رادعا لكل من تسول له نفسه العبث بالحيوانات.

كما أن هذه المستجدات العدوانية تستدعي أيضا إنشاء جمعية للرفق بالحيوان يكمن هدفها الأساسي في حماية هذه المخلوقات المسكينة من طغيان بعض البشر وإجرامهم ونشر ثقافة الإحسان لها ورعايتها أو على الأقل عدم التعرض لها.

وختاما لنتذكر هذا الحديث.. مر ابن عمر رضي الله عنهما بنفر قد نصبوا دجاجة يترامونها، فلما رأوه تفرقوا عنها، فقال ابن عمر: (من فعل هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا).